بدأ ستيفن منوشين، وزير الخزانة في إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، فصلاً جديداً في حياته، بعدما أطل اسمه على الساحة الاستثمارية العالمية كمدير لصندوق للاستثمار المباشر قيمته مليارات الدولارات، جمعها من صناديق ثروة سيادية في الشرق الأوسط. قبل أن يلتحق منوشين بعمله كوزير في إدارة ترامب، كان يعمل منتجاً للأفلام ومصرفياً.
لكن بعودته إلى العمل في قطاع المال، يسير على خطى العديد من وزراء الخزانة السابقين الذين أضحوا من أباطرة المال في العالم. وبحسب ما نقلت وكالة بلومبيرغ الأميركية عن مصادر مطلعة، استطاع منوشين أن يجمع نحو 2.5 مليار دولار في شركته "ليبرتي ستراتيجيك كابيتال"، وكان مصدر معظم الأموال التي جمعها من صناديق ثروة سيادية من الشرق الأوسط، ومنها "صندوق الاستثمارات العامة" السعودي.
في بيان صدر في يوليو/ تموز الماضي للإعلان عن استثمار صندوق "ليبرتي" 200 مليون دولار في شركة للأمن السيبراني، ورد أن الصندوق تأسس خلال العام الحالي، 2021، للتركيز على الاستثمار في قطاع التكنولوجيا، والخدمات المالية، والتكنولوجيا المالية، بالإضافة إلى أنماط جديدة من المحتوى.
وقال متحدث باسم "ليبرتي" إن الشركة لن تعلق على عملية جمع التمويل الجارية، لكن لديها "قاعدة متنوعة من المستثمرين، تضم شركات تأمين من الولايات المتحدة، وشركات إدارة ثروات خاصة، وصناديق ثروة سيادية، ومؤسسات استثمار أخرى".
ويمثل صندوق الاستثمار المباشر عودة إلى نشاط الاستثمار بالنسبة إلى منوشين، البالغ من العمر 58 عاماً، الذي كان واحداً من الأعضاء القلائل في إدارة ترامب ممن أكملوا مدة أعوام الولاية الأربعة.
وقبل انضمامه إلى الحكومة، بدأ منوشين عبر صندوق للتحوط، واستثمر في أفلام هوليوود، ومنها "فيلم الليغو"، و"الفرقة الانتحارية"، كما عمل لمدة 17 عاماً لدى مجموعة "غولدمان ساكس".
عبر شركته "ديون كابيتال مانجمنت"، قاد منوشين فريقاً من المستثمرين، واشترى بنك الرهن العقاري "إندي-ماك" أثناء الأزمة المالية، مستفيداً من مليارات الدولارات التي قدمتها الحكومة لتحفيز الاقتصاد. وأعيدت تسمية البنك "وان - ويست"، وبيع في أغسطس/ آب 2015 مقابل أكثر من ضعف سعر الشراء.
منوشين شخصية غير معروفة نسبياً خارج عالم المال والأعمال، غير أنه شهد زيادة في علاقاته وشهرته بعد أن أصبح وزيراً للخزانة في عام 2017. وقد استطاع أن ينأى بنفسه عن كثير من القضايا الخلافية التي حاصرت إدارة ترامب في كثير من الأحيان، وفي الوقت نفسه ساهم في إعداد خطة تخفيض للضرائب، وتحفيز مالي هائل أنقذت "وول ستريت".
وفي حين كانت لدى منوشين خبرة فعلية في جمع الأموال، وسمعة كمستثمر فطن، فإن الروابط القوية بين إدارة ترامب والشرق الأوسط جعلته يزداد قرباً من بعض أكبر صناديق الثروة السيادية في العالم. وقد سافر إلى المنطقة بصورة منتظمة، وزار عدة بلدان فيها قبل أن يغادر منصبه في الحكومة في يناير/ كانون الثاني.
بعودته إلى العمل في قطاع المال، يسير منوشين على خطى وزراء الخزانة السابقين، مثل تيم غايتنر، الذي غادر المنصب ليصبح رئيساً لشركة الاستثمار المباشر "واربيرغ بينكوس".
كما أن هانك بولسون، الرئيس التنفيذي السابق لمجموعة "غولدمان ساكس" الذي قاد وزارة الخزانة خلال فترة الأزمة المالية، أصبح الآن رئيساً تنفيذياً لشركة "تي بي جي رايز كلايمت" للاستثمار المباشر.
كما يتطلَّع مستشار البيت الأبيض السابق، صهر ترامب، جاريد كوشنر، إلى جمع الأموال لصالح شركة الاستثمار التي يديرها "أفينيتي بارتنرز".
وقد ورد اسم منوشين في عدد كبير من الكيانات المرتبطة بشركة "ليبرتي"، كما تشير إفصاحات شركات الاستثمار، ومن بينها: "ليبرتي 77 كابيتال بارتنرز"، و"ليبرتي 77 فاند"، و"ليبرتي 77 إنترناشيونال".
وكلها تبدو كما لو كانت إيماءة إلى عمل منوشين السابق، فقد كان وزير الخزانة رقم 77 للولايات المتحدة، ما يراه البعض بمثابة كلمة السر وراء تسمية الكيانات المرتبطة.