استمع إلى الملخص
- تحسنت صناعة تربية الدواجن في سوريا بزيادة الإنتاج بنسبة 200%، نتيجة لزيادة عدد المربين وعودة المزارع للعمل، مدفوعة بالأرباح الكبيرة في العام السابق.
- رغم انخفاض أسعار البيض، تظل تكلفة الإنتاج مرتفعة بسبب الأعلاف، لكن توفر المازوت وتحسن تقنيات التربية ساهم في زيادة الإنتاج، مع توقع استمرار انخفاض الأسعار.
ضمن صناديق مكدسة في السيارات الجوالة، انتشر بيع صحون البيض في الشوارع وبكميات هائلة في شوارع العاصمة السورية دمشق، فلا تكاد تخطو عدة خطوات حتى تجد سيارة معبأة وتبيع بأسعار منخفضة. الوفرة والانخفاض في أسعار البيض اللذان لوحظا عقب سقوط نظام بشار الأسد اعتبرهما بعض التجار أمراً طبيعياً، حيث ارتفع الإنتاج هذا العام بنسبة 200%، بينما أبدى بعض المربين تساؤلات حول الأسباب وراء الزيادة الهائلة في المعروض.
لكن السؤال أين كانت تلك الكميات الضخمة من البيض، وفي حال كان الإنتاج قد ارتفع فعلاً لأكثر من 200%، فلماذا ظهرت تلك الكميات بعد سقوط النظام فوراً؟ فأن تصحو على صوت منادٍ يقول: "أحسن صحن بيض بـ35 ألف ليرة أمر غير مألوف، بل لا يصدق"، كما قال أحمد أمين، وهو أحد المواطنين المقيمين في العاصمة دمشق. وكان أمين قبل سقوط نظام الأسد غير قادر على شراء البيض لأولاده وتغذيتهم.
وكان البيض سلعة كمالية في سورية قبل عام بعد ارتفاع سعره بمعدلات كبيرة. وتحول البعض لشراء البيضة والبيضتين بالعدد. ويقول المواطن سالم: "الله يرجع الخير" منذ مدة طويلة لم أر مثل هذا السعر المنخفض، فقد اعتدت على شرائه بالحبة وعند الضرورة، مردفاً بقوله: "خلي العالم ترجع تاكل وتتغذى كما كانت سابقاً، فقد حرمنا رائحة قلي البيض وطعمه عدة سنوات".
من أين جاءت كميات البيض الكبيرة؟
والسؤال الذي يبحث عن إجابة في دمشق، من أين جاءت الكميات الكبيرة المعروضة في السوق؟ يسأل أحد المربين، وهو أحمد جحا، عن سر تلك الكميات الهائلة المطروحة في السوق، متوقعاً أنها ربما كانت مخزنة ومفرزة ، مضيفاً: "لا أحد يعلم ماذا يفعل بنا التجار، ربما حدثت زيادة في أعداد مربي الدجاج بعد تحسن سعر البيض العام الماضي، كما أنه يوجد تصدير للبيض الفائض عن الاستهلاك المحلي".
وتمنى جحا انخفاض أسعار العلف، وقال: "إلى اليوم لم ينخفض سعرالأعلاف، وفي حال استمر ارتفاع سعرها، فستترتب على المربي خسائر كبيرة".
من جانبه، رأى عضو سابق في لجنة مربي الدواجن، وهو حكمت حداد، أن غزارة تلك الكميات المعروضة في السوق حالياً من البيض شيء طبيعي جداً، فالإنتاج قد تحسن جداً، لكنه لم يستطع أن يحدد أي إحصائية للكميات. وقال: "لا توجد إحصائيات بكميته"، غير أنه عاد فأكد أن الزيادة في الكميات تقدر بنحو 200% عن العام الماضي. والسبب كما قال هو زيادة عدد المربين.
وتابع: "في العام الماضي، كان الإنتاج قليلاً، ما ساهم برفع سعره، حيث وصل سعر صحن البيض إلى 75 ألف ليرة، ما زاد من أرباح المربين الذين هرولوا هذا العام للعودة إلى التربية الدجاج بأضعاف مضاعفة، فمن كان حجم التربية لديه عشرة آلاف دجاجة، بات يربي 30 ألف دجاجة بسبب الأرباح الهائلة التي حظوا بها، وبالتالي زاد حجم التربية أكثر من 300%، إضافة لدخول مزارعين جدد في التربية وعودة العديد من المداجن إلى العمل من جديد بعد توقفها عن العمل أكثر من عشر سنوات".
وكشف حداد أنه بعد سقوط نظام الأسد، دخلت كميات كبيرة من الصيصان من تركيا، إضافة إلى التهريب من لبنان والأردن، قائلاً: "لا أحد يعلم كمية البيض والصيصان التي تدخل الى البلد حالياً، لكنها كبيرة للغاية، كل ذلك ساهم في زيادة الإنتاج". وتوقع حداد استمرار انخفاض سعر صحن البيض في حال استمرار دخول كميات مهربة من الخارج.
وقال: "هذا يمكن المستهلك من الاستفادة من انخفاض السعر لمدة سنة أو سنتين على حساب المربين"، مؤكداً أن تكلفة كيلو الفروج تبلغ 30 ألف ليرة، في حين يباع بنحو 20 ألف ليرة، بينما تبلغ تكلفة صندوق البيض الذي يحتوي على 12 كرتونة 400 ألف ليرة ويباع حالياً بنحو 300 ألف ليرة.
وحول تبريرات المربين السابقة بقولهم إن الأسعار ترتفع عادة في الشتاء نتيجة انخفاض إنتاجية الدواجن في هذا الفصل، قال رئيس لجنة مربي الدواجن نزار سعد الدين: "لا يؤثر الطقس على إنتاجية الدجاج من البيض كثيراً، ربما تقل الإنتاجية بنسبة 10% لا أكثر، فلم تعد تربية الدجاج اليوم كما زمن أجدادنا في البراري، وإنما باتت منظمة ضمن حظائر مغلقة تعتمد على التدفئة والتهوية الجيدة.
وأرجع سعد الدين كثرة أعداد البيض المعروضة في الشارع حالياً لكثرة الإنتاج، فهنالك 60 ألف دجاجة بياضة، ما ساهم في إغراق السوق بتلك الكميات، لكنه لم ينف دخول كميات مهربة من الخارج، ولم يستطع رئيس لجنة الدواجن تقدير الإنتاج الحالي من البيض. وقال: "هذا يحتاج إلى إحصائيات جديدة، فهنالك مناطق كثيرة كانت خارجة عن سيطرة الدولة عادت إلى حضن الوطن بعد تحريرها من أيدي النظام".
وأضاف سعد الدين أن توفر المازوت وسهولة الحصول عليه، إضافة لزيادة وعي المربي بالتربية وزيادة أعداد مزارع الدواجن والمربين الذين يمتلكون خبرات عالية في التربية، كل هذا ساهم في زيادة الإنتاج وبالتالي تراجع سعر البيض.
(الدولار= 13500 ليرة سورية)