يرسو عدد من سفن الحاويات في البحر الأحمر، فيما أوقف عدد آخر من السفن التجارية، أنظمة التتبع لديه، ويعدل أصحاب الأعمال مسارات رحلاتهم وأسعارها بسبب الهجمات التي تشنها جماعة الحوثيين (أنصار الله) اليمنية على طريق التجارة الرئيسي بين شرق العالم وغربه.
من جهتها، تؤكد الجماعة أنها تشن هجمات على السفن التي تملكها أو تشغلها شركات إسرائيلية "تضامنا مع فلسطين" ولا سيما قطاع غزة الذي يتعرض لحرب دامية تتضمن غارات جوية وغزواً برياً، تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلي على القطاع منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وأثارت الهجمات التي وقعت في الأيام الماضية على السفن في طريق الشحن الرئيسي في البحر الأحمر مخاوف من تعطل التجارة الدولية مجدداً على غرار ما حدث في أعقاب الاضطرابات الناجمة عن جائحة كوفيد-19.
كما دفعت لتشكيل قوة دولية بقيادة الولايات المتحدة للقيام بدوريات في المياه بالقرب من اليمن، وهو ما رد عليه كبير مفاوضي الحوثيين محمد عبد السلام، في حديث مع وكالة رويترز، اليوم الثلاثاء، بالقول إنّ الجماعة "لن تغير موقفها من الصراع في غزة بسبب تشكيل تحالف بحري متعدد الجنسيات لحماية الملاحة في البحر الأحمر".
وأضاف أنّ التحالف البحري الذي تقوده الولايات المتحدة "لا داعي له أساساً" والمياه المحاذية لليمن آمنة للجميع باستثناء السفن الإسرائيلية أو السفن المتجهة إلى إسرائيل، بسبب "الحرب العدوانية الظالمة على فلسطين والحصار على قطاع غزة".
ويرتبط البحر الأحمر بالبحر المتوسط عن طريق قناة السويس، التي تشكل أقصر طريق ملاحي بين أوروبا وآسيا. ويمر نحو 12% من حركة الشحن العالمية عبر القناة.
وقالت شركات شحن كبرى، منها "هاباغ لويد" و"إم.إس.سي" و"ميرسك"، وشركة النفط الكبرى "بريتيش بتروليوم" ومجموعة ناقلات النفط "فرونت لاين" إنها ستتجنب طريق البحر الأحمر وستغير مسار رحلاتها عبر رأس الرجاء الصالح الذي يمر بالجزء الجنوبي من أفريقيا.
لكن العديد من السفن لا تزال تبحر في الممر المائي. وأظهرت بيانات من "إل.إس.إي.جي" وجود حراس مسلحين على متن عدد من السفن التي تبحر حالياً.
وجاء في البيانات أن ما لا يقل عن 11 من سفن الحاويات التي مرت عبر قناة السويس وتقترب من اليمن حاملة سلعاً استهلاكية وحبوباً لدول مثل سنغافورة وماليزيا والإمارات، ترسو الآن في البحر الأحمر بين السودان والسعودية.
وأظهرت البيانات أن أربع سفن حاويات تابعة لشركة "إم.إس.سي" في البحر الأحمر أوقفت تشغيل أجهزة الإرسال والاستقبال لديها منذ يوم الأحد، حتى لا يرصد أحد مكان وجودها على الأرجح.
Ship owners avoid the Red Sea after attacks increase
— MarineTraffic (@MarineTraffic) December 15, 2023
Maersk Taikung has turned away from the Bab el Mandeb strait, after Maersk and Hapag-Lloyd announced they have halted journeys through the Red Sea after attacks on vessels escalated this week. pic.twitter.com/tvuL8PRe6R
وقال كبير محللي الشحن في شركة فورتيسكا، التي ترصد حركة الناقلات النفطية، إيوانيس باباديميتريو، إن "بعض السفن تحاول إخفاء مواقعها عن طريق إرسال إشارات تظهر أنها في مواقع أخرى كإجراء احترازي عند دخول الساحل اليمني".
وأوقفت شركة ميرسك الدنماركية، يوم الجمعة، عبور جميع شحنات الحاويات من البحر الأحمر بعد "حادث وشيك" تعرضت له سفينتها "ميرسك جبل طارق" يوم الخميس.
وأظهرت بيانات "إل.إس.إي.جي" أن عدداً من السفن الراسية في البحر الأحمر تابعة لشركة ميرسك.
وقالت الشركة اليوم الثلاثاء، إن السفن التي أوقفت رحلاتها في وقت سابق وكان من المقرر أن تبحر عبر جنوب البحر الأحمر وخليج عدن ستغير مسارها حول أفريقيا.
وهاجم الحوثيون سفينتي شحن تجاريتين، جنوبي البحر الأحمر، أمس الاثنين.
وتقول مصادر إن مدى تأثر التجارة العالمية سيتوقف على مدة استمرار الأزمة، لكن أقساط التأمين والطرق الأطول ستشكل أعباء آنية.
وقال باباديميتريو من "فورتيكسا" اليوم الثلاثاء، إن تكلفة نقل النفط الخام من الشرق الأوسط إلى أوروبا عبر إحدى ناقلات "سويزماكس" ارتفعت 25% خلال أسبوع.
بدوره، قال بنك غولدمان ساكس، أمس الاثنين، إن من غير المرجح أن يكون لتعطل تدفقات الطاقة في البحر الأحمر آثار كبيرة على أسعار النفط الخام والغاز الطبيعي المسال، لأنه تمكن إعادة توجيه السفن.
وأضاف البنك: "تشير تقديراتنا إلى أن عملية إعادة توجيه افتراضية طويلة الأمد لجميع تدفقات النفط (المتجهة شمالاً وجنوباً) البالغة سبعة ملايين برميل يومياً سترفع أسعار النفط الخام الفورية مقارنة بالأسعار طويلة الأجل بمقدار ثلاثة إلى أربعة دولارات للبرميل".
وقال مشتر آسيوي لمادة النفتا البتروكيميائية التي تصدّرها أوروبا، إنّ السفن التي تنقلها لا تزال تستخدم طريق البحر الأحمر، مشيراً إلى أنّ عملية إعادة توجيه السفن عبر رأس الرجاء الصالح ستستغرق ما بين سبعة و14 يوماً إضافية.
وقال سماسرة بحريون إن بعض مالكي ناقلات النفط يُدخلون بنداً جديداً لإدراج خيار رأس الرجاء الصالح في عقود الشحن التي يبرمونها كإجراء احترازي.
وقال مصدر مطلع بشركة ساينياو اللوجستية التابعة لشركة علي بابا الصينية إنّ أوقات تسليم الشحنات ورسوم الشحن قد تزيد قليلاً، لكن بشكل عام فإنّ عملية إعادة توجيه السفن لن يكون لها تأثير يذكر على الأعمال.
(رويترز، العربي الجديد)