ينتظر مزارعو فول الصويا والذرة الصفراء في شمال سورية منذ عدة أشهر نتاج محاصيلهم، إلّا أنّ سقف الآمال بإنتاج جيد انخفض في الآونة الأخيرة بسبب انتشار آفات زراعية أكلت قسما من المحصول، وأضرت به خصوصاً في ريف الرقة، حسب حديث مزارعين لـ"العربي الجديد".
وأكد الفلاح حسن العلي في حديث مع "العربي الجديد" أن حشرة الحشد الخريفي أكلت جزءاً من محصول فول الصويا، مضيفاً: "لديّ 18 دونماً مزروعة بفول الصويا وكنت آمل بمحصول وفير لولا هذه الحشرات التي لا نملك الإمكانات لمكافحتها".
وأشار العلي إلى أنّ حصاد الفول سيبدأ بعد أيام، مضيفاً: "لننتظر ونرَ حجم الخسارة التي منينا بها في هذا الموسم". وبيّن أنّ متوسط إنتاج الدونم الواحد كان أكثر من 100 كيلو من الفول في الموسم الفائت. وأضاف قائلا : "لكن أتوقع أن ينخفض هذا الإنتاج بالموسم الحالي بسبب الحشرات".
وأوضح أنّ الأضرار في الذرة الصفراء أقل من فول الصويا، مشيراً إلى أنّ الإدارة الذاتية في شمال شرقي سورية تولي زراعة الذرة اهتماما أكثر من اهتمامها بزارعة فول الصويا.
لكنّ الرئيس المشترك لهيئة الزراعة والري في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سورية، محمد الدخيل، قلل في حديث مع "العربي الجديد" من الأضرار المترتبة على انتشار حشرات في فول الصويا والذرة الصفراء، مشيراً إلى أنّ "وجود حالات قليلة في بعض المناطق لا يعني التعميم على كلّ الشمال الشرقي من البلاد".
وأشار إلى أنّ "مساحات كثيرة زُرعت في موسم 2022 بالذرة الصفراء بسبب الأسعار التشجيعية من قبل الإدارة الذاتية" مضيفاً: "ننتظر إنتاجاً جيداً من الذرة هذا الموسم".
وكان سعر الطن من الذرة الصفراء في الموسم الفائت يتجاوز مليون ليرة سورية (ما يعادل 250 دولاراً تقريباً)، في حين كان سعر الطن من فول الصويا نحو 650 دولاراً.
وتشتري الإدارة الذاتية محصول الذرة الصفراء، بينما محصول فول الصويا يذهب إلى التجار الذين يبيعونه إلى مصانع استخلاص الزيت.
ويبدو أنّ دخول أنواع من البذور والأدوية الزراعية مجهولة المصدر إلى الشمال الشرقي من سورية، كان السبب وراء ظهور حشرات، في ظلّ ضعف إمكانات مكافحتها من قبل الفلاحين الذين يشكون من ارتفاع مستلزمات الإنتاج وتدني الأسعار في كلّ المحاصيل التي يشتهر بها الشمال الشرقي والذي بات يُعرف اصطلاحاً بشرق الفرات.
وفي السياق، أشار رئيس مكتب الوقاية في لجنة الزراعة في مجلس الرقة المدني، حمود الخلف، في تصريحات صحافية له السبت الماضي إلى انتشار كبير لدودة حفّار الساق، ودودة "الحشد الخريفي"، موضحاً أنّ الأخيرة سُجّلت في المنطقة العام الماضي، وتعتبر "دخيلة" وتشكِّل خطراً على الحقول.
الرئيس المشترك لهيئة الزراعة والري في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سورية، محمد الدخيل، قلل في حديث مع "العربي الجديد" من الأضرار المترتبة على انتشار حشرات في فول الصويا
كما أكد أنّ "غياب المختبرات لدى مكتب الوقاية لاختبار المبيدات، أثّر بشكلٍ كبير على المزارعين، خصوصاً في ظلّ الدخول العشوائي للبذور والمبيدات الزراعية".
وتعد شرق الفرات من أهم المناطق السورية على الصعيد الزراعي، إذ تتمركز فيها أغلب المحاصيل الزراعية من قمح وقطن وفول الصويا والذرة الصفراء والشعير، والخضار.
لكنّ الزراعة تراجعت إلى حد كبير خلال السنوات القليلة الفائتة بسبب عوامل كثيرة أبرزها انتقال السيطرة على المنطقة الاستراتيجية بين أطراف الصراع، وهو ما أدى إلى غياب الاستقرار الأمني الذي حال دون الاهتمام بالفلاحين ودعمهم، إضافة إلى ضعف الرقابة على البذور والمبيدات.
كما أدى انخفاض أسعار المحاصيل إلى عزوف عدد من الفلاحين عن الزراعة والذي لعب مع الجفاف المتواصل منذ نحو عقدين دوراً في تراجع الإنتاج الزراعي في شرق الفرات التي كانت حتى وقت قريب "سلّة الغذاء" للسوريين.