تتعالى استغاثات مزارعي الحمضيات في سورية بسبب ما يصفونه بأنه استغلال التجار بمدن الساحل السوري والتحكم بالسوق عبر استجرار الموسم بأسعار زهيدة، واستمرار خسائرهم بسبب ارتفاع تكاليف الزراعة.
وقال تميم سعد، وهو أحد ملاك كروم الحمضيات، إن ذلك دفع كثيرين لعدم جني المحصول أو لاقتلاع أشجار الحمضيات.
وأضاف سعد، متحدثا لـ"العربي الجديد"، أن "أعلى سعر يدفعه التجار هو 200 ليرة للكيلوغرام، ولا حل أمام المزارعين سوى البيع، لتكون الخسائر المحققة نصيب جميع المزارعين الذين يتكبدون مصاريف كبيرة حتى يصل الموسم للقطاف".
وأشار إلى أن "تكاليف جني المحصول، بعد ارتفاع أجور العمال، توزاي أسعار سوق الجملة (الهال) بالمدينة، التي تراوح بين 100 و200 ليرة، حسب النوع، هذا إن لم نتحدث عن المحروقات والسقاية والسماد والتقليم".
وحول أسباب تدني أسعار الحمضيات بمدن الساحل السوري، أكد سعد أن زيادة العرض بأسواق اللاذقية وطرطوس خلال موسم جني الحمضيات أدى لانخفاض الأسعار، في حين تزيد الأسعار عن عشرة أضعاف بالمدن غير المنتجة، كدمشق وحلب.
وأشار إلى أن الوصول إلى أسواق تلك المدن، بواقع الحواجز وارتفاع أجور النقل، هي المعضلة التي لم يستطع النظام حلها حتى اليوم.
وعود وهمية
وأكد إسماعيل، خلال اتصال مع "العربي الجديد" عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أن جميع الوعود التي قطعها مكتب الحمضيات ومسؤولو المحافظة لم تتحقق، وها هم الفلاحون يقعون بالعجز والخسائر بسبب أسعار المحصول المتدنية والتي لم تصل إلى تكاليف الإنتاج.
وأضاف: "لا نتحدث عن الوعود المتكررة بإنشاء معمل عصائر منذ سنوات، بل عن تحمل الحكومة تكاليف النقل وفتح أسواق أمام الإنتاج".
وبالنسبة للوعود التي أطلقها رئيس حكومة بشار الأسد حسين عرنوس فهي، برأي منتج الحمضيات إسماعيل، "حكي وتسكين"، لأنها تتكرر كل موسم ولا يجني الفلاحون سوى مزيد من الخسائر وهجرة كروم الحمضيات، فـ"البعض منهم لا يجني المحصول بكل معنى الكلمة، خاصة أصحاب كروم برتقال العصير، الذي لا يزيد سعره بمدينة اللاذقية عن 50 ليرة سورية".
وإثر "توجيهات عليا"، بحسب ما يقول مصدر خاص لـ"العربي الجديد"، بحث رئيس مجلس الوزراء حسين عرنوس، أمس الثلاثاء، مشكلة تسويق الحمضيات وتراجع الأسعار، والتقى بمدينة اللاذقية ممثلين عن المزارعين وتجار أسواق الجملة والمصدرين.
ويشير المصدر إلى أن رئيس حكومة الأسد "اصطحب معه إلى مدينة اللاذقية وزراء الإدارة المحلية والزراعة والتجارة الداخلية" لحل مشكلة اختناقات التسويق، ووعد المزارعين، بعد تكليف محافظ اللاذقية، بحل مشاكل الفلاحين والحد من خسائرهم، فـ"منتجو الحمضيات هم من منطقة بشار الأسد".
ونقلت مصادر إعلامية سورية، اليوم الأربعاء، وعود رئيس الحكومة بـ"تحمّل الحكومة تكاليف نقل محصول الحمضيات إلى حلب ودمشق"، من دون التطرق إلى تصدير الحمضيات، لأن العقوبات والضغوط يحولان دون التصدير للخارج.
وقال عضو لجنة تجار ومصدري الخضر والفواكه بدمشق محمد العقاد إن تصدير الحمضيات قليل جداً هذا الموسم والكميات التي تصدر حالياً لا تذكر، وهي بحدود 100 طن يومياً إلى العراق إضافة لكميات قليلة.
وأضاف العقاد خلال تصريحات صحافية، اليوم، أن الصادرات السورية من الحمضيات إلى العراق تراجعت بسبب التنافس مع الحمضيات المصرية والتركية، إضافة إلى ارتفاع تكاليف نقل الصادرات السورية لمناطق العراق.
تراجع الإنتاج
وأكد تناري في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن "الحل بإقامة معمل للعصائر يستوعب الإنتاج وتخزين المحصول ببرادات ليتم طرح الإنتاج حسب حاجة السوق، فالأسعار تتهاوى خاصة خلال فورة الإنتاج لشهرين".
وفي حين يلفت المهندس السوري إلى أن "أسعار الحمضيات بدمشق تراوح بين 1200 و1400 ليرة"، يشير إلى وجود دراسة مفصلة لمصنعين لدى وزارة الصناعة منذ 2015، "ولكنها لم تر النور، ربما لعدم وجود مستثمرين أو بضغط من أصحاب وكالات العصائر الصناعية المقربين من نظام الأسد".