أثار رفع أسعار المحروقات والخبز والكهرباء في محافظة إدلب شمال غربي سورية من قبل شركات تتبع لهيئة تحرير الشام (جبهة النصرة)، وأخرى تعمل في كنفها غضباً واسعاً بين السكان، الذين اعتبروا أنّ سلطة تحرير الشام تستهدف جمع المزيد من الأموال دون مراعاة لحال المدنيين، الذين يعانون من سوء إدارتها للمنطقة، وبالرغم من ذلك يدفعون الضرائب للمؤسسات التي تتبع حكومة الإنقاذ، التي تعتبر واجهتها السياسية.
الغضب في أوساط سكان إدلب وريف حلب الغربي، جاء بعدما رفعت شركة "وتد للمحروقات" المملوكة لهيئة تحرير الشام سعر ليتر البنزين المستورد من النوع الأول إلى 1.256 دولار، بعدما كان بـ1.181 دولار، والمازوت المستورد من النوع الأول إلى 952 سنتاً، بعدما كان بـ 935 سنتاً، والمازوت المكّرر الذي كان يباع بـ 550 سنتاً إلى 572.
وفي ذات الوقت، خفضت إدارة المخابز في "حكومة الإنقاذ" وزن ربطة الخبز نحو 50 غراماً، وذلك للمرة الثالثة خلال أقل من شهر، ليصبح وزن الربطة 475 غراماً، وفيها خمسة أرغفة بسعر خمس ليرات تركية، بعدما كان العدد في السابق سبعة أرغفة بالسعر نفسه.
كما أعلنت شركة الكهرباء الوحيدة في محافظة إدلب، والتي تعمل في كنف هيئة تحرير الشام، عن رفع سعر الكيلو وات المنزلي من الكهرباء 30 قرشاً من الليرة التركية، و40 للكيلو واط المخصص للأسواق ومحالّ التجارة، (الدولار = 16.30 ليرة تركية).
وقال الناشط أحمد عبد الرزاق لـ"العربي الجديد" إنّ رفع الأسعار بشكل مستمر من قبل حكومة الإنقاذ والشركات المملوكة لقياديين في هيئة تحرير الشام أرهق المواطنين، وبخاصة أن هذه الحكومة تتحكم بكل موارد الشمال السوري، من معابر ومنشآت خدمية وحكومية، وفي نفس الوقت تجبي الضرائب مقابل الخدمات، لكنّها لا تتورع عن زيادة الأسعار على السكان الذين يقبع أكثر من 80 بالمائة منهم تحت خط الفقر.
وأوضح الناشط أنّ هناك غضباً شعبياً في الأسواق، وأصبح الغلاء حديث الناس في جلساتهم، التي باتوا يناقشون فيها البدائل التي يمكن أن يلجؤوا إليها في ظل موجات الغلاء، ورفع أسعار المحروقات، التي ستؤثر على كلّ المواد الأخرى، إذا لم تستخدم المادة خلال فترة الإنتاج فإنها تحتاجها للنقل، أو التخزين والتبريد كي لا تتعرض للتلف، حسب قوله.
أحمد الحمصي، نازح من ريف حمص إلى مدينة إدلب، يقول لـ"العربي الجديد": "لديّ ستة أطفال ومنزلي بالإيجار، بتّ أفكر جدياً بتركه واللجوء إلى أحد المخيمات، بقصد توفير ثمن الإيجار وإعادته إلى مصروف الخبز والكهرباء والمحروقات، التي رفعتها الجهات المتحكمة بأمورنا أخيراً".
قال الناشط أحمد عبد الرزاق لـ"العربي الجديد" إنّ رفع الأسعار بشكل مستمر من قبل حكومة الإنقاذ والشركات المملوكة لقياديين في هيئة تحرير الشام أرهق المواطنين، وبخاصة أن هذه الحكومة تتحكم بكل موارد الشمال السوري
وحسب الحمصي، فإنّ الصيف المقبل سيكون شديداً على جميع سكان المنطقة، وذلك لأنهم يعتمدون على المحروقات في تشغيل المولدات أو الكهرباء لتشغيل وسائل التبريد، وفي ظل هذا الارتفاع في الأسعار ستتخلى عائلات كثيرة عن هذه الرفاهية وستضع المبلغ الذي قد تنفقه على كهرباء المروحة في شراء الخبز أو الحاجات الأساسية الأخرى.
وفي تقرير حديث، قال فريق "منسقو استجابة سورية" إنّ نسبة العائلات الواقعة تحت خط الفقر شمال غربي سورية بلغت 84 بالمائة، فيما بلغت نسبة العائلات التي تقع تحت مستوى خط الجوع 34 بالمائة.
وأشار إلى أنّ العائلة المؤلفة من أربعة أفراد، تستهلك من الخبز بمقدار 450 ليرة تركية في الشهر، و250 ليرة للكهرباء، و1500 ليرة للخضار والمواد الغذائية، فيما تبلغ تكلفة استهلاك المياه نحو 150 ليرة، واللحوم 250، و215 لغاز الطهي.
وبحسب تقرير الفريق، فإنّ تكلفة الدواء للعائلة تبلغ 150 ليرة، والمدارس 200 ليرة، لتصل الكلفة الكلية المعيشية للأسرة الواحدة شهرياً إلى 3165 ليرة في الحد الأدنى، وقدّر الدخل الشهري للأسر العاملة بنحو 2340 ليرة.