يتمسك النظام السوري باشتراطات تأسيس الشركات، إذ لم يطاول التغيير الذي عصف بالوضع الاقتصادي للبلاد شروط رأس المال المسموح به لتأسيس الكيان، رغبة من النظام في منح غطاء للمقربين منه والتهرب من العقوبات، وفق خبراء اقتصاد.
يقول الخبير الاقتصادي السوري محمود حسين لـ"العربي الجديد"، إن شركات جديدة دخلت على خط الاستيراد والتصدير للاستفادة من ميزات القانون 29 الخاص بتأسيس الشركات، مشيرا إلى أن الكثير من هذه الشركات "وهمي" ولا يحقق شروط تأسيس الشركات، سوى على الورق.
يضيف حسين "هذه الشركات أبواب ارتزاق بغطاء قانوني للمقربين من النظام" ومع مرور الوقت تحتل المكان الأبرز على خارطة الاستيراد والتصدير والاستفادة من دعم الدولار، في الوقت الذي تضيق حكومة بشار الأسد، على الشركات الكبرى "بما فيها شركات الأدوية" خلال عمليات الاستيراد ومنح إجازات التصدير.
تهرب من العقوبات
ويعرب الاقتصادي السوري عن دهشته من إبقاء شروط ترخيص الشركات، خاصة رأس المال التأسيسي، منذ عام 2011 حتى اليوم، رغم أن العملة السورية هوت أمام الدولار، من 50 ليرة للدولار الواحد عام 2011 حين صدر القانون، إلى 3600 ليرة حاليا للدولار، موضحا أن الحد الأدنى لرأس مال الشركة، بقي عند 5 ملايين ليرة سورية، والذي لا يعادل اليوم سوى نحو 1350 دولارا.
وتساءل "هل ما يزيد قليلا عن ألف دولار، يصلح رأس مال لشركة توظف عمالة وتمتلك أو تستأجر مقرات وتشتري وتبيع؟".
واعتبر أن الإبقاء على اشتراطات تأسيس الشركات "فساد والتفاف على القانون، لأن المرخصين الجدد، إن نظرنا لأسمائهم ومواقع الشركات جغرافياً، سنعلم مدى ارتباطهم بالنظام وهدف تأسيس الشركات هو التهريب والتهرب من العقوبات وخدمة مصالح النظام أو الاستفادة من ميزات القانون ومنح المرخصين، غطاء لأعمالهم غير المشروعة".
وكانت وزارة التجارة الداخلية في حكومة بشار الأسد، قد سجلت 16 شركة خلال الشهر الجاري، 13 شركة منها برأسمال 5 ملايين ليرة وشركة واحدة برأسمال 6 ملايين ليرة وشركة واحدة برأسمال 25 مليون ليرة، بحسب تصريح صحافي لمدير الشركات بوزارة التجارة في دمشق زين صافي، يوم الثلاثاء الماضي.
ويقول إبراهيم محمد، المسؤول السابق في إدارة التفتيش المالي التابعة لوزارة المالية، إن مبلغ تأسيس الشركات، كان معقولاً عام 2011، لكنه اليوم "مسخرة" على حد وصفه، مشيرا إلى أنه ينبغي أن يكون مبلغ التأسيس قريبا من المنطق والمعقول.
مئات الشركات الوهمية
ويشير محمد خلال حديثه لـ"العربي الجديد" إلى ضرورة تعديل القانون 29، خاصة بعد استغلاله وتأسيس مئات الشركات سنوياً، من دون أن تظهر أعمالهم على الأرض وفي الأسواق، لافتا إلى أن المبلغ التأسيسي الحالي لا يكفي لدفع أي غرامة أو عقوبة إن تم الحجز على الشركة.
ويضيف: "بعض الشركات، يمكن أن تستفيد من فارق سعر الدولار، في حال حصلت على تمويل من المصرف المركزي أو المصارف الخاصة أو شركات الصرافة، بما يوازي مئة ضعف رأسمالها، هذا إن لم نبحث بماذا تستورد أو تصدر ولصالح من".
وكان مصرف سورية المركزي قد عمم قبل يومين، على شركات الصرافة المرخصة والعاملة في السوق المحلية، بقبول طلبات تمويل المستوردات لإجازات الاستيراد، وجدولة عمليات التمويل لديها وفق الأولويات بإشراف المصرف ورقابته.
وألزم المصرف، المستورد الراغب في تمويل مستورداته من الشركات بتقديم طلب التمويل مع نسخة وصورة أصلية عن إجازة الاستيراد، خلال أسرع وقت من حصوله على الإجازة، ليتمكن من ضمان إدراج طلبه ضمن جدول التمويل خلال فترة صلاحية الإجازة أو الموافقة، بحسب بيان صادر عن المصرف، يوم الأحد الماضي.
الاستفادة من فارق الدولار
ويستفيد المستورد من فارق سعر الدولار، بين شركات الصرافة والسوق والذي يزيد عن 160 ليرة للدولار الواحد، إذ نص قرار صادر عن المصرف المركزي في 2021 على تمويل شركات الصرافة والمصارف للمستوردين لبعض السلع.
وأعلنت شركتا "لايت" و"الفؤاد" للصرافة العاملتان في مناطق سيطرة النظام، بدء تنفيذ عمليات تمويل المستوردات ببيع القطع الأجنبي وفق سعر صرف 3490 ليرة سورية للدولار الواحد، رغم أن سعر الدولار بالسوق يزيد عن 3600 ليرة سورية في حين يبلغ سعر صرف الدولار رسمياً، 2512 ليرة سورية.