لا يستطع مراقب تقديم إحصاء دقيق بعدد الوعود الروسية حول إعادة سياحها إلى مصر ومنتجعاتها في البحر الأحمر خاصة في شرم الشيخ والغردقة وذلك على مدى السنوات الماضية.
وربما لن يستطع هذا المراقب أن يرصد بدقة عدد التصريحات التي أطلقها كبار المسؤولين الروس والمصريين بمن فيهم فلاديمير بوتين نفسه حول قرب حدوث انفراجة في ملف عودة الطيران بين البلدين، وبالتالي عودة حركة السياح الروس إلى مصر بعد ست سنوات من الغياب.
فمنذ حادث تحطم الطائرة الروسية متروغيت فوق شبه جزيرة سيناء في نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2015، ووفاة 224 شخصا كانوا على متنها، والتصريحات حول عودة الطيران والسياح معا لا تتوقف، خاصة مع انعقاد اجتماعات رسمية بين البلدين.
وعود روسية بإعادة سياحها ورحلاتها الجوية إلى مصر على مدى السنوات الست الماضية
آخر تصريحات رسمية بعودة السياح الروس جاءت في بيان صادر عن الرئاسة المصرية كشف عن اتفاق السيسي وبوتين على استئناف الرحلات الجوية الروسية إلى مصر في مكالمة هاتفية جرت يوم الجمعة الماضي.
القرار، بحسب البيان الرئاسي، جاء بعد تأكيد مفتشين روس على قيام المطارات المصرية الواقعة بالمقاصد والمنتجعات السياحية في شرم الشيخ وغيرها بتوفير معايير الأمن والسلامة للسياح الوافدين.
بل إن وزير الطيران المدني المصري محمد منار كان أكثر دقة حينما قال إن أولى الرحلات الروسية قد تصل إلى منتجعات البحر الأحمر خلال فترة من أسبوع إلى 10 أيام.
سبقت هذا البيان الرسمي تصريحات لوكالة إنترفاكس الروسية نقلت فيها عن مصدر بقطاع الطيران الأسبوع الماضي قوله إن رحلات الطيران العارض (الشارتر) الروسية إلى الغردقة وشرم الشيخ قد تستأنف في 10 مايو/أيار المقبل.
وحدد عاملون في قطاع السياحة المصري ومنهم رئيس غرفة المنشآت الفندقية بمحافظة البحر الأحمر، علاء عاقل، موعدا قريبا حيث توقع بدء استقبال القطاع الرحلات الروسية بدءاَ من منتصف شهر مايو المقبل.
إذا صدق الروس هذه المرة في وعودهم ولم يحنثوا بها كالعادة، فإن هذا يعني طيَ صفحة هذا الملف المزمن في العلاقات السياحية المصرية الروسية، وحسم النقاط العالقة منذ 6 سنوات وأبرزها الخلاف حول التعويضات التي طالبت بها موسكو لعائلات ضحايا الحادث وطاقم الطائرة.
وكذا تعويض الطائرة المتضررة، وضرورة مشاركة رجال أمن روس في تفتيش الطيران المتجه إلى روسيا منطلقة من مطارات مصر، وهو الشرط الذي كانت السلطات المصرية ترفضه بشدة وبشكل مستمر.
السياحة الروسية مهمة للاقتصاد المصري خاصة على مستوى العدد والإيرادات والتوقيت، فحسب تقديرات غير رسمية فإن عودة هذه السياحة قد تجلب لمصر عائدات تقدر بنحو 3.5 مليارات دولار سنويا.
وعلى مستوى العدد فإن مصر كانت تجذب قبل حادث سقوط الطائرة في 2015 نحو 3 ملايين سائح روسي سنويا يمثلون نحو 25% من السياحة الوافدة إلى البلاد.
كما أن قطاع السياحة المصري يراهن على جذب نحو مليون سائح روسي إلى البلاد خلال 2021، وهو ما يعوض جزءا من السياحة الأوروبية الغائبة بسبب تفشي وباء كورونا حول العالم والقيود التي تفرضها معظم الدول على حركة السياحة والسفر.
قطاع السياحة المصري يراهن على جذب نحو مليون سائح روسي إلى البلاد خلال 2021
وعلى مستوى التوقيت فإن عودة السياحة الروسية في هذا التوقيت يمثل طوق نجاة للسياحة المصرية التي تنزف بشدة بسبب تداعيات تفشي وباء كورونا.
ورغم أجواء التفاؤل التي يعيشها قطاع السياحة المصري هذه الأيام، تبقى الأرقام المتفائلة المتعلقة بالسياحة الروسية مصدر تشكيك إلى حد كبير خاصة مع استمرار تفشي وباء كورونا وتأثيراته الخطيرة على قطاعي السفر والسياحة حول العالم، وعزوف السياح في العالم عن قضاء اجازتهم خارج بلادهم خاصة مع تعقيدات السفر وتكاليفه العالية.
ولذا من المبكر الحديث الآن عن المزايا الضخمة التي يحصدها الاقتصاد المصري من عودة السياح الروس، والأعداد المتوقعة من السياحة الروسية بعد عودة الرحلات المباشرة إلى شرم الشيخ والغردقة، أهم مقصدين سياحيين أمام الروس.