بعد الاتفاق على صفقة شراء بنك "يو بي إس" منافسَه المتعثر "كريدي سويس"، استعان البنك المشتري بمديره العام السابق سيرجيو إرموتي، الذي قاد دفة البنك في السنوات الصعبة التي تلت الأزمة المالية العالمية، خلال الفترة بين عامي 2011 و2020، ليقود سفينة البنك الذي نتج عن الصفقة، في وقت عصيب.
وبعد قبول استقالة رئيس البنك الحالي رالف هامرز، قال رئيس مجلس إدارة بنك "يو بي إس" كولم كيليهر: "شعرنا أن لدينا حصاناً أفضل للمرحلة القادمة".
وسيتعين على إرموتي إعادة أداء الدور الذي قام به في العقد الماضي، عندما ألغى آلاف الوظائف، وأغلق الكثير من العمليات المصرفية الاستثمارية لبنك "يو بي إس"، في مرحلة إعادة هيكلة فرضت على البنك، بعد حصوله على حزمة إنقاذ من الحكومة السويسرية في عام 2008.
وسيكون على إرموتي هذه المرة دمج الأنشطة الكبيرة من أعمال البنكين المتداخلة، وتشمل إدارة الثروات وإدارة الأصول، وأعمال التجزئة في سويسرا.
وتأمل إدارة البنوك أن يكون قدوم إرموتي، المولود في مدينة لوغانو بسويسرا عام 1960، محل هامرز الإيطالي، دافعاً للسويسريين لإبقاء ودائعهم في البنك الجديد وتنمية تعاملهم معه، بدافع وطني.
وفي حين سعد البعض بعودة شخص سويسري لقيادة ما يُعرف الآن بالبنك الضخم في البلاد، كانت هناك عاصفة من الانتقادات السياسية والقلق بشأن المنافسة وقوة السوق في الاقتصاد المحلي، بعد اندماج أكبر بنكين في البلاد في بنك واحد.
وأظهر استطلاع للرأي أن غالبية السويسريين لا يؤيدون الاندماج، حيث قال ثلاثة أرباع المشاركين في الاستطلاع إنهم يعتقدون أنه سيضعف المركز المالي السويسري.
ويبدو أن إرموتي يتفهم جيداً منطق المعارضين للصفقة، حيث قال: "علينا أن نفهم أن هناك رد فعل عاطفياً لما حدث، وهذا جزء من التعقيدات التي سنحتاج إلى إدارتها". وأضاف: "سنجعل أصحاب المصلحة لدينا مرتاحين لأن ما نقوم به يصب في مصلحة دافعي الضرائب، والحكومة، وكذلك جميع الموظفين."
وكان إرموتي قبل استدعائه هذه المرة يشغل منصب رئيس مجلس إدارة شركة "سويس ري" لإعادة التأمين، وهو ما سيتعين عليه التخلي عنه، بينما سيتمكن من الاحتفاظ بمنصبه عضواً في مجلس إدارة مستقل في مجموعة "زينيا" للملابس والموضة.
وعلى الرغم من تطلعاته الطفولية لاحتراف رياضة كرة القدم، إلا أن إرموتي انخرط في عالم الأعمال بمجرد إنهائه المدرسة الثانوية، حيث قرر أن يملأ وقت فراغه بالتدرب في بنك كورنير السويسري بمدينة لوغانو، لتعلم المحاسبة والتمويل وتداول العملات الأجنبية. وبالفعل، بدأ في العمل في إدارة الأوراق المالية بالبنك قبل أن يحصل على شهادة "خبير مصرفي اتحادي"، ثم أكمل برنامج الإدارة في جامعة أكسفورد العريقة بإنكلترا.
ويعد إرموتي، الذي يتقن أربع لغات رئيسية، هي الإنجليزية والفرنسية والإيطالية والألمانية، من أصحاب المسيرات الحافلة في القطاع المصرفي السويسري، في فترة كانت فيها البلاد قبلة الثروات ومهد صناعة إدارة الاستثمار.
وبعد فترة قصيرة قضاها في البنك السويسري الصغير، وتحديدا في عام 1986، انتقل إرموتي إلى سيتي بنك في زيورخ، حيث اشتغل بعمليات التداول في أسواق الأسهم، ليشغل بعدها منصب نائب الرئيس المقيم.
وفي عام 1987، انتقل إلى المكتب السويسري لبنك الاستثمار الأميركي ميريل لينش في زيورخ، ومكث في البنك مدة 16 عامًا، حيث تدرج في المناصب المختلفة، في إدارات مشتقات الأسهم وأسواق رأس المال، وساهم في توسيع أعمال سوق رأس المال للبنك في سويسرا.
وفي عام 1993، جرت ترقيته إلى منصب العضو المنتدب وانتقل إلى لندن، حيث أصبح مسؤولًا عن وحدة مشتقات الأسهم الأوروبية. وبعد ثلاث سنوات، وفي عام 1996، انتقل إرموتي إلى العالم الجديد وتحديدًا نيويورك، كرئيس لتداول المشتقات بالبنك، حيث عمل هناك أيضًا بعد ترقيته إلى منصب رئيس مشارك لأسواق الأسهم العالمية، وجرى تعيينه عضوا في لجنة الإدارة التنفيذية للأسواق العالمية والاستثمار المصرفي في ميريل لينش.
وفي مطلع الألفية، عمل إرموتي مع شركة ميريل لينش في عدة مناصب عليا، أبرزها عضو لجنة الإدارة التنفيذية للأسواق العالمية والخدمات المصرفية الاستثمارية، ثم شغل منصب رئيس قسم الأسواق والخدمات المصرفية في شركة يوني كريدي جروب من ديسمبر/كانون الأول 2005 وحتى عام 2010.
وكانت فترة رئاسة بنك "يو بي إس" واحدة من أصعب الاختبارات التي تعرض لها إرموتي، خاصة بعد فضيحة "المتداول المارق"، الذي أبرم عدة صفقات باسم البنك وأخفاها عن السجلات بعد أن تعرضت لخسائر كبيرة، قبل أن يُفتضح أمره.
وبعد هذه الواقعة، طبق إرموتي سياسات صارمة في البنك، وبدأ عملية لإعادة هيكلته، وإعادة تعريف استراتيجيته، وترتيب البيت في البنك العريق.
ونتيجة لتلك المسيرة القوية، تكهن البعض بتوجه إرموتي إلى مقاعد الساسة، إلا أن رد رئيس البنكين حالياً كان أنه سيبقى دائماً من "أهل الاقتصاد".