تسببتْ عاصفة "دانيال" في حدوث فيضانات مدمرة في شرق ليبيا أدت إلى تحطيم السدود وجرفت أحياءً كلها في مدن ساحلية متعددة، وسط تقديرات أولية بأن البلاد قد تحتاج إلى نحو نصف مليار دولار على وجه السرعة للأسر في المناطق المنكوبة.
وتسببت الفيضانات الناجمة عن الإعصار في وفاة أكثر من 3 آلاف شخص وإصابة 7300 ونحو 10 ألاف مفقود، وفقاً حتى صباح اليوم الثلاثاء.
وأكد المحلل الاقتصادي محمد الشيباني أن الدولة بحاجة إلى صندوق إعادة إعمار في المناطق المتضررة، فالبنية التحتية تلك المناطق لم تشهد أي مشاريع للسدود والطرق أكثر من عشرين عاماً.
وأضاف لـ"العربي الجديد"، أن إنشاء صندوق يسهم في توفير موارد مالية للأسر كدعم نقدي لهم مع قرب قدوم فصل الشتاء.
وقال المحلل الاقتصادي عبد الهادي الأسود لا توجد بنية تحتية مع الانقسام السياسي في البلاد تسبب في ضعف الأداء الحكومي بشأن المساعدات لإنقاذ المواطنين.
وأوضح خلال حديثه لـ"العربي الجديد" أن المناطق العشوائية أكثر الأماكن التي تضرر نتيجة توقف التخطيط العمراني منذ عام 2011، مما نتجت مناطق ريفية صغيرة في الوديان والمناطق الزراعية خارج المخططات العمرانية.
وحول حجم الخسائر قال إن التقديرات الأولية تشير بأن المناطق تحتاج إلى نصف مليار دولار للصيانة والتعويض للمتضررين وحصر الخسائر المادية.
انهيار منازل
من جانبه، قال المواطن شعيب امراجع لـ"لعربي الجديد": لقد فقدت منزلي بالكامل في منطقة درنة ولا يوجد لدى أي مأوى الآن، مشيراً إلى أن تكلفة بناءه بلغت نحو 120 ألف دينار "نحو 25 ألف دولار".
وأشار إلى أن "درنة لا يوجد بها غذاء أو دواء، فالأسر معظمها نازحة إلى مدن مجاورة والبعض الآخر عالقٌ لا يستطيع الخروج بسببِ مسالك المدينة الوعرة لأن الطرق الرئيسية الجبلية جرفتها السيول".
وقال أحد المتطوعين بفرق الإنقاذِ سليمان الشاعري لـ "العربي الجديد" إن "المناطق الساحلية في درنة والبيضاء وبعض القرى الصغيرة تضررت إلى حد بعيد بسبب السيول"، واصفاً إياها بـ"الكارثة التي لا توصف".
صور جوية اليوم من مدينة #درنة ..
تم النشر بواسطة Faraj shitaw في الثلاثاء، ١٢ سبتمبر ٢٠٢٣
وقال المتطوع مصطفى المصراتي لـ"العربي الجديد" إن هناك نقصاً كبيراً في الأدوية في منطقة درنة والبيضاء، مشيراً إلى أن عدد الأسر التي تحتاج إلى مساعدة في زيادة يومياً وفي ظل محدودية الإمكانيات.
وتضرر عدد من المنازل والسيارات والمباني والطرق فضلاً عن انقطاع التيار الكهربائي والاتصالات على مختلف المناطق، وخرجت مدينة البيضاء ودرنة على السيطرة وفتحت شركة الاتصالات خدمتها بشكل مجاني للتواصل وطلب المساعدة حالة طوارئ لمدن الشرق الليبي، خاصة مدينة درنة.
دمار في درنة
وقال وزير الطيران المدني في حكومة شرق ليبيا هشام أبوشكيوات اليوم الثلاثاء، إن "السيول والفيضانات دمرت نحو ربع مدينة درنة الواقعة في شرق البلاد بعد انهيار سدود بسبب عاصفة عاتية وإن أكثر من ألف جثة انتشلت حتى الآن".
وأضاف أبوشكيوات وهو وعضو لجنة الطوارئ لوكالة "رويترز" عبر الهاتف "عُدت من هناك (درنة)... الأمر كارثي للغاية... الجثث ملقاة في كل مكان في البحر، في الأودية، تحت المباني".
وتابع "ليس لدي عدد إجمالي للقتلى لكن هو كبير كبير جدا... عدد الجثث المنتشلة في درنة تجاوز الألف... لا أبالغ عندما أقول إن 25 بالمئة من المدينة اختفى. العديد من المباني انهارت".
وقال سكان محليون مدينة درنة لـ "العربي الجديد" إن المنطقة لا يوجد بها لا ماءً ولا كهرباء ولا خدمات اتصالات والسكان بعضهم موجود والآخر بتحت عليه فرق الإنقاذ حتى صباح اليوم الثلاثاء.
وأعلنت الشركة العامة للكهرباء اليوم، عودة التيار الكهربائي إلى مناطق في درنة، بعد انقطاعها منذ مساء الأحد الماضي وفي منطقة الجبل الأخضر.
وقال محمد العبيدي لـ"العربي الجديد" بأن مزرعته تضررت بالكامل بسبب الفيضانات مع معداتها الزراعية وخسرت جميع المحصول.
وأشار إلى أن هناك خسائر أخرى للمواشي من قبل المربين التي تعتبر مصدر رزق لعدد من العوائل في المنطقة.
وقال عميد بلدية الساحل بالجبل الأخضر يونس عبد الشفيع لـ"العربي الجديد" إن هناك ضعفاً في الإمكانات بشأن الفيضانات جربان السيول إلى الأحياء السكنية تسببت في أضرار من الطرق وخدماتِ البنية التحتية مطالبا الحكومتين بالتدخل لإنقاذ المواطنين.
وشهدت مدن بنغازي والجبل الأخضر والبيضاء والمرج ودرنة وعدد من المناطق في الشرق موجة من الطقس السيئ جراء العاصفةِ التي تسببت في هبوب رياح شديدة مصحوبة بأمطار غزيرة، وصلت حد السيول والفيضانات.
وتداول عدد من المستخدمين لمواقع التواصل الاجتماعي، مقاطع مصورة تظهر أضراراً كبيرة لحقت بمنازلهم في منطقة البياضة ببلدية البيضاء لسوء الأحوال الجوية والسيول، ضمن تأثير العاصفة دانيال
واشتكى بعض سكان المنطقةِ في المقاطع الذي التقطنها بأنفسهم من غرق المنازل ووصول منسوبِ المياهِ إلى مستوى عال، يمتد لنحو متر كامل.
قال المواطن عطية البرعصي من منطقة البيضاء شرق البلاد لـ"العربي الجديد"، إن هناك أضرارا كبيرة لحقت بمنزله بسبب الأمطار والسيول وان سيارته لحقت بالأضرار، مضيفاً أن البنية التحتية سيئة وجهود فرق الإنقاذ ضعيفة جدا.