طمأن المستشار الألماني أولاف شولتز إلى أن لا أزمة مالية جديدة تلوح في الأفق داخل ألمانيا وأوروبا، كما ليس هناك من خطر، وذلك في مقابلة مع صحيفة "هاندلسبلات" نشرت اليوم الجمعة، لتأتي تطميناته في ظل إفلاس بنك "سيليكون فالي" والاضطرابات التي أحاطت بمصرف "كريدي سويس" وغيره.
وأوضح أن النظام النقدي لم يعد هشا كما كان قبل الأزمة المالية السابقة، ولذلك لا يتوقع أي عواقب على المدخرين الألمان، مؤكدا أن "الودائع آمنة".
وأضاف: "نعيش في زمن مختلف تماما"، في إشارة إلى المقارنات مع الأزمة المالية لعام 2008، والمتطلبات التنظيمية الجديدة للبنوك، مبينا أن النظام المصرفي والنقدي الألماني أكثر استقرارا بشكل ملحوظ مما كان عليه قبل الأزمة المالية الأخيرة.
وفي هذا الإطار، قالت الخبيرة الاقتصادية فيرونيكا غريم، في حديث مع شبكة التحرير الألمانية، إنه "لدينا الآن المزيد من الأمان المالي، والبنوك الكبرى بشكل عام في وضع أفضل مما كانت عليه عام 2008، وهناك المزيد من الشفافية".
من جهة ثانية، رفض شولتز الدعوات لزيادة الديون، فهو يرى إمكانية للتوفير في العديد من بنود الميزانية الاتحادية، من دون أن يغفل الإشارة إلى أنه تم بالفعل إنفاق مئات مليارات اليوروات في الأزمات الماضية، مشددا على أن الحكومة نجحت في قيادة ألمانيا خلال أزمتين كبيرتين، وهما جائحة كورونا وحرب أوكرانيا.
وأردف قائلا: "لن نكون قادرين على الاستمرار بهذا المسار على المدى الطويل"، معتبرا أن التحدي الآن هو السعي لتمكين الأسر لتدبير أمورها من دون استخدام قاعدة الاستثناء من القانون الأساسي.
وتطرق شولتز إلى إعلان وزير المالية الاتحادي المنتمي إلى الحزب الليبرالي الحر كريستيان ليندنر عن أن قرار مجلس الوزراء بشأن النقاط الرئيسية في الميزانية لعام 2024 والخطة المالية حتى عام 2027 سيتم تاجليه على خلفية التباينات داخل الائتلاف الحاكم حول الأولويات في الميزانية والمطالبات الإضافية من مختلف الإدارات بما يصل إلى 70 مليار يورو.
وحول هذه النقطة، أكد شولتز أن التأجيل ليس بالأمر الكبير بالنسبة إليه، إذ لا توجد خلافات كبيرة أو مشكلات أساسية في التعاون بين أحزاب تحالف "إشارة المرور" الحاكم المكون من الاشتراكي الديمقراطي والخضر والليبرالي الحر، مشيرا إلى أنه "من المهم العمل معا من أجل أن ننجح معا، ولدي انطباع بأن هذا ما سيحصل".
وعن أسباب عدم ترك إفلاس بنوك الولايات المتحدة آثارا مباشرة على البنوك الأوروبية، بعكس ما حصل إبان أزمة 2008، قال الخبير الاقتصادي ورئيس المعهد الألماني للأبحاث الاقتصادية مارسيل فراتزشر، الجمعة، إن المؤسسات المالية الأوروبية لم تستثمر أو بالكاد استثمرت بشكل مباشر في "سيليكون فالي".
لكن القلق يبقى، برأيه، من أزمة الثقة، بحيث يخشى المستثمرون في أوروبا من أن تواجه البنوك الأوروبية مشكلات مماثلة، وبالتالي يقومون ببيع أسهم البنوك وسحب الودائع.
والخطر الكبير هو ما يسمى "التوقعات الذاتية"، حيث الخوف من إفلاس البنوك يسبقه التهافت على سحب الودائع منها، ثم تتحقق حالات إفلاس مخيفة.
وعن مدى ضعف البنوك الألمانية وما إذا كان يجب على العملاء القلق بشأن أموالهم من المؤسسات المالية، قال فراتزشر إنه يتعين على جميع البنوك المركزية الكبرى إجراء مقايضة صعبة للغاية بين استقرار الأسعار والاستقرار المالي.
ورأى أن زيادة أُخرى في أسعار الفائدة مفيدة على المدى القصير من أجل السيطرة على التضخم المرتفع على نحو متسارع. ومع ذلك، فإن هذه الزيادة ستؤدي إلى خسائر أكبر للعديد من المؤسسات المالية، وبالتالي تهدد الاستقرار المالي.
وإذا ما أدت هذه الزيادات في أسعار الفائدة إلى مشكلات منهجية للعديد من البنوك، فإن المصارف المركزية ستخاطر بدخول الاقتصادات الوطنية في حالة ركود، وستنخفض الأسعار بشكل حاد للغاية، وستفشل البنوك المركزية بدورها على المدى المتوسط في الوفاء بها.