قال تقرير لمركز سياسات الطاقة العالمية بجامعة كولومبيا الأميركية، إن مستقبل تدفق صادرات الغاز المسال إلى أوروبا غير مضمون، وقد يواجه بعض القيود في حال عودة السوق الأميركي للنمو الاقتصادي في المستقبل القريب، حيث إن الحاجة المحلية للغاز الطبيعي قد تدفع السلطات الأميركية إلى الحد من حجم صادرات الغاز الطبيعي.
وتتوقع قلة من خبراء الطاقة أن تتمكن الولايات المتحدة في المستقبل من سد فجوة الغاز الروسي وتؤمن احتياجات أوروبا من الوقود الأزرق، وخاصة بعد الانفجار الذي أدى إلى توقف منصة "فريبورت" بتكساس، ثاني أكبر مصنع للغاز الطبيعي في الولايات المتحدة. وذكر التقرير أن صادرات الغاز الطبيعي المسال الأميركية ارتفعت بنحو 12 في المائة خلال الأشهر الثمانية الأولى من عام 2022 إلى حوالى 74 مليار متر مكعب.
وساهمت أزمة الطاقة في أوروبا التي اشتعلت في أعقاب غزو روسيا لأوكرانيا في الزيادة السريعة من الصادرات الأميركية، حيث جنت شركات الطاقة الأميركية نحو 35 مليار دولار من تصدير الغاز الطبيعي إلى أوروبا. وحققت الشركات الأميركية أحجام تصدير قريبة من قدرتها القصوى البالغة أكثر من 130 مليار متر مكعب على أساس سنوي في إبريل/ نيسان - مايو/ أيار 2022.
لكن الأحجام التصديرية كانت أقل في الأشهر الأخيرة من العام الماضي بسبب انفجار منصة " فريبورت" للغاز الطبيعي المسال في تكساس التي تبلغ سعة التحميل الأساسي فيها نحو 1.98 مليار قدم مكعب في اليوم، وتصل في أوقات الذروة إلى 2.2 مليار قدم مكعب في اليوم.
لكن من المتوقع أن تعوض منشأة " كالكاسيو" في لويزيانا التي أُنشئت في العام الماضي، وتبلغ طاقتها 0.5 مليار قدم مكعب في اليوم بعض خسائر منصة فريبورت. كذلك المتوقع أن يكتمل العمل بمنشأة الغاز الطبيعي لشركة "غولدن باس" بتكساس في عام 2025.
ولكن على الرغم من هذا التوسع، يرى التقرير أن الغاز المسال الأميركي لن يتمكن من تغطية النقص في الغاز الطبيعي العالمي إذا تأثرت صادرات الغاز الروسي بشكل هيكلي بسبب خروج شركات الطاقة الغربية ومقدمي الخدمات والتقنية الغربيين من السوق الروسي. ويشير التقرير إلى أن سوق الغاز العالمي سيشهد نقصاً في الإمدادات ليس فقط في الغاز الطبيعي المنقول عبر الأنابيب، ولكن كذلك في الغاز المسال.
وتمكنت الولايات المتحدة عبر ثورة الغاز الصخري أن تصبح من كبار مصدري الغاز الطبيعي المسال في العالم. وكانت فكرة أن تتحول أميركا من دول مستهلكة إلى دولة مصدرة تبدو خيالية حتى قبل سنوات قليلة، ولكن الولايات المتحدة فعلت ذلك، حيث صدرت كميات من الغاز الطبيعي المسال تعادل الكميات التي صدرتها قطر في العام الماضي 2022، حيث بلغت أكثر من 81 مليار متر مكعب.
وربما تمكنت الشركات الأميركية من تصدير المزيد من الغاز المسال خلال العام الجاري. وصدرت الشركات الأميركية معظم الغاز المسال عبر موانئ خليج المكسيك إلى أوروبا، التي تخلت عن الغاز الروسي المصدر عبر الأنابيب التي كانت تحصل عليه من شركة غازبروم الروسية بعد غزو روسيا لأوكرانيا.
وتواجه شركات الطاقة الأميركية التي تعمل في النفط والغاز الصخري صعوبات قانونية وبيئية في التوسع في إنتاج الغاز مع سياسات إدارة الرئيس جو بايدن التي تعارض عمليات إنتاج الطاقة الأحفورية وترى أنها ملوثة للبيئة، وبالتالي يجب الاستثمار في الطاقات البديلة.
ويرى تحليل معهد اقتصاديات الطاقة والتحليل المالي الأميركي، وهو منظمة غير حكومية في مجال الطاقة، أن طفرة تصدير الغاز الطبيعي المسال الأميركية ستواجه مجموعة من الصعوبات خلال الأعوام المقبلة، وأن هناك العديد من العقبات التي تعترض الشركات الأميركية العاملة في مجال الطاقة من قبل سلطات الولايات الفدرالية.
وخلص التحليل إلى أن صادرات الغاز المسال التي ساهمت في إنقاذ أوروبا من أزمة الطاقة في العام الماضي، قد لا تتمكن في السنوات المقبلة من تلبية حاجة القارة العجوز ما لم تتوافر مصادر أخرى من الغاز المسال.
ويتوقع محللون أن خروج الاقتصاد الصيني من جائحة كورونا سيضغط على إمدادات الغاز الطبيعي في أوروبا، وسيكون التنين منافساً على شحنات الغاز المسال.