يواصل الغزو الروسي لأوكرانيا تغذية الصراع بين التحالف الغربي الذي تقوده واشنطن، وبين تحالف "شي ـ بوتين" (الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الصيني شي جين بينغ) على تشكيل النظام العالمي الذي تقوده حالياً الولايات المتحدة.
وفي المقابل، تطالب الصين بنظام جديد متعدد الأطراف بديل يكون لها فيه نصيب من القرار السياسي والنفوذ الجيوسياسي في العالم.
ووفق خبراء، فإن الصراع على النفوذ بات يتشعب من التجارة إلى المال وهيمنة الدولار على العملات والمعادن النادرة والتقنيات التي تخلق التقدم التقني والتفوق العسكري.
وحسب دراسة بمعهد بروكغنز للدراسات في واشنطن، فإن العالم يواجه حالياً تحديات كبيرة في تحديد مصادر المعادن الضرورية للصناعة عالية الدقة، والتي تساهم في الانتقال إلى مصادر الطاقة منخفضة الكربون والصناعات عالية التقنية والشرائح الإلكترونية.
ومن بين المعادن التي باتت تدخل ضمن حماية "الأمن القومي الأميركي"، وتعتبر استراتيجية للتفوق الأميركي على الصين، نحو 40 معدناً، تشمل المعادن الأرضية النادرة والنيكل والنحاس والليثيوم والكوبالت وصفائح الألمونيوم، التي تدخل في صناعات الفضاء والصناعات الدفاعية.
وتتوقع الدراسة أن يقود الصراع التجاري والتنافس التقني بين واشنطن وبكين تلقائياً إلى ارتفاع أسعار هذه المعادن، كما سيتضاعف الطلب عليها بحلول الأعوام المقبلة، خاصة بعد اشتعال نيران الحرب في أوكرانيا وتهديدات روسيا للأمن القومي الغربي الرأسمالي في أوروبا، واحتمال هيمنة الصين على مضيق بحر الصين الجنوبي.
على صعيد الطاقة التي باتت الهاجس الأول للدول الغربية على خلفية غزو أوكرانيا والعقوبات على روسيا والكوارث البيئية، ترى وكالة الطاقة الدولية ضرورة اتخاذ إجراء عالمي للحد من ارتفاع درجة الحرارة العالمية إلى أقل من 2 درجة مئوية.
وتطبيق مثل هذا الإجراء يحتاج إلى تقنيات عالية تدخل فيها هذه المعادن الاستراتيجية. وتفتقر الولايات المتحدة إلى هذه المعادن في الوقت الذي تهيمن عليها الصين.
فالتحول البيئي من وقود النفط إلى الوقود النظيف والصديق للبيئة يحتاج إلى تقنيات جديدة ترغب الولايات المتحدة في تملكها. وهنالك نحو 40 معدناً تضعها الولايات المتحدة ضمن المعادن الاستراتيجية للأمن القومي.
واستنادًا إلى بيانات هيئة المسح الجيولوجي الأميركية، تم إدراج هذه المعادن في خطة لدراسة كيفية توفيرها والسيطرة على إنتاجها.
المعادن الحرجة للولايات المتحدة
وفي العام 2018، أصدرت وزارة الداخلية الأميركية قائمة تضم 35 معدنًا مهماً ووضعتها ضمن قائمة معادن مهمة للأمن القومي الأميركي. وفي فبراير/ شباط الماضي، ضمت إليها وزارة الداخلية الأميركية 15 سلعة أخرى.
ويرجع جزء كبير من الزيادة في القائمة الجديدة إلى تقسيم العناصر الأرضية النادرة وعناصر المجموعة البلاتينية إلى إدخالات فردية للمعادن، بدلاً من تضمينها كـ"مجموعات معدنية".
وبالإضافة إلى ذلك، تضيف قائمة المعادن المهمة لعام 2022 النيكل والزنك إلى القائمة، وإزالة الهيليوم والبوتاس والرينيوم والسترونشيوم.
وأزمة واشنطن تدور حول أن هذه المعادن غير متوفرة في الولايات المتحدة، ومثالاً على ذلك في عام 2021، لاحظت الوزارة أن هناك منجما واحدا فقط للنيكل في البلاد، وهو منجم إيغل في ميشيغن.
وتشحن الشركة مواد النيكل إلى الخارج للتكرير، ومن المقرر أن تغلق هذه الشركة أبوابها في العام 2025. كما أن لدى الولايات المتحدة منجما واحدا لمادة الليثيوم المهمة في صناعة البطاريات، وهو منجم "سيلفر بيك" في نيفادا. وتستورد أميركا معظم المواد النادرة من دول تنافسها على قيادة العالم، وعلى رأسها الصين.
هيمنة الصين على المعادن
وتعد المعادن النادرة ضرورية لمجموعة متنوعة من المنتجات عالية التقنية، مثل المركبات الكهربائية والسيراميك المتقدم وأجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية وتوربينات الرياح والشاشات والألياف البصرية.