استطاعت عملاقة التكنولوجيا الأميركية "مايكروسوفت" تخطي عقبتين كبيرتين أمام خطتها لشراء "أكتيفيجن بليزارد" لألعاب الفيديو، وتمثل ذلك أولا بموافقة قاضية أميركية على الصفقة البالغة قيمتها 69 مليار دولار، والثانية بإشارة هيئة تنظيمية بريطانية إلى أنها قد تعيد النظر في معارضتها.
بدأت مساعي "مايكروسوفت" للاستحواذ على شركة ألعاب الفيديو الأميركية العالقة في شباك الهيئات الناظمة تشهد حلحلة يوم الثلاثاء، مع صدور قرار إيجابي في كاليفورنيا، وبداية تعاون مع هيئة المنافسة البريطانية.
ورفضت قاضية فيدرالية في ولاية كاليفورنيا طلب هيئة المنافسة الأميركية التعليق الفوري لعملية الاستحواذ، في ما يشكّل انتكاسة أولى لحكومة الولايات المتحدة في هذه القضية.
ويتعلق الحكم الذي صدر بتاريخ الاثنين ونُشر الثلاثاء، فقط بإجراءات قدمتها لجنة التجارة الفدرالية بصفة العجلة وليس باساس القضية الذي سيُنظر به لاحقاً. ومن المقرر عقد جلسة استماع في نهاية أغسطس/آب في هذه القضية.
تقول لجنة التجارة الاتحادية الأميركية إن "مايكروسوفت" ستكون قادرة على استخدام ألعاب "أكتيفيجن" لإبعاد منافسين مثل "نينتندو" و"سوني" عن المنافسة
وطلبت هيئة المنافسة الأميركية بصفة العجلة من محكمة فدرالية في سان فرانسيسكو تعليق استحواذ "مايكروسوفت" على "أكتيفيجن بليزارد" موقتاً استناداً إلى مقالات صحافية انتشرت "تشير إلى أن مايكروسوفت وأكتيفيجن تفكران بجدية في استكمال عملية الاستحواذ"، على الرغم من هذا الإجراء ومن الحظر الصادر عن الهيئة البريطانية، بحسب الشكوى الوثيقة التي قدمت في منتصف يونيو/حزيران الفائت.
كذلك اعترضت هيئة المنافسة البريطانية على هذه الصفقة، معتبرة أنّها تضرّ بالمنافسة في مجال الألعاب السحابية. إلا أن رئيس "مايكروسوفت" براد سميث أعلن الثلاثاء، أن المجموعة ستقدم مقترحات إلى هيئة المنافسة البريطانية سعياً إلى "معالجة مخاوفها" في شأن الاستحواذ على "أكتيفيجن" بطريقة "مقبولة".
وأكدت الهيئة لوكالة "فرانس برس" استعدادها "للنظر في أي اقتراح من مايكروسوفت لتعديل الصفقة".
وفي بادرة تهدئة، قررت "مايكروسوفت" تعليق دعوى الاستئناف المرفوعة منها أمام المحاكم البريطانية للطعن في الاعتراض الأساسي للهيئة الناظمة. وكان من المقرر أن تعقد جلسة للنظر في هذا الاستئناف في نهاية يوليو/تموز.
وأفادت محطة "سن إن بي سي" بأن "مايكروسوفت" اقترحت مبيعات "ثانوية" للأسهم للحصول على الضوء الأخضر من الهيئة. ووافقت المفوضية الأوروبية في مايو/أيار الفائت على صفقة استحواذ "مايكروسوفت" على "أكتيفيجن بليزرد" المقدرة قيمتها بـ69 مليار دولار والتي من شأنها أن تجعل المجموعة الأميركية العملاقة ثالث كبرى الشركات في مجال ألعاب الفيديو في العالم.
من شأن الصفقة أن تجعل المجموعة الأميركية العملاقة ثالث كبرى الشركات في مجال ألعاب الفيديو في العالم
ومع أن قرار محكمة كاليفورنيا مجرّد قرار موقت لقضاء العجلة، فإن حيثياته شكّلت ازدراءً بلجنة التجارة الفدرالية وتنذر بمسار قانوني صعب للهيئة الناظمة. وعللت القاضية الفدرالية جاكلين سكوت كورلي قرارها بأن "لجنة التجارة الفدرالية لم تُظهر قدرتها على إثبات احتمال أن تحدّ هذه الصفقة من المنافسة في هذا القطاع".
وأعرب رئيس "مايكروسوفت" في بيان عن امتنانه "لمحكمة سان فرانسيسكو على هذا القرار السريع والمعمّق"، آملاً في "استمرار السلطات القضائية الأخرى في العمل من أجل حل سريع" للنزاعات التي لا تزال جارية. وأكد عزم المجموعة على تبديد "مخاوف الجهات الناظمة".
أما الناطق باسم لجنة التجارة الفدرالية دوغلاس فارار فقال لوكالة "فرانس برس": "نشعر بخيبة أمل من هذا القرار نظرا للخطر الواضح الذي يمثله هذا الاندماج للألعاب عبر الإنترنت أو بنظام الاشتراكات أو بواسطة أجهزة التحكم". وأضاف: "في الأيام المقبلة، سنعلن الخطوة التالية في معركتنا للحفاظ على المنافسة وحماية المستهلكين".
ارتفعت أسهم "أكتيفيجن" 10% بعد هذه الأنباء، إذ كانت الولايات المتحدة وبريطانيا الدولتين الوحيدتين اللتين تعارضان ما قد تكون أكبر صفقة تبرمها مايكروسوفت على الإطلاق وكذلك في تاريخ صناعة ألعاب الفيديو. وارتفعت أسهم مايكروسوفت 64 سنتا إلى 332.47 دولارا.
من المتوقع أن تزيد مبيعات سوق الألعاب 36% خلال السنوات الأربع المقبلة إلى 321 مليار دولار
وقالت لجنة التجارة الاتحادية الأميركية إن "مايكروسوفت" ستكون قادرة على استخدام ألعاب "أكتيفيجن" لإبعاد منافسين مثل "نينتندو" و"سوني" عن المنافسة، وهو ما رفضته كورلي.
وقالت القاضية "لم تظهر لجنة التجارة الاتحادية أن من المحتمل أن تنجح في تأكيدها بأن الشركة المندمجة ستسحب على الأرجح كول أوف ديوتي من منصة بلايستيشن التابعة لسوني، أو أن ملكيتها لألعاب أكتيفيجن ستقلل بشكل كبير من المنافسة في سوق ألعاب الفيديو والألعاب السحابية". وأمهلت المحكمة اللجنة حتى يوم الجمعة للطعن على القرار.
ومن المتوقع أن تزيد مبيعات سوق الألعاب 36% خلال السنوات الأربع المقبلة إلى 321 مليار دولار، وفقًا لتقديرات شركة "برايس ووتر هاوس كوبرز" المتخصصة في الخدمات المهنية.
واتخذت إدارة الرئيس جو بايدن موقفاً أكثر تشدداً من معظم سابقاتها في ما يتعلق بحماية المنافسة. وتمكنت بالفعل في نهاية أكتوبر/تشرين الأول من منع الاستحواذ على دار النشر Simon & Schuster (سايمن أند شوستر) من منافستها Penguin Random House (بينغوين راندوم هاوس)، ومن إنهاء التحالف بين شركتي الطيران "جت بلو" و"أميركان إيرلاينز"، لكنّها لم توفّق في حالات عدة أخرى.
(فرانس برس، رويترز)