عام الأزمات المعيشية للمواطن: استقرار الاقتصاد الليبي مرهون بتحقيق التوافق السياسي

28 ديسمبر 2024
انعكست أزمة الاقتصاد الليبي على الأوضاع المعيشية، طرابلس 24 فبراير 2024 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- شهد الاقتصاد الليبي في 2024 تحديات كبيرة، منها ضريبة مبيعات النقد الأجنبي وغلاء الأسعار وتأخر صرف الرواتب، مما أدى إلى تعطل إنتاج النفط قبل أن يعود إلى مستوياته الطبيعية بعد حل الأزمة المصرفية.

- أثرت إغلاقات الحقول النفطية على الإيرادات وميزان المدفوعات، وبلغ تضخم أسعار المستهلكين 60%، مما أثر على القدرة الشرائية للدينار وزاد أزمة السيولة.

- توقع البنك الدولي انكماش الناتج المحلي بنسبة 2.7%، مشيرًا إلى أهمية الإصلاحات الاقتصادية لتحقيق الاستقرار، مع توقع فائض مالي بنسبة 1.7% واستقرار إنتاج النفط.

مر الاقتصاد الليبي في 2024، بعدد من الأزمات انعكست على الأوضاع المعيشية للمواطنين، حيث تفاقمت أزمات ضريبة مبيعات النقد الأجنبي، وغلاء الأسعار وتأخر صرف الرواتب بسبب أزمة مصرف ليبيا المركزي، وما ترتب عليها أيضاً من تعطل إنتاج النفط لفترات طويلة قبل أن يعلن مؤخراً استقراره وعودته إلى مستوياته الطبيعية منذ حل أزمة المصرف المركزي.

ووصف المحلل الاقتصادي محمد الشياني العام بأنه "صعب للغاية"، مشيرًا إلى تأثير إغلاقات الحقول النفطية على إنتاج البلاد الذي تراجع إلى مستويات متدنية، مما أدى إلى انخفاض الإيرادات النفطية وارتفاع عجز ميزان المدفوعات إلى 6.1 مليار دولار بنهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. وأضاف الشياني لـ “العربي الجديد": أن ضريبة مبيعات النقد الأجنبي عمّقت الأزمة، في ظل تضخم أسعار المستهلكين الذي بلغ 60% في بعض الأشهر، وفق الدراسات الاقتصادية، مع تدهور القدرة الشرائية للدينار الليبي.

من جانبه، أوضح المصرفي معتز هويدي لـ "العربي الجديد"، أن أزمة مصرف ليبيا المركزي انعكست على تعطّل التعاملات المصرفية وتفاقم أزمة السيولة. وأشار إلى أن عرض النقود خارج القطاع المصرفي ارتفع إلى 45.94 مليار دينار بنهاية سبتمبر، مما شكل ضغطًا إضافيًّا على الاستقرار الاقتصادي.

وفي السياق ذاته، قال المحلل المالي صبري ضوء لـ "العربي الجديد"، أن البلاد استمرت في الإنفاق العام من دون موازنة للعام 2024، رغم إقرار موازنات من قبل مجلس النواب للحكومتين المتنافستين. وأضاف أن زيادة الإنفاق مع تراجع الإيرادات زاد من تفاقم العجز المالي، مؤكدًا أهمية توحيد الإنفاق العام عبر موازنة موحدة وإلغاء ضريبة مبيعات النقد الأجنبي لخفض الأسعار وتحسين الوضع المعيشي. 

استمرار اعتماد الاقتصاد الليبي على النفط 

وكشف تقرير حديث للبنك الدولي عن انكماش متوقع للناتج المحلي بنسبة 2.7% خلال العام 2024، مع استمرار اعتماد الاقتصاد الليبي على النفط مصدراً رئيسياً للإيرادات، ما يعكس الحاجة الملحّة إلى تنويع مصادر الدخل.

وأكد البنك الدولي أن استدامة الاستقرار الاقتصادي في ليبيا مرهونة بالتوافق السياسي وتنفيذ إصلاحات اقتصادية جذرية. وعن مؤشرات استقرار في الاقتصاد الليبي، عقب الاتفاق الذي أنهى أزمة القيادة في مصرف ليبيا المركزي، والتي أثرت سلبًا على إنتاج النفط. ومع عودة الإنتاج إلى مستويات ما قبل الأزمة، توقع التقرير أن ينكمش إجمالي الناتج المحلي بنسبة 2.7% خلال عام 2024. 

وأشار إلى أن الإيرادات النفطية ستنخفض خلال 2024، إلا أن فائض المالية العامة سيصل إلى 1.7% من الناتج المحلي، فيما سيبلغ الرصيد الخارجي 4.1% بفضل تراجع الإنفاق والواردات. وأعلنت المؤسسة الوطنية للنفط تجاوز الإنتاج اليومي المستهدف 1.405 مليون برميل يومياً، بجانب 52,633 برميلًا من المكثفات. 

وانخفض إنتاج النفط بنسبة 8.5% في الأشهر العشرة الأولى من العام، متراجعًا من 1.17 مليون برميل يوميًّا إلى 0.54 مليون برميل في سبتمبر/أيلول، بسبب أزمة المصرف المركزي. ومع انتهاء الأزمة، تعافى الإنتاج ليصل إلى 1.3 مليون برميل يوميًّا بنهاية أكتوبر/تشرين الأول. واستقرت أسعار النفط حول 80 دولارًا للبرميل، متأثرة بتراجع الطلب العالمي وتنامي المخاطر الجيوسياسية الإقليمية.

كما وصلت معدلات التضخم السنوي في ليبيا إلى 2.2% خلال شهر أكتوبر الماضي، وفقًا لبيانات صادرة عن مصلحة الإحصاء والتعداد التابعة لوزارة التخطيط. وسجل الرقم القياسي العام لأسعار المستهلك 30303 نقاط مقارنة بـ 2603 نقاط في الشهر ذاته من العام الماضي، مع زيادة في أسعار جميع المجموعات السلعية الرئيسية، مما يعكس استمرار الضغوط الاقتصادية على الأسر الليبية التي تشتكي من غلاء الأسعار خاصة السلع الأساسية.

المساهمون