عصام الزامل خبير اقتصادي سعودي مرموق، باحث ومحلل اقتصادي متميز، كاتب اقتصادي في عدة صحف ومجلات سعودية وعربية وعالمية، رائد أعمال ورجل أعمال مشهود له بالكفاءة والنزاهة والتجديد، صاحب ابتكارات وإبداعات في مجال البزنس، صنفته مجلة "فوربس" العالمية الشهيرة بأنه أحد أبرز الشخصيات الاقتصادية في المملكة.
كرّمه الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز ونجله في عام 2014 باعتباره من رواد التكنولوجيا في المملكة ومنحه جائزة "أصغر رائد أعمال مبدع". مؤسس شركة رمّال المتخصصة في تكنولوجيا المعلومات. كان عضوًا في اللجنة التنفيذية لرجال الأعمال الشباب وغرفة التجارة. كان ينشر آراءه الاقتصادية على مدونته الشخصية التي بلغ عدد زوارها قبل نحو 3 سنوات نحو 3 ملايين زائر.
ولد الزامل في الدمام عام 1979، وحصل على البكالوريوس في الهندسة الكيميائية من جامعة تولين الأميركية في 2002، وعمل بعدها في شركة أرامكو العملاقة، أكبر منتج للنفط في العالم، مهندسًا، وساهم في تطويرها.
بعدها استقال من منصبه الحكومي، وعلى مدى سنوات أنشأ العديد من المواقع والبرامج والتطبيقات والخدمات على شبكة الإنترنت، مثل Game4Arab وLinux4arab ومنتدى montada.com، ويعد موقع أوامر awamer الذي أسسه الزامل من المواقع التي تقدم خدمة مباشرة للمستثمرين، وهي خدمة خاصة بالتداول التلقائي للأسهم المتداولة في البورصة السعودية.
تعليقي بخصوص قرارات الأمس بخفض البدلات وإيقاف العلاوات#تعديل_البدلات_الحكومية pic.twitter.com/4NtSUbRbyx
— عصام الزامل (@essamz) September 27, 2016
كذلك حقّق الزامل إنجازات أخرى، كان أبرزها إنشاء تطبيق بروفايس لقياس القدرة الإنتاجية وكفاءة العمل والعمال، بالإضافة إلى مواقع أخرى للألعاب والتسوق، وعدد من المواقع الخدمية، وهو الأمر الذي جعله يحصل على عدة جوائز من الملك سلمان كونه من رواد التكنولوجيا في المملكة، مثل جائزة خريجي الدولة للإنجازات.
وبالرغم من التكريم الرسمي الذي حصل عليه، لم يكن الزامل واحداً من المقربين من النظام السعودي وحكومته، خاصة أن آراءه كانت محل نقد من السلطات الحاكمة بسبب خوضه في ملفات اقتصادية وجماهيرية حساسة بالنسبة إليها، منها حديثه عن تنامي نسب الفقر والبطالة في السعودية، أغنى دول المنطقة وأكبر دولة منتجة للنفط في العالم.
وكذلك انتقاده لقرار الحكومة تطبيق سياسة الخصخصة وبيع أصول الدولة، ومنها شركة أرامكو النفطية، كما كان الزامل ناقداً للأرقام الحكومية التي كان يراها بعيدة عن الواقع وتفتقد المصداقية، مثل الأرقام المتعلقة بالبطالة والفقر وغيرها.
كان الزامل لا يكف عن الحديث عن ضرورة حدّ السلطات من استقدام العمالة الأجنبية الرخيصة والتي لا تملك أي خبرات، وأضرارها أكثر من نفعها، خاصة على سوق العمل واحتياطيات البلاد من النقد الأجنبي والتي تستنزف تلك العمالة مليارات الدولارات منها سنوياً.
كذلك كان يطالب بضرورة إعداد السعوديين لسوق العمل، بما فيها اقناعهم بالعمل في الصناعات الحرفية واليدوية، ونشر ثقافة العمل الحر بين العمالة الوطنية وإعادة تأهيلها بحيث تكون مناسبة لفرص العمل المتاحة، وكذا ربط الجامعات بسوق العمل.
ومن خلال دراساته ومقالاته ومداخلاته التلفزيونية طرح عصام الزامل حلولًا واقعية لأزمات الاقتصاد السعودي، ومنها الاعتماد شبه الكامل على النفط كمصدر للإيرادات العامة، وعدم تنوع الاقتصاد، وإهمال قطاع الإنتاج والصناعة.
ولذا كان يطالب دومًا بإصلاح مشاكل الاقتصاد الهيكلية والتركيز على تنمية القطاع الصناعي باعتباره المولد الأول لسوق العمل وزيادة الإنتاج المحلي والحد من الواردات والحافظ على الاحتياطي الأجنبي.
المحيطون بعصام الزامل كانوا يتوقعون اختياره لمنصب وزاري، تولي وزارة الاقتصاد مثلًا أو وزارة المالية أو غيرها من الوزارات الاقتصادية، خاصة مع امتلاكه رؤى إبداعية في إدارة اقتصاد بحجم الاقتصاد السعودي ومشاكله العديدة، لكن السلطات قامت باعتقاله في سبتمبر/ أيلول 2017، ضمن مجموعة ضمت علماء بارزين وقادة رأي ورجال دين.
في البداية لم يعرف أحد التهم الموجهة إلى الزامل، لكن وسائل الإعلام سرّبت بعدها تهمًا فضفاضة، من عينة الانتماء لجماعة الإخوان المسلمين المحظورة، وإساءة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، والإساءة لمؤسسات الدولة، والتحريض على الاحتجاج.
بعدها، أضافت النيابة العامة السعودية تهمًا أخرى إلى الزامل، منها الاتصال بدول خارجية، والتحريض على احتجاجات الشباب على الحكومة، والتشكيك في نزاهة القضاء، إلى جانب لقاء دبلوماسيين أجانب وتزويدهم بمعلومات وتحليلات عن الحراك الذي يجري في السعودية دون إبلاغ الجهات الرسمية بذلك.
لكن الحقيقة أن اعتقال الزامل جاء على خلفية انتقاده رؤية محمد بن سلمان للإصلاح الاقتصادي التي حملت عنوان "رؤية 2030"، إذ نشر عدة تغريدات في هذا الشأن حذفها لاحقًا بعد تلقي تحذيرات رسمية، كما انتقد الزامل خطة ولي العهد الخاصة ببيع 5% من أسهم حصة في شركة أرامكو وطرحها للاكتتاب العام، كذلك انتقد سياسة توسع الحكومة السعودية في شراء الأسهم في الأسواق الدولية والاعتماد على تلك الاستثمارات في تحقيق إيرادات الدولة، وذلك بسبب طبيعة تلك الاستثمارات وتذبذبها العالي ومخاطرها المرتفعة، كما توقع تراجع أرباح شركة أرامكو النفطية وهو ما حدث بالفعل خلال العام الماضي.
قبل اعتقاله من قبل السلطات السعودية وتحديدا يوم 9 أغسطس/ آب 2017، انتقد الزامل مثلًا تقريرًا صادرًا عن هيئة الإحصاء الحكومية حول سوق العمل للربع الأول لعام 2017، إذ كشف عن احتواء الإصدار على أرقام غير واقعية، وافتقاره لأرقام أساسية، وفي الوقت الذي تحدث فيه التقرير الحكومي عن تراجع للبطالة، إلا أن الزامل علق وقتها ساخرًا: " لا يوجد إلا تفسير واحد لهذا الانخفاض وهو أن السعوديين توقفوا عن الإنجاب لمدة سنة كاملة قبل 20 سنة".
وقبلها بعام، وتحديدا يوم 26 أغسطس/ آب 2016، توقع الزامل فشل طرح أرامكو، العمود الفقري لرؤية 2030 التي يتبناها محمد بن سلمان، وهو ما حدث بالفعل، إذ تعثر طرح الحصة عدة مرات في الفترة من 2016 -2019، إلى أن استقر الرأي على طرحها فقط في الأسواق المحلية، وتأجيل الطرح في الأسواق الدولية إلى أجل غير مسمى.
وبعدها بشهر، وتحديدًا يوم 27 سبتمبر/ أيلول 2016، وعقب إصدار قرار مجلس الوزراء السعودي إلغاء بعض العلاوات والبدلات والمكافآت والمزايا المالية المخصصة لموظفي الدولة، انتقد الزامل القرارات واعتبرها سلبية على المواطن والمستوى الاقتصادي.
وقال إن خفض البدلات سيؤثر بشكل سلبي وكبير على المستوى المعيشي لكثير من المواطنين، بل وتحدث صراحة بأن الحقيقة المرة هي أن اقتصاد المملكة ضعيف وهش، وأنه خلال الأربعين سنة الماضية فشلت المملكة في بناء اقتصاد منتج قادر على الحافظ على مستوى معيشي مرتفع للمواطنين. وصدقت رؤية الزامل حينما ألغى الملك السعودي القرارات الحكومية التقشفية وأعاد "بدل المعيشة".
مشكلة الزامل هي أنه لم ينضم لجوقة النظام الحاكم والمطبلين لخطة رؤية 2030 للإصلاح الاقتصادي، إذ كان يعتمد دائمًا في آرائه على الأرقام الرسمية والتحليلات الواقعية، دون خداع الرأي العام بالكلمات الرنانة عبر استخدام وتبني القرارات الحكومية والتهليل لها.
خبير اقتصادي بهذه المواصفات والخبرات بدلًا من أن تستفيد منه بلاده عاقبه النظام السعودي الأسبوع الماضي على جرائم لم يرتكبها بالسجن 15 عامًا، وكأنه واحد من عتاة المجرمين، لا خبيرًا اقتصاديًا وماليا مرموقًا أراد الإصلاح والنهوض باقتصاد بلاده ليصبح في مصاف البلدان الكبرى، خاصة مع امتلاك المملكة الإمكانات المالية والنفطية الضخمة.
لو سمع النظام السعودي للزامل وأمثاله من الخبراء الوطنيين ما غرق الاقتصاد في مشكل وأزمات شديدة رفعت معدل البطالة لأكثر من 15% من القوى العاملة، ونسب الفقر لما يقرب من 25% بحسب أرقام غير رسمية.
وما دفعت الأزمات المتلاحقة الحكومة نحو التوسع في الاستدانة الخارجية، والسحب السريع من الاحتياطي الأجنبي والاحتياطي العام، وزيادة أسعار السلع الرئيسية بما فيها البنزين والغاز والكهرباء والمياه، وزيادة الضرائب والرسوم على المواطن، وخفض الرواتب وإلغاء بدل المعيشة وتأجيل تنفيذ مشروعات تنموية واستثمارية كبرى.