تتحرك مجموعة جنرال موتورز الأميركية بشكل متسارع نحو تطوير السيارات الكهربائية، بغية الاستفادة بأكبر قدر من التغيرات المقبلة في السوق في ظل توجه الإدارة الأميركية المقبلة، نحو توسيع هذه الصناعة، الأمر الذي يدفع عملاق الصناعة الأميركي نحو الحصول على أكبر حصة من السوق، وهو ما يثير تساؤلات حول إذا ما كان هذا الهدف يستلزم ابتلاع المنافسين المحليين أم سيكون للسباق رأي أخر؟
الأسبوع الماضي، أعلنت جنرال موتورز، توظيف ثلاثة آلاف مهندس وخبير معلوماتية ومصمم، بهدف تطوير مركبات كهربائية وذاتية القيادة. وقد باشرت المجموعة بعمليات التوظيف هذه على أن تستمر حتى الربع الأول من العام المقبل 2021.
وشدد رئيس المجموعة مارك رويس، على أهمية مواصلة "التوظيف والاستعانة بمواهب منوعة جديدة"، وفق بيان صحافي، مضيفا :" إننا مصممون على الاستمرار في تطوير البرمجيات التي نحتاج إليها للهيمنة على سوق المركبات الكهربائية، وتحسين تجربة الزبائن والحصول على يد عاملة من ذوي الخبرة في مجال البرمجيات".
وتسعى المجموعة التي تتخذ مقرا لها في ديترويت إلى تطوير 20 طرازاً من المركبات الكهربائية بالكامل بحلول 2023، لحجز مكان لها بمواجهة "تسلا"، أبرز الأسماء في هذا المجال.
وطرحت جنرال موتورز، بالفعل على مدار الفترة الماضية مركبات هجينة أو كهربائية مثل "فولت" و"بولت" من "شفروليه"، غير أن الشركة تسعى إلى تعزيز وجودها في هذه السوق. وهي قدمت أخيرا نسخة كهربائية من طراز "هامر" الرباعي الدفع.
وينظر معظم خبراء النقل إلى عالم تهيمن فيه السيارات التي تعمل بالطاقة الكهربائية على السفر على الطرق البرية مستقبلاً، بحسب تقرير لشبكة بلومبيرغ الأميركية مطلع الشهر الجاري، مشيرة إلى أنه يمكن أن تُحدّد نتيجة الانتخابات الأميركية ما إذا كان الأمر سيستغرق عقداً من الزمن لبلوغ هذه المرحلة، أو أنه سيحتاج إلى فترة أطول.
لكن جو بايدن الفائز بالانتخابات الرئاسية التي جرت في الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري بدا أكثر تحمسا من منافسه المهزوم الرئيس دونالد ترامب المنتهية ولايته، حيث تشمل خطة بايدن لهذا القطاع تشييد أكثر من نصف مليون محطة شحن بحلول عام 2030، واستعادة الائتمان الضريبي الكامل للسيارات الكهربائية، ووضع لوائح تشريعية أكثر صرامة من شأنها أن تشجع على استخدام السيارات العاملة بالطاقة الكهربائية.
بينما في المقابل كان من المتوقع أن يحافظ ترامب على الوضع الراهن الذي يضمن تخفيف معايير انبعاثات الوقود وخطة لبناء عدد أقل من مرافق الشحن.
ولا تبدو السياسات المرجحة للإدارة الأميركية المقبلة المحرك الوحيد للمنافسة الشرسة المرتقبة على صناعة السيارات الكهربائية في الولايات المتحدة، وإنما هناك إصرار أوروبي على إفساح المجال بشكل كبير لهذه المركبات وفق خطط زمنية موضوعة، لاسيما في ألمانيا وفرنسا وبريطانيا والنرويج.
ووفق تقرير حديث نشره مؤخرا موقع "بيست سيلينغ كارز" الذي يتتبع مبيعات السيارات حول العالم، فإن هناك نموا واضحا في مبيعات السيارات الكهربائية في جميع الأسواق الكبيرة مع إمكانات هائلة لزيادة المبيعات والمكاسب في حصتها في السوق بمجرد إعادة فتح الاقتصادات الأوروبية بالكامل بعد انحسار تداعيات جائحة فيروس كورونا.
وخلال النصف الأول من العام الجاري، كانت ألمانيا أكبر سوق أوروبي للسيارات الكهربائية، بينما تراجعت النرويج إلى المركز الرابع، وانتقلت فرنسا إلى المركز الثاني قبل المملكة المتحدة.
وسارعت فرنسا إلى الإعلان عن حوافز لشراء سيارات جديدة بينما صدمت ألمانيا صناعة السيارات من خلال تقديم الدعم فقط للمركبات ذات الشحنات الكهربائية. وفي ألمانيا، زادت عمليات تسجيل السيارات التي تعمل بالبطاريات الكهربائية بنسبة 43%، بينما زادت المبيعات في بريطانيا بنسبة 160% على أساس سنوي.
وفي مقابل الطلب المتزايد على السيارات الكهربائية فإن المعروض ما يزال محدوداً وفق تقارير متخصصة ما يدعو شركات كبرى مث جنرال موتورز وتسلا وغيرها من الكيانات إلى توسيع خطوط إنتاج هذه النوعية من المركبات.
وربما تشهد السوق المزيد من الاندماجات والاستحواذات على غرار ما شهدته في السنوات الماضية وخلال عمر صناعة السيارات المتطورة بشكل متسارع خلال العقود الأخيرة.
وتعد جنرال موتورز من أضخم الشركات التي تضم تحت إدارتها العديد من الماركات الشهيرة، فقد استحوذت عبر تاريخها، على أكثر من 30 ماركة معروفة في صناعة السيارات حول العالم، وفق تقرير حديث لموقع "أوتو كار" البريطاني المختص بأخبار السيارات.
وفي وقت سابق من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، أعلنت جنرال موتورز، تحقيق أرباح قوية خلال الربع الثالث من العام الجاري، حيث حافظت على تصدرها لسوق الشاحنات الكبيرة والسيارات الرياضية متعددة الأغراض في الولايات المتحدة.
وبلغت إيرادات المجموعة خلال الربع الثالث 35.5 مليار دولار، فيما سجلت أبراحا قبل الضرائب بقيمة 5.3 مليارات دولار بزيادة نسبتها 78% عن الفترة نفسها من العام الماضي 2019.