سجلت أسعار بيض المائدة في قطاع غزة ارتفاعات قياسية ومتتالية، خلال الفترة الأخيرة، على الرغم من تدهور الأوضاع الاقتصادية وارتفاع معدلات الفقر والبطالة، وانعدام الأمن الغذائي في صفوف السكان البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة.
واعتاد سكان القطاع لسنوات على استقرار أسعار "بيض المائدة" ما بين 9 و11 شيكلاً إسرائيلياً للعبوة الكرتونية أو "البلاستيكية" المؤلفة من 30 بيضة من بيض الدواجن، أو ما يعرف بـ "بيض المائدة". (الدولار الأميركي = 3.59 شواكل إسرائيلية).
وخلال عام 2022 ارتفعت أسعار عبوة البيض تدريجياً لتستقر عند معدل 15 شيكلاً على مدار شهور، قبل أن ترتفع خلال اليومين الماضيين لتتراوح ما بين 16 و17 شيكلاً، وسط توقعات بوجود ارتفاعات جديدة خلال الفترة المقبلة.
ويشكل "بيض المائدة" بالنسبة لآلاف الأسر الفلسطينية في القطاع طبقاً أساسياً لا سيما الفقيرة منها، حيث كانت هذه العائلات سابقاً تقوم بشراء عدد بسيط من البيض مقابل مبلغ مالي يتراوح من شيكل إلى 3 شواكل، وفقاً لاحتياجها.
وانعكست حالة الارتفاع الكبير بالسلب على هذه الأسر، إذ أصبح سعر البيضة الواحدة حالياً يصل إلى شيكل، فيما تباع الثلاث بيضات بمبلغ 2 شيكل والتي كان يمكن شراؤها قبل ذلك بشيكل، وسط خشية من أن تصل الأسعار لأكثر من ذلك خلال شهر رمضان.
ويرجع باعة بيض المائدة أسباب الارتفاع إلى قلة المتوفر في السوق المحلي، وعدم وجود كمية فائض في العرض، إلى جانب تأثيرات غلاء الأعلاف على المستوى العالمي، مقارنة بالحالة التي كانت سائدة قبل الحرب الروسية في أوكرانيا وجائحة فيروس كورونا.
وحسب تقديرات أممية، فإن 3 من بين 4 أشخاص في غزة يعتمدون على المساعدات الدولية التي تقدمها المؤسسات الأممية، من أجل توفير ما نسبته 50 إلى 60 سعراً حرارياً من الغذاء لعائلاتهم، في الوقت الذي يعتمد فيه قرابة 1.5 مليون نسمة على المساعدات التي تقدمها "أونروا" وغيرها من المؤسسات الإغاثية.
ويعاني أكثر من 68% من العائلات في قطاع غزة من مستويات حادة أو معتدلة من انعدام الأمن الغذائي؛ في حين تعاني نحو 72% من اليافعات في غزة من نقص فيتامين د، و64% من نقص فيتامين أ، وهو ما يعكس الواقع المعيشي المتردي، بحسب بيانات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا".
يرجع باعة بيض المائدة أسباب الارتفاع إلى قلة المتوفر في السوق، وعدم وجود كمية فائض في العرض، إلى جانب تأثيرات غلاء الأعلاف
في السياق، يقول رئيس نقابة مربي الدواجن في غزة مروان الحلو، إن تكلفة إنتاج طبق البيض الواحد تبلغ 13 شيكلاً إسرائيلياً على المزارعين، نتيجة لارتفاع أسعار الأعلاف على المستوى العالمي خلال الفترة التي تلت جائحة كورونا.
ويوضح الحلو لـ "العربي الجديد" أن طن الأعلاف ارتفع من 1300 إلى 2100 شيكل منذ عام 2021 وبقيت هذه الأسعار على حالها من دون أي انخفاض إذ تستورَد الأعلاف من الجانب الإسرائيلي، فيما لا يتجاوز حجم الإنتاج المحلي منها 20%.
وحسب رئيس نقابة مربي الدواجن، فإن المزارع العاملة في القطاع تنتج شهرياً قرابة مليون بيضة من بيض المائدة، وهي ثلث الطاقة الإنتاجية التي تعمل بها، حيث يمكنها زيادة ذلك فيما لو سمح لهم الاحتلال بالتصدير إلى الخارج، أو كانت الحركة الاقتصادية في القطاع أفضل.
ويؤكد استحالة انخفاض أسعار البيض، خلال الفترة الراهنة، نتيجة ارتفاع تكلفة الأعلاف عالمياً، وعدم توفر أي مساعدة من قبل الجهات الحكومية للمزارعين أو توفير دعم مالي يساهم في خفض الأسعار حالياً.
حاولت "العربي الجديد" الحصول على رد من وزارتي الزراعة والاقتصاد الوطني في القطاع، لكنّهما تبادلتا المسؤولية عن الملف من دون التعليق على أسباب الزيادة الحاصلة في أسعار بيض المائدة خلال الشهور الأخيرة.