حافظت أسعار السلع والمواد الغذائية والتموينية على استقرارها مع بداية شهر رمضان في قطاع غزة المحاصر إسرائيليًا للعام السادس عشر على التوالي، على الرغم من ارتفاع معدل سعر صرف الدولار مقابل عملة الشيكل الإسرائيلي خلال الشهور الأخيرة. (الدولار= 3.6 شيكل).
وعلى الرغم من استقرار الأسعار إلى حدٍ كبير، إلا أنّ الشركات العاملة في مجال استيراد المواد الغذائية والخام تواجه مشكلة متصاعدة خلال الآونة الأخيرة، إذ تآكل هامش الربح لديها، فيما تعرض البعض الآخر لخسائر نتيجة الارتفاعات غير المسبوقة منذ سنوات للدولار الأميركي أمام العملة الإسرائيلية.
ولا يمتلك الفلسطينيون عملة وطنية، فيما يتم استخدام عملة الشيكل الإسرائيلي خلال عملية البيع والشراء الداخلية، ويقوم التجار والشركات بشراء السلع بعملة الدولار وبيعها في الأسواق بالشيكل وهو ما يعرضهم للخسائر عند حصول ارتفاعات قياسية، كالجارية حالياً.
وعلى مدار عام كامل ارتفع سعر صرف العملة الأميركية من 3.07 شيكل لكل دولار ليصل إلى 3.60 خلال الأيام الأخيرة، أي ما يقارب 16%، وسط توقعات بمزيد من الارتفاعات خلال الفترة المقبلة نتيجة لتداعيات الأزمة الداخلية الإسرائيلية على المشهد الاقتصادي.
وعادة ما تتأثر السلع الاستهلاكية مثل المواد الغذائية والتموينية والملابس بمثل هذه الارتفاعات على أسعار صرف العملة، في الوقت الذي يعاني فيه ما يزيد عن 2.3 مليون نسمة من أوضاع اقتصادية صعبة وغير مسبوقة جراء تدهور الأوضاع المعيشية.
في الأثناء، يقول التاجر صلاح المقادمة إن الارتفاعات القياسية في أسعار صرف العملة الأميركية أمام الشيكل انعكست بالسلب عليهم بالرغم من حالة الاستقرار التي تشهدها أسعار السلع التموينية في السوق المحلية في غزة.
ويضيف المقادمة لـ "العربي الجديد" أن حالة الاستقرار تعود بفعل فرض إجراءات من قبل الجهات الحكومية في غزة ووزارة الاقتصاد لعدم رفع أي من الأسعار خلال الفترة الحالية، بالرغم من مطالبات التجار والشركات على حدٍ سواء برفع أسعار السلع قليلاً بما يتناسب وعملية الاستيراد.
وحسب المقادمة، فإن ما يجري يعرّض التجار لمصاعب في عملية الشراء لا سيما مع عدم ثبات أسعار صرف العملة الأميركية، خلال الفترة الأخيرة، وتوجهها للارتفاع بشكلٍ ملحوظ منذ بداية عام 2023، وسط توقعات بمزيد من الارتفاعات خلال الفترة المقبلة.
ويؤكد التاجر الفلسطيني أن أي ارتفاع جديد في أسعار صرف العمل سيدفع التجار تلقائيًا لرفع أسعار السلع بما يتناسب مع الفروقات المالية التي يتم دفعها، أو سيدفع بالبعض الآخر للتوقف عن العمل مرحليًا إذا ما أصرت الحكومة على سياستها بعدم رفع أسعار السلع.
وتدرجت الارتفاعات الحاصلة في عملة الدولار خلال الأشهر القليلة الأخيرة ما بين 3.40 إلى 3.60 شيكل، وهي ارتفاعات لم تحصل منذ نحو 3 سنوات كانت فيها العملة الإسرائيلية أكثر قوة أمام نظيرتها الأميركية.
من ناحيته، يؤكد التاجر محمد الوادية أن ارتفاع العملة الأميركية أمام الشيكل انعكس بالسلب على عملهم سواء على صعيد المواد المستوردة أو حتى المواد الخام اللازمة لعملية التصنيع الخاصة بالسلع داخل القطاع.
يقول التاجر صلاح المقادمة إن الارتفاعات القياسية في أسعار صرف العملة الأميركية أمام الشيكل انعكست بالسلب عليهم
ويقول الوادية لـ "العربي الجديد" إن لجوء الجهات الحكومية لتثبيت أسعار السلع وعدم رفعها أدى لتآكل نسبة الربح بالنسبة للتجار والموردين، لا سيما مع كون القطاع سوقًا استهلاكية تعتمد على استيراد السلع من الخارج سواء عبر معبر كرم أبو سالم التجاري أو بوابة صلاح الدين مع مصر.
ويعاني القطاع، المحاصر إسرائيلياً منذ صعود حركة حماس في الانتخابات التشريعية عام 2006، من أوضاع معيشية واقتصادية مأساوية، حيث ارتفعت معدلات البطالة في صفوف الشباب إلى 60%، في حين يعتمد قرابة 1.5 مليون نسمة من إجمالي 2.3 مليون نسمة على المساعدات الإغاثية.
إلى ذلك، يوضح الصحافي والباحث في الشأن الاقتصادي أحمد أبو قمر أنّ نسبة الارتفاع في عملة الدولار الأميركي مقابل الشيكل الإسرائيلي وصلت إلى حدود 16% خلال العام الأخير، وهو مؤشر غير معهود على مدار السنوات الثلاث الماضية.
ويقول أبو قمر لـ "العربي الجديد" إن غالبية السلع الأساسية والاستهلاكية المستخدمة في القطاع مستوردة من الخارج، وبالتالي فإن أي بضائع مستوردة تتأثر سلبًا مع ارتفاع سعر الدولار مقابل الشيكل، إضافة إلى أن أي ارتفاع فوق حاجز 3.60 لن يستطيع التجار تحمله.
وحسب الصحافي والباحث في الشأن الاقتصادي، فإن الفترة الحالية شهدت تآكل الربح بالنسبة للتجار وتحمل البعض منهم لهامش من الخسارة، غير أنهم في مرحلة متقدمة لن يستطيعوا الاستمرار في هذه السياسة.