تصاعدت حدة الانتهاكات التي يتعرض لها صيادو قطاع غزة أثناء عملهم في البحر من قبل الاحتلال الإسرائيلي أو البحرية المصرية المنتشرة قبالة شاطئ بحر مدينة رفح الفلسطينية جنوبي القطاع.
وشهدت الشهور الثلاثة الأخيرة تزايداً ملحوظاً في أعداد الصيادين الذين تم اعتقالهم بعد فترة وجيزة من هدوء الانتهاكات وانخفاضها مقارنة مع الأعوام الماضية، إذ بات الاحتلال يلاحق الصيادين في المناطق المسموح لهم بالعمل بها.
وتتمثل الانتهاكات خلال الفترة الأخيرة في ملاحقة الصيادين وإغراق قواربهم واعتقالهم وإطلاق النار بصورة مباشرة عليهم على مسافات لا تزيد في بعض الأحيان عن 3 إلى 6 أميال بحرية، وهي أقل بكثير من مساحة الصيد المسموح بالعمل بها والبالغة 12 ميلاً بحرياً.
وتعتبر الانتهاكات الإسرائيلية والاعتداءات شبه اليومية أمراً اعتيادياً بالنسبة للصيادين، غير أن الجديد هو دخول البحرية المصرية على الخط وملاحقة الصيادين في بحر غزة واعتقالهم بعضهم لفترات غير محددة في السجون.
ويربط البعض بين ما يجري وبين الإجراءات الأمنية المشددة التي اتخذت في أعقاب المواجهة الأخيرة بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال العام الماضي، وما رافقها من تفاهمات أمنية غير معلنة بين النظام المصري وإسرائيل.
ويزعم الاحتلال باستخدام المقاومة الفلسطينية للبحر من أجل تنفيذ عمليات تهريب للسلاح إلى داخل القطاع، وهو ما ينتج عنه اعتقال للصيادين وملاحقتهم من قبل البحريتين الإسرائيلية والمصرية خلال الآونة الأخيرة وبشكل ووتيرة أكبر.
وخلال الأعوام الماضية كان الاحتلال يستخدم مساحة الصيد كوسيلة ابتزاز للضغط على الفصائل خلال أوقات التصعيد عبر إغلاق البحر كلياً أمام الصيادين، ثم إعادة فتحه بمساحات مقلصة ثم يعاد توسيع المساحة لتصل إلى 15 ميلاً كحد أقصى.
ونصت اتفاقية أوسلو المبرمة بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل على حرية الصيد بالنسبة للصيادين في مختلف مناطق البحر حتى مسافة 22 ميلاً بحرياً، فيما يقوم الاحتلال حالياً بتقسيم المساحات وفقاً لاعتبارات أمنية.
ويسمح الاحتلال حالياً للصيادين بالعمل في المناطق الشمالية من بحر غزة بالصيد حتى مسافة 6 أميال فقط فيما المناطق من غزة حتى رفح 12 ميلاً بحرياً، فيما يحظر على الصيادين فعلياً الوصول إلى هذه المسافة من خلال الممارسات اليومية.
في الأثناء، يقول نقيب الصيادين الفلسطينيين نزار عياش إن مهنة الصيد باتت مهددة بالتوقف في ضوء الممارسات الإسرائيلية، والانتهاكات التي يتعرض لها الصيادون بالذات مع دخول مصر على خط هذه الاعتداءات.
ويوضح عياش لـ "العربي الجديد" أن الاحتلال يسعى لإيقاف هذه المهنة كلياً من خلال الاعتقالات وعمليات إطلاق النار والملاحقة التي يتعرض لها الصيادون يومياً، عدا عن منع إدخال المعدات والأدوات اللازمة من مراكب وشباك.
ووفق نقيب الصيادين، فإن البحرية المصرية اعتقلت مؤخراً صيادين اثنين من بحر رفح وصادرت مركبتهم، وقبلهم اعتقلت 5 أفرجت عنهم بعد فترة ليست بالوجيزة، على عكس الاحتلال الإسرائيلي الذي عادة ما يفرج عن الصيادين بعد فترة قصيرة.
ووفق عياش فإنه منذ بداية العام الجاري تم اعتقال 20 صياداً إلى جانب مصادرة 5 مراكب صيد صغيرة ومركب صيد كبير، عدا عن الشباك فيما لم تسجل أية إصابات أو شهداء في صفوف الصيادين نتيجة لهذه الاعتداءات.
ويعمل في مهنة الصيد 4500 صياد وعامل منذ سنوات حيث تشكل هذه المهنة مصدر إعالة ورزق لقرابة 50 ألف نسمة، في الوقت الذي لا توجد فيه أية بدائل أخرى لهم للعمل في ضوء ارتفاع معدلات الفقر والبطالة في صفوف السكان.
في موازاة ذلك، يؤكد منسق لجان الصيادين في اتحاد العمل الزراعي زكريا بكر أن الاعتداءات بحق الصيادين ارتفعت منذ فبراير/شباط الماضي استناداً لقرار قضائي إسرائيلي بعرض المركبة التي تخترق منطقة الحصار وصاحبها أمام المحكمة.
ويقول بكر لـ "العربي الجديد" إن القرار الإسرائيلي يعتبر بمثابة تشريع للاعتداءات والانتهاكات الإسرائيلية بحق الصيادين الفلسطينيين، ما أسهم في ارتفاع أعداد المعتقلين إلى 35 صياداً أفرج عنهم باستثناء 5 صيادين ما زالوا رهن الاعتقال.
وحسب منسق لجان الصيادين، فإن الملاحقة المصرية للصيادين ناجمة بالأساس عن عملية النزوح التي تتم من قبل الصيادين بعيداً عن المطاردة الإسرائيلية، إذ احتجزت مصر مؤخراً صيادين اثنين من عائلة واحدة إلى جانب احتجاز مركبي صيد.