"فاينانشال تايمز": بشار الأسد أرسل 250 مليون دولار نقداً إلى موسكو

15 ديسمبر 2024
مصرف سورية المركزي كان أداة في يد الأسد، دمشق، 9 يناير 2024 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- نقل مصرف سورية المركزي حوالي 250 مليون دولار نقداً إلى موسكو بين 2018 و2019، حيث أودعت الأموال في بنوك روسية خاضعة للعقوبات، مما يعكس اعتماد سورية على روسيا بسبب العقوبات الغربية.
- تزامنت التحويلات مع الدعم العسكري الروسي لسورية وشراء عائلة الأسد عقارات فاخرة في موسكو، بهدف الحفاظ على مكاسب النظام غير المشروعة وثرواته في الخارج.
- توطدت العلاقات بين سورية وروسيا عبر التعاون العسكري والاقتصادي، واستغلت سورية شبكات تمويل إيرانية وحزب الله لتهريب الأموال ودعم الحلفاء.

كشف تقرير حديث لـ"فاينانشال تايمز" أن مصرف سورية المركزي قام بنقل ما يقارب 250 مليون دولار نقداً إلى موسكو خلال فترة عامين، بينما كان بشار الأسد حينها مديناً للكرملين لدعمه العسكري، وكان أقاربه يشترون أصولاً سرية في روسيا.

وتظهر السجلات التي حصلت عليها الصحيفة البريطانية أن نظام ديكتاتور سورية، الذي كان يعاني من نقص حاد في العملات الأجنبية، أرسل أوراقاً نقدية تزن حوالي طنين من فئة 100 دولار و500 يورو إلى مطار "فنوكوفو" في موسكو، ليجري إيداعها في بنوك روسية خاضعة للعقوبات، وذلك بين عامي 2018 و2019.

وتؤكد هذه التحويلات غير المعتادة من دمشق، وفقاً لـ"فاينانشال تايمز"، كيف أصبحت روسيا، الحليف الأساسي للأسد الذي قدم له الدعم العسكري لإطالة أمد حكمه، واحدة من أهم وجهات الأموال السورية، بعدما دفعت العقوبات الغربية سورية إلى خارج النظام المالي التقليدي.

واتهمت شخصيات معارضة وحكومات غربية نظام الأسد بسرقة ثروات سورية والانخراط في أنشطة إجرامية لتمويل الحرب وإثراء نفسه. وتزامنت شحنات النقد إلى روسيا مع اعتماد سورية بشكل كبير على الدعم العسكري للكرملين، بما في ذلك من مرتزقة مجموعة "فاغنر"، وبدء أفراد عائلة الأسد في شراء عقارات فاخرة في موسكو.

وقال ديفيد شينكر، مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى من 2019 إلى 2021، إن هذه التحويلات ليست مفاجئة، نظراً لأن نظام الأسد كان يرسل الأموال بانتظام خارج البلاد "للحفاظ على مكاسبهم غير المشروعة وثروات سورية في الخارج". وأضاف: "كان على النظام أن ينقل أمواله إلى ملاذ آمن لاستخدامها في توفير الحياة المترفة للنظام وحاشيته".

وأشار إياد حميد، الباحث البارز في برنامج التطوير القانوني السوري، إلى أن "روسيا كانت ملاذاً مالياً لنظام الأسد لسنوات"، وأصبحت "مركزاً" لتجنّب العقوبات الغربية التي فُرضت بعد أن قمع الأسد الانتفاضة بوحشية في 2011.

الأسد يعمّق العلاقات مع موسكو

وتوطدت علاقة سورية مع موسكو بشكل ملحوظ بعد أن عزز المستشارون العسكريون الروس جهود الأسد الحربية، وأصبحت الشركات الروسية تشارك في سلسلة توريد الفوسفات السوري القيّم. ويقول مالك العبدة، المحلل السوري المقيم في لندن: "يمكن أن تكون الدولة السورية تدفع للدولة الروسية مقابل التدخل العسكري".

ونقل نظام الأسد شحنات نقدية كبيرة من الدولارات واليورو إلى روسيا بين مارس/آذار 2018 وسبتمبر/أيلول 2019. وتُظهر سجلات التجارة الروسية من خدمة "إمبورت جينيوس" أن طائرة تحمل 10 ملايين دولار من فئة 100 دولار هبطت في مطار "فنوكوفو" بموسكو في 13 مايو/أيار 2019 نيابة عن مصرف سورية المركزي.

وفي فبراير/شباط 2019، أرسل المصرف حوالي 20 مليون يورو من فئة 500 يورو. وفي الإجمال، كانت هناك 21 رحلة بين مارس 2018 وسبتمبر 2019 تحمل قيمة معلنة تتجاوز 250 مليون دولار.

ورغم تدمير خزائن الدولة بسبب الحرب، استولى الأسد وأعوانه على أجزاء حيوية من الاقتصاد السوري المنهار. وأصبحت أسماء الأسد، زوجة الرئيس الهارب، والتي عملت لفترة في بنك "جي بي مورغان"، شخصية قوية تؤثر بتدفقات المساعدات الدولية وترأس مجلساً اقتصادياً رئاسياً سرياً. وقال حميد إن "الفساد في عهد الأسد لم يكن أمراً هامشياً أو نتيجة جانبية للصراع، بل كان أسلوب حكم".

وأنشأت إيران وحزب الله شبكات لتمويل النظام السوري، حيث شغل المستشارون الاقتصاديون للأسد مواقع بارزة في هذه الشبكات. وأشار حميد إلى أن النظام استغل هذه الشبكات لتهريب الأموال وضمان استمرار دعم الحلفاء.

وفي 2019، كشف تقرير لـ"فاينانشال تايمز" أن عائلة الأسد اشترت ما لا يقل عن 20 شقة فاخرة في موسكو منذ 2013 باستخدام شركات معقدة وترتيبات قروض. وأسس إياد مخلوف، ابن خال الأسد، في 2022 شركة عقارية في موسكو تُدعى "زيفليس سيتي".

وقال شينكر إن الأسد كان يعلم أن الحكومات الغربية لن تقبل به، لذلك ركز على تحويل الأموال وإعداد أنظمة مالية لضمان ملاذات آمنة، مضيفاً: "إذا انتهى الأمر، فسيكون نهاية سيئة".

المساهمون