يدرك جميع المتابعين لتطور الخطة البيئية في أوروبا التي وصفت بأنها "تاريخية"، أن فرانز تيمرمانس، كان الشخصية الأساسية التي أدت إلى اعتمادها. فقد أعلنت المفوضية الأوروبية أخيراً عن "الميثاق الأوروبي الأخضر"، الذي يتضمن خطة ترمي إلى خفض الانبعاثات في القارة بنسبة 55 في المائة في أفق 2030.
كان فرانز تيمرمانس، نائب رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين، وراء بلورة المقترحات الاثني عشر التي كشفت عنها المفوضية، والتي ترتبط بترسانتها التشريعية وتتعلق بتقليص استعمال محركات السيارات التي تعمل على البنزين وسن رسوم على الكيروسين للملاحة الجوية ورسوم على الاستيراد وإصلاح سوق الكربون.
عند تقديم تلك المقترحات أكد فرانز تيمرمانس، أن التدابير التي سيتم اتخاذها ذات العلاقة بالمناخ قد تفضي إلى ارتفاع فواتير الوقود والتدفئة للأسر بنسب عادلة وموحدة، "ومن دون ذلك ستواجه مقاومة هائلة". استحضر تيمرمانس في تحذيره إلى تدابير المفوضية المرتبطة بالميثاق، حيث رأى بعضهم أنها ستؤدي إلي زيادة سعر ثاني أوكسيد الكربون، ما سينعكس على نفقات الأسر، بل إن النائبة اليمينية الفرنسية أنييس إيفرين، قالت إنه "يبدو أن المفوضية تنسى أن الطبقات الوسطى هي التي ستدفع الثمن".
يتمتع فرانز تيمرمانس، بتجربة دبلوماسية كبيرة. فقد ولد "العملاق الأخضر" كما يلقب في السادس مايو/ أيار 1961 بماستريخت في هولندا، درس في عام 1985 الأدب الفرنسي، وهو يتكلم ست لغات أجنبية، التحق في 1987 بوزارة الخارجية، قبل أن يصبح كاتبا للدولة ثم وزيراً للشؤون الخارجية لبلده بين عامي 2007 و2014.
هو من المسؤولين في بروكسل الذين راهنت عليهم رئيسة المفوضة الأوروبية فون ديرلاين من أجل إنجاح مشروع الانتقال المناخي، حيث تولى مهمة الإشراف على النصوص التي قدمت إلى المفوضية.
تلك النصوص نصت على تحديد السلوك والاتجاه الذي يفترض أن يتمسك به كل قطاع اقتصادي بهدف تقليص انبعاث الغازات في أفق عشرة أعوام.
لم يكن من المدافعين الشرسين عن الإيكولوجيا أو علم الأحياء البيئي، وحامت شكوك حول جديته في تناول هذا التحول وفق ما كان يبديه من مواقف بعدما أسندت إليه في الفريق الذي تقوده فون ديرلاين، مهمة الإشراف على عمل المفوضين الأوروبيين المرتبط بالميثاق الأوروبي الأخضر، خاصة البيئة والطاقة، حيث أضحى مكلفا شخصيا بملف المناخ.
إلا أنه استطاع تبديد الكثير من الشكوك من خلال عمله. كان مكلفا في فريق المفوض الأوروبي السابق جون كلود يونكر، بمهمة اقتراح حلول لتحسين القوانين والعلاقات بين المؤسسات، وتجذير دولة القانون وميثاق الحقوق الأساسية.
هذا المنصب دفعه إلى الدفاع عن دولة القانون في أوروبا وأثار غضب بلدان من شرق أوروبا، خاصة الرئيس الهنغاري فيكتور أوربان. وذهب كليمون هوتن، من منظمة أصدقاء أرض أوروبا، إلى أن "مقاربته العامة جيدة، حيث يبحث عن الجمع بين الانتقال البيئي والعدالة الاجتماعية، غير أنه يستمر في التأكيد على ضرورة تبني سلوكات فردية جديدة على حساب التغيير النسقي".
ويفترض في السياسة التي أشرف عليها تيمرمانس أن تقود إلى اعتماد الحياد الكربوني وتنظيم عملية الانتقال في الجهات الأكثر ارتهانا للطاقة الأحفورية عبر وضع صندوق تمويلي لضمان الانتقال العادل، غير أن المراقبين رأوا عند تعيينه أنه لن يتوفر على الوسائل الاقتصادية الأساسية من أجل تنفيذ وعوده.
بعيداً عن بؤرة الضوء، يعتبر تيمرمانس متكتماً، لا يظهر كثيرا في وسائل الإعلام، لكنه كان مرشحا لرئاسة المفوضية الأوروبية خلفا لجون كلود يونكر قبل أن يتدخل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي دعم ترشيح فون ديرلاين.