جاءت زيارة ولي عهد المملكة العربية السعودية محمد بن سلمان إلى أنقرة ولقائه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لتعزّز العلاقات الاقتصادية بين الجانبين في العديد من المجالات.
وأكد البيان المشترك على بحث سبل تطوير وتنويع التجارة البينية، وتذليل أي صعوبات في هذا الشأن، وتكثيف التواصل بين القطاعين العام والخاص لتعزيز الفرص الاستثمارية، بالإضافة إلى زيادة التبادل السياحي بين الجانبين.
يؤكد المحلل التركي سمير صالحة أن هناك اتفاقات سابقة موقعة تصل لدرجة الشراكة، سواء بقطاع السياحة أو التبادل التجاري والاستثمار، لكن القطيعة منذ عام 2018، عطلت أو أعاقت تطبيق تلك الاتفاقات، فجاءت زيارة الرئيس أردوغان ومن ثم زيارة ولي عهد المملكة، لتأكيد إزالة تلك القطيعة، وعودة العمل بالاتفاقات السابقة وتفعيلها وزيادتها، مشيراً إلى وجود جملة "حسب الاتفاقيات الثنائية الموقعة بين البلدين" بعد كل فقرة بالبيان المشترك.
وفي حين لا ينفي صالحة أثر ودور التنسيق العام خلال الزيارتين، فإنه يؤكد لـ"العربي الجديد"، أن الاقتصاد بمقدمة أولويات البلدين، بل كان له النصيب الأكبر بالمباحثات والاتفاقات "أو التأكيد على تنفيذ الاتفاقات"، فرأينا، على سبيل المثال، لقاء اقتصاديين ورجال أعمال من كلا البلدين، بالتزامن مع زيارة ولي العهد السعودي، لوضع الأطر لدفع العلاقات الاقتصادية بعد التراجع الذي شهدته خلال الأعوام الأخيرة.
وبحث اقتصاديون أتراك وسعوديون في العاصمة أنقرة، بحضور رئيس مجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية التركي نائل أولباك، ووكيل وزير الاستثمار السعودي بدر البدر، سبل التعاون بين البلدين في مجال الاستثمار والتجارة وزيادة حركة انسياب الصادرات والسياحة.
وقال أولباك إن هدف الاجتماع إعادة الزخم للعلاقات التجارية القائمة بين تركيا والسعودية والذي تراجع في الفترة الأخيرة، وأن "الرئيس التركي وولي العهد السعودي سيفسحان المجال أمام عالم الأعمال في كلا البلدين من خلال القرارات السياسية التي سيتخذانها".
بدوره، قال رئيس مجلس الأعمال التركي-السعودي فاتح غورصوي إن الصادرات التركية إلى السعودية بلغت ذروتها عام 2015 ووصلت إلى 5 مليارات دولار، لكنها تراجعت إلى 4.2 مليارات دولار عام 2020، وبنسبة 92 في المئة العام الماضي، في حين زادت الواردات من المملكة 79 في المئة.
في المقابل، لا يرى المحلل التركي باكير أتاكجان أن "للاقتصاد أهمية تذكر" على جدول زيارة ولي عهد السعودية التي اختتمها ليل الأربعاء لأنقرة، بل جاء البيان المشترك "عاماً" تتخلله الأماني والدعوات، من دون أن نرى توقيعاً لاتفاقات حقيقية.
ويشير أتاكجان في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن زيارة بن سلمان ركزت على التنسيق أو البحث لإيجاد تحالفات بالمنطقة، لمواجهة التبدلات العالمية وما سماه "النظام العالمي الجديد"، معتبراً أن موقف السعودية، أكبر الدول الخليجية ونظراً لما لها من اعتبار إسلامي، مهم بالنسبة لتركيا، كما أن تركيا تهم السعودية ومنطقة الخليج، خاصة قبل زيارة الرئيس الأميركي المرتقبة إلى المنطقة.
بحث اقتصاديون أتراك وسعوديون في العاصمة أنقرة، بحضور رئيس مجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية التركي نائل أولباك، ووكيل وزير الاستثمار السعودي بدر البدر، سبل التعاون بين البلدين في مجال الاستثمار
ويلفت المحلل التركي إلى أن تصريحات أردوغان، بعد عودته من زيارة الرياض الشهر الماضي، "لم تأت على ذكر توقيع اتفاقات جديدة" بل شدّد بعد وصفه الزيارة بالناجحة على "استعادة الزخم بالتجارة وإزالة العقبات الجمركية وتشجيع الاستثمارات، ودعم المشاريع التي يتولاها المقاولون الأتراك بالمملكة".
ويضيف أتاكجان: اليوم حين نقرأ البيان المشترك، لا نرى توقيع اتفاقات، بل جرت مباحثات حول دفع جديد للعلاقات الاقتصادية جراء التقارب وتبادل الزيارات.
وجاء بالبيان الختامي المشترك بعد زيارة ولي عهد السعودية لتركيا أنه "جرى خلال المباحثات استعراض العلاقات الثنائية بين البلدين من مختلف الجوانب" والتأكيد بأقوى صورة على عزم البلدين المشترك على تعزيز التعاون في العلاقات الثنائية، السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية والثقافية.
وأشار البيان إلى نقاش الجانبين "سبل تطوير وتنويع التجارة البينية، وتسهيل التبادل التجاري وتذليل أي صعوبات في هذا الشأن، وتكثيف التواصل بين القطاعين العام والخاص لبحث الفرص الاستثمارية وترجمتها إلى شراكات ملموسة في شتى المجالات"، كما تطلع الجانبان للتعاون في مجالات الطاقة.
وقال البيان: اتفق الطرفان حول تطوير شراكات إنتاجية واستثمارية في مجالات الذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية والمدن الذكية. وحول السياحة، بعدما ألغت السعودية قبل أيام حظر زيارة مواطنيها إلى تركيا، أكد البيان المشترك على أهمية التعاون في المجال السياحي وتنمية الحركة السياحية بين البلدين.