استمع إلى الملخص
- التغيرات السياسية والاقتصادية: فوز ترامب أدى إلى تغييرات سياسية في ألمانيا، مثل دعوة زعيم المعارضة لتصويت على الثقة وإقالة وزير المالية. الأسواق الألمانية شهدت تراجعًا بسبب مخاوف من تأثير السياسات الأميركية.
- التأثيرات الجيوسياسية والاقتصادية: فوز ترامب قد يغير السياسة الدفاعية الأوروبية ويضغط على ألمانيا لزيادة إنفاقها الدفاعي. التوترات التجارية قد تبطئ النمو الألماني وتؤثر على اليورو، مما يزيد من عدم اليقين الاقتصادي والسياسي.
ربما تكون أوروبا من بين أكبر الخاسرين من نتائج الانتخابات الأميركية التي حملت دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في دورة رئاسية ثانية، خاصة ألمانيا صاحبة أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي، يقدر حجمه بنحو 4.71 تريليونات دولار. وتعد الولايات المتحدة أكبر شريك تجاري لألمانيا، ووفق بيانات رسمية فإن 9.9% من الصادرات الألمانية ذهبت إلى السوق الأميركي في النصف الأول من العام الجاري. واعتبارًا من عام 2023، تعد ألمانيا من أكبر الشركاء التجاريين للولايات المتحدة داخل الاتحاد الأوروبي، وفقًا لبيانات مكتب الإحصاء الفيدرالي الألماني "دي ستيت". لكن ما التحديات التي تنتظر الاقتصاد الألماني بعد فوز ترامب الآن؟
وفي عام 2022، بلغت التجارة الثنائية بين ألمانيا والولايات المتحدة نحو 200 مليار يورو (220 مليار دولار). وبالتالي فإن انتخاب ترامب الذي يهدد بفرض جمارك ما بين 10% و20% على الواردات الأوروبية لبلاده، ربما ستكون ضربة قاصمة للتجارة الألمانية الخارجية، خاصة صناعة السيارات التي تعتمد بشكل كبير على السوق الأميركي. وبلغت صادرات السيارات الألمانية إلى أميركا في العام 2022 نحو 17 مليار دولار، كما تعتمد تجارة السيارات الألمانية في أميركا على صناعة قطع الغيار في المكسيك التي ستواجه هي الأخرى ضغوطاً حادة من قبل ترامب.
ولذلك كان لفوز الأخير آثارًا كبيرة على الحكومة الألمانية، وخاصة فيما يتعلق بالسياسة الاقتصادية، والعلاقات التجارية، والاستقرار السياسي. ووفق مصرف "دويتشه بنك" الأربعاء، أثار فوز ترامب مخاوف الاقتصاد الألماني، لا سيما بشأن حروب تجارية محتملة، خاصة في ضوء موقف إدارته الحمائي. وواجه الاقتصاد الألماني المعتمد بدرجة كبيرة في النمو على الصادرات، خاصة إلى الولايات المتحدة والصين، حالة من عدم اليقين بشأن التعريفات الجمركية والاتفاقيات التجارية. وأشار محللون من البنك إلى أن "احتمال زيادة التعريفات الجمركية يمكن أن يعطل سلاسل التوريد القائمة"، وهو أمر بالغ الأهمية لقطاعي السيارات والتصنيع في ألمانيا.
وقال زعيم المعارضة الألمانية فريدريش ميرز، الخميس، إن المستشار أولاف شولتز يجب أن يقدم حكومته للتصويت على الثقة بحلول أوائل الأسبوع المقبل على أبعد تقدير، مما يمهد الطريق لإجراء انتخابات جديدة في منتصف يناير المقبل. وأنهى شولتز، الديمقراطي الاشتراكي، تحالفه المكون من ثلاثة أحزاب مع حزبي الخضر والديمقراطيين الأحرار، مساء الأربعاء، عندما أقال وزير مالية الحزب الديمقراطي الحر كريستيان ليندنر.
ووفق وكالة بلومبيرغ، تراجعت السندات الألمانية في التعاملات المبكرة أمس، مع ارتفاع العائد على سندات الخزينة لأجل 10 سنوات بنحو ست نقاط أساس إلى حوالي 2.46%، وهي علامة على أن المستثمرين يشعرون بالقلق بشكل متزايد بشأن مبيعات الديون. وبعد انتخاب ترامب، تغيرت الديناميكيات السياسية داخل ألمانيا. وقد تم تفسير إقالة وزير المالية كريستيان ليندنر من قبل شولتز على أنها ردة فعل على المشهد الدولي المتغير الذي تأثر بسياسات ترامب. وعلق محللو "كومرتس بنك" الأربعاء، بأن "هذا التغيير الداخلي يثير تساؤلات حول استقرار التحالف وقدرته على الاستجابة بفعالية للضغوط الخارجية".
وكان رد فعل الأسواق الألمانية واضحاً على فوز ترامب، حيث شهد مؤشر داكس أكبر انخفاض له منذ أغسطس 2024، مدفوعًا في المقام الأول بالمخاوف المحيطة بالعلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. وقال محللون في مصرف " يو بي أس" السويسري الأربعاء، إن "المستثمرين يعيدون معايرة توقعاتهم للنمو في ضوء التعريفات الأميركية المحتملة على البضائع الأوروبية".
وعلى صعيد موقف ترامب من الحرب الأوكرانية، قال محللون بمصرف باركليز البريطاني الأسبوع الماضي، إن انسحاب ترامب المتوقع من تمويل أوكرانيا قد يؤدي إلى زيادة الإنفاق الدفاعي في أوروبا، حيث تسعى الدول إلى تعزيز قدراتها العسكرية استجابة للتوترات الجيوسياسية. وأضافوا، "قد يشعر الاقتصاد الألماني بالضغط لزيادة ميزانية البلاد الدفاعية بشكل كبير إذا تضاءل الدعم الأميركي".
من جانبه قدم بنك غو لدمان ساكس رؤى حول التوقعات الاقتصادية طويلة المدى في تقرير الأربعاء، بعد فوز ترامب، مما يشير إلى أن "ألمانيا قد تواجه تباطؤ النمو إذا تصاعدت التوترات التجارية". وشددوا على أن "الترابط بين الاقتصادات العالمية يعني أن أي اضطراب في سياسة الولايات المتحدة يمكن أن يكون له تأثيرات مضاعفة في جميع أنحاء أوروبا". كما تعرض أداء اليورو مقابل الدولار للتراجع في أعقاب فوز ترامب بسبب مخاوف تراجع الاستثمار العالمي في الأصول الأوروبية.
من جانبهم قال محللو بنك، أتش أس بي سي" البريطاني، أمس إن "اليورو قد يستقر مؤقتاً ولكنه يظل عرضة للتحولات في السياسة النقدية الأميركية المتأثرة باستراتيجيات ترامب المالية" .كما يمكن أن يؤثر هذا التقلب على قرارات الاستثمار داخل دوائر الاقتصاد الألماني المترقب لمآلات الأمور الآن. ولاحظوا أن فوز ترامب أدى إلى زيادة عدم اليقين بشأن العلاقات التجارية مع الولايات المتحدة، وعدم الاستقرار السياسي الداخلي داخل ألمانيا بسبب التغييرات الوزارية، وتقلبات السوق التي تعكس معنويات المستثمرين تجاه التعريفات المحتملة، والآثار المترتبة على الإنفاق الدفاعي وسط التحولات الجيوسياسية، والتوقعات الاقتصادية الحذرة طويلة المدى. بسبب ترابط الأسواق العالمية، والتقلبات في قيم العملات التي تؤثر على الاستقرار المالي.