خفضت وكالة فيتش العالمية التصنيف الائتماني لأربعة بنوك مصرية كبرى، من بينها أكبر بنك خاص في البلاد، مشيرة إلى زيادة المخاطر على التمويل الخارجي وعلى استقرار الاقتصاد الكلي ووضع الدين الحكومي المرتفع بالفعل، في الوقت الذي أعلن فيه البنك الإفريقي للتصدير والاستيراد "أفريكسم بنك Afreximbank" اتفاقيات لتمويل شركات مصرية بنحو 3 مليارات دولار.
وخفضت فيتش في وقت متأخر من أمس الاثنين تصنيف كل من البنك الأهلي المصري وبنك مصر وبنك القاهرة، وهي بنوك حكومية، وكذلك البنك التجاري الدولي الخاص إلى "B-" منB" " مع نظرة مستقبلية مستقرة.
وقالت الوكالة، وفقاً لنشرة "إنتربرايز" الاقتصادية المحلية، اليوم الثلاثاء، إن سبب خفض التصنيف للبنوك الثلاثة تعرّضها الكبير للديون السيادية، كذلك قدمت قروضاً ضخمة للشركات الحكومية، ما يعرّضها لمخاطر التخلف عن السداد التي تواجهها البلاد.
وأكدت فيتش أن تدهور الأوضاع الاقتصادية، بما في ذلك شحّ النقد الأجنبي والتضخم المتصاعد والاضطرابات الجيوسياسية، قد أثّر في التصنيف الائتماني للبنوك الثلاثة.
وخفضت فيتش في الثالث من نوفمبر/ تشرين الثاني أيضاً التصنيف الائتماني لمصر. وبالمثل، خفضت وكالتا "موديز" و"ستاندرد اند بورز" التصنيف الائتماني لمصر وللبنوك الأربعة إلى منطقة عالية المخاطر الشهر الماضي.
قروض للشركات
في السياق، قال البنك الأفريقي للتصدير والاستيراد "أفريكسم بنك" إنه وقّع اتفاقيات تمويل مع شركات مصرية بقيمة 3 مليارات دولار، على هامش فعاليات النسخة الثالثة من معرض التجارة البينية الأفريقية "IATA 2023".
وأكد رئيس قطاع تمويل التجارة البينية والاستثمار والشركات في البنك، أيمن الزغبي، في تصريحات إعلامية، أن هناك فرصاً أخرى يسعى البنك لإتاحتها لشركات مصرية بنحو 10 إلى 12 مليار دولار.
ووفقاً للبيانات المعلنة، حصلت مجموعة السويدي إلكتريك على تسهيلات ائتمانية بقيمة 300 مليون دولار، وشركة المقاولون العرب على 200 مليون دولار، وشركات حسن علام على 200 مليون دولار، وذلك بهدف تمويل رأس المال العام لمشروعات هذه الشركات في أفريقيا.
ولم يكشف البنك الأفريقي عن هوية الشركات المصرية الأخرى التي ستحصل على الـ 2.3 مليار دولار الباقية من القروض الممنوحة.
كذلك وقّع البنك اتفاقية إطارية لمبادرة تصدير الزراعة من أجل الأمن الغذائي (ExAFS) مع حكومات مصر وتشاد وملاوي وزيمبابوي بقيمة مليار يدولار، حيث تستهدف الاتفاقية تعزيز الإنتاج والتصنيع والتجارة البينية الأفريقية في المنتجات الزراعية.
وقالت نائبة الرئيس التنفيذي للبنك، كانايو أواني في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إن البنك قدم منذ إنشائه دعماً تمويلياً لمصر يتجاوز 32 مليار دولار، منها نحو 28 مليار دولار في السنوات الخمس الماضية وحدها.
وأشارت إلى أن 16 مليار دولار ذهبت للقطاع المالي، مثل البنوك والشركات غير المصرفية.
وأوضحت كانايو أن البنك وافق خلال العام الحالي على ضخ تمويلات لمصر منها مليار دولار لقطاع الطاقة والمشاركة بقيمة 200 مليون دولار في قرض مشترك لإنشاء مصنع فوسفات، ومليار دولار للبنوك.
وفي يونيو/حزيران الماضي، قال حافظ بن عافية، رئيس علاقات العملاء لدول شمال أفريقيا فى البنك الأفريقي إن حجم التمويلات المقدمة إلى مصر سنوياً قفز إلى 4 مليارات دولار بالتعاون مع بنوك وشركات مصرية.
مزيد من الديون
على مستوى الدين، قال البنك المركزي المصري أمس الاثنين إن مصر باعت أذون خزانة لأجل عام قيمتها 1.6 مليار دولار في مزاد بعائد متوسطه 5.15%.
وتحلّ هذه الأذون التي ستُسوى اليوم الثلاثاء، محل أذون خزانة مماثلة القيمة بالدولار مستحقة بعد عام ومتوسط عائدها 4.60%.
يأتي ذلك بعد أن وافقت الكويت أمس على تمديد وديعتين بقيمة 4 مليارات دولار لمدة عام.
وتعاني مصر من أزمة شحّ دولار متفاقمة منذ ما يقرب من عامين، على الرغم من تخفيض قيمة الجنيه ثلاث مرات في الفترة من مارس/ آذار 2022 إلى يناير/ كانون الثاني 2023، وفقدان العملة المحلية نحو نصف قيمتها مقابل الدولار.
وسجل الدين الخارجي لمصر 164.7 مليار دولار بنهاية يونيو/حزيران الماضي، مقارنة بنحو 165.3 مليار دولار بنهاية مارس/آذار من العام الجاري، بتراجع بلغت قيمته 634 مليون دولار خلال 3 أشهر.
وأظهرت بيانات البنك أن حجم الديون المستحقة لصالح الدول العربية بلغ 42.5 مليار دولار، وذلك بنهاية ديسمبر/كانون الأول 2022، يتوزع أغلبها بين 18.5 مليار دولار ديوناً إماراتية، و12.3 مليار دولار سعودية، و6.1 مليارات دولار كويتية، و4 مليارات دولار قطرية.
وقال البنك المركزي إن على مصر سداد 29.2 مليار دولار، أو ما يقرب من خمس إجمالي التزامات الديون الخارجية في عام 2024 وحده.
وأكدت بيانات البنك المركزي ارتفاع إصدارات الدين المحلي المصري خلال الربع الأول من العام المالي الحالي 2023/2024 (من يوليو/تموز حتى سبتمبر/أيلول 2023) إلى 1.22 تريليون جنيه (نحو 39 مليار دولار).
ارتفاع عجز الموازنة
وأدت الزيادة الكبيرة في الديون إلى ارتفاع العجز الكلي في مصر خلال أول شهرين من السنة المالية الحالية 2023-2024 (يوليو وأغسطس) إلى 3.2% من الناتج المحلي الإجمالي، مقابل 1.4% للفترة نفسها من السنة المالية الماضية، بضغط من زيادة المصروفات.
وتبدأ السنة المالية أول يوليو/تموز من كل عام، وتنتهي آخر يونيو/حزيران من العام التالي.
ووفقاً لبيانات وزارة المالية المصرية، فقد قفزت فوائد الدين الحكومي بواقع 161% إلى نحو 391.77 مليار جنيه بنهاية أغسطس/آب الماضي، مع ارتفاع قيمة الدعم الحكومي والمنح بنحو 21.5% إلى 60.331 مليار جنيه.
وسجلت الميزانية فائضاً أولياً بـ0.07% في أول شهرين، وهو يتعلق بمصروفات البلاد دون احتساب فوائد الدين.
وبحسب البيانات التي نشرتها "إيكونومي بلس" الاقتصادية المحلية، زادت المصروفات بمعدل 92% على أساس سنوي، إلى نحو 590.7 مليار جنيه، فيما زادت الإيرادات بواقع 28% إلى 207 مليارات جنيه، بدعم من نمو الإيرادات الضريبية بنسبة 29% على أساس سنوي إلى 172.5 مليار جنيه لتشكل 83.3% من إجمالي الإيرادات.
وتستهدف وزارة المالية حصيلة ضريبية من الدخول والأرباح والمكاسب الرأسمالية بنحو 594.5 مليار جنيه في موازنة العام المالي الحالي.
(الدولار= 30.95 جنيهاً تقريباً)