سجلت الليرة التركية، اليوم الخميس، أدنى سعر لها على الإطلاق، حيث وصل الدولار الواحد إلى 9.951 ليرات خلال النهار، قبل أن تواصل العملة هبوطها في آخره إلى 9.975 ليرات.
وسعر اليوم يكسر حاجز أدنى مستوى سجل في 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وقت صرح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بطرد سفراء 10 دول منهم سفير الولايات المتحدة الأميركية، لمطالبتهم بالإفراج عن رجل الأعمال التركي، عثمان كافالا الذي تحاكمه أنقرة لارتباطه بجماعة "الخدمة" المحظورة، وتورطه في محاولة الانقلاب 2016.
فقد هوت العملة التركية يومذاك إلى 9.87 ليرات مقابل الدولار الواحد، قبل أن تتعافى خلال الشهر الجاري وتتذبذب بين 9.5 و9.7 ليرات.
يأتي هذا التراجع وسط مخاوف من استمرار نسق الهبوط على وقع ما تسميه الأسواق "المضاربة المحمومة" قبل انتخابات برلمانية ورئاسية مبكرة متوقعة، قبيل موعدها المقرر في 2023.
ويزيد قلق الأسواق التركية، ما يشاع حول عزل محافظ المصرف المركزي، شهاب قافجي أوغلو "إن لم ينفذ المركزي خطة الحكومة بتخفيض سعر الفائدة".
ويستدل المستثمرون بعزل عضوين من لجنة السياسات النقدية من "معارضي الفائدة المنخفضة" منتصف أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وسط توجهات لتخفيض سعر الفائدة إلى أقل من 10% خلال العام المقبل.
توقعات باستمرار تذبذب الليرة التركية
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، المعروف بعدائه لسعر الفائدة المرتفع ويصفه بأنه ضمن "مثلث الشيطان"، قد أقال في مارس/آذار الماضي، محافظ البنك المركزي ناجي أغبال من منصبه، وعيّن البروفيسور شهاب قافجي أوغلو خلفاً له، وذلك بعد تعيين أغبال في 7 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، خلفاً للمحافظ السابق مراد أويصال الذي جاء بعد إقالة سابقه مراد تشتين قايا، في يوليو/تموز 2019.
ويرى عضو في حزب "العدالة والتنمية" الحاكم، أنّ ما يجري في الأسواق التركية "هو مضاربات تقودها أحزاب معارضة بدعم خارجي، هدفها الضغط على الحكومة من باب معيشة المواطنين، ومحاولة تسويق فشل خطط الحكومة، لاستمالة رأي الناخبين بالانتخابات المقبلة".
ويضيف المتحدث الذي فضّل عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، أنّ "شراء الدولار المحموم سيستمر"، ما يعني، وفق رأيه، استمرار تذبذب سعر صرف العملة التركية لتهوي، ربما، إلى أكثر من 10 ليرات مقابل الدولار الواحد.
لكن ذلك، كما يقول عضو حزب "العدالة والتنمية"، "ليس مؤشراً على الإطلاق على أداء الاقتصاد التركي" الذي يصفه بـ"الجيد"، سواء لجهة نسبة النمو أو أرقام السياحة والصادرات وتراجع عجز الميزان التجاري.
لكن هل يستمر المصرف المركزي التركي بسياسة تخفيض سعر الفائدة؟ يجيب عضو حزب "العدالة والتنمية" الحاكم: "يرتبط ذلك بواقع السوق".
لماذا تواصل الليرة التركية الانخفاض أمام الدولار؟
وتذهب آراء محللين أتراك إلى أنّ هناك أسباباً حقيقية تؤثر على سعر صرف الليرة التركية؛ منها زيادة الديون الخارجية، والتسهيلات الائتمانية الواسعة، وإحجام المصرف المركزي التركي عن التدخل المباشر بالسوق، كما فعل مرتين بعد تراجع سعر الصرف عام 2018.
ويلفت هؤلاء إلى أنّ ما يجري اليوم "هو العكس"، إذ يسعى المصرف المركزي التركي لرفع حجم الاحتياطي الدولاري إلى 135 مليار دولار، ولو كان ذلك على حساب سعر صرف الليرة، التي تستفيد منها بلاده بزيادة الصادرات المتوقع أن تفيض هذا العام عن 210 مليارات دولار.
ولا ترى مؤسسات دولية مخاطر على الاقتصاد التركي جراء استمرار تراجع سعر الصرف، إذ أشارت وكالة "موديز" الدولية للتصنيف الائتماني، إلى أنّ الانضباط المالي في تركيا سيحافظ على مرونة التمويل العام، مشيرة إلى أنه من المتوقع أن يحقق الاقتصاد التركي نمواً بنسبة 4.8% خلال العام المقبل.
وتضيف الوكالة خلال تقرير لها، أمس الأربعاء، حول آفاق الأسواق الناشئة، أنّ الرافعة المالية لتركيا والنمو الائتماني القوي الذي يدعم النشاط الاقتصادي، سيضمنان المرونة المالية العامة.
وكانت "موديز" قد رفعت من توقعاتها للنمو الاقتصادي في تركيا للعام الجاري من 6 إلى 9.2%، ومن 3.6 إلى 4.8% في العام 2022.