تواصل صادرات سلطنة عُمان من النفط الخام إلى أوروبا تسجيل قمم تاريخية بعدما ارتفعت لأعلى مستوى منذ عقد، لتصل إلى 3 ملايين برميل خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الجاري.
ويتواكب هذا الارتفاع مع اعتماد مصافي التكرير الأوروبية على الخام المتوسط الحامض، ومع إثبات أن الخام الأميركي الخفيف بديل ضعيف لنفط الأورال الروسي، اتجهت الأسواق الأوروبية إلى سحب كميات من الخام العُماني ذي الجودة المماثلة، حسبما أورد تقرير لمجلة "ميس" المتخصصة في شؤون الطاقة.
وأظهرت أحدث الإحصاءات الحكومية أن سلطنة عُمان شحنت 50 ألف برميل يومياً من النفط الخام إلى وجهات أخرى في يوليو/تموز الماضي، وهو أعلى مستوى خلال عامين، بدلاً من المشترين الأساسيين التقليديين مثل: الصين واليابان والهند وكوريا الجنوبية.
ومع وجود المزيد من الصادرات العُمانية في الطريق، ثمة علامات واضحة على أن التبادل التجاري بين السلطنة وأوروبا يتعزز، وسط استمرار لإعادة تشكيل التدفقات التجارية العالمية بعد إزاحة النفط الروسي.
منافذ توريد جديدة
يؤكد الخبير الاقتصادي العُماني، سعود المعولي، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، أن سبب ارتفاع صادرات سلطنة عُمان النفطية إلى أوروبا لأعلى مستوى في 10 سنوات يعود إلى رؤية حكومية مفادها أن تصدير معظم الإنتاج إلى الصين "غير مناسب وغير آمن"، وتوجهها نحو البحث عن موردين جدد من دول مختلفة.
ولكي تحافظ السلطنة على أمان إيراداتها النفطية يجب عليها تنويع جهات التصدير وعدم الاعتماد على دولة أو دولتين، بحسب المعولي، مشيرا إلى أن ارتفاع إنتاج السلطنة النفطي ساهم في تحقيق ذلك.
وعن مدى ترجيح استمرار طفرة التصدير النفطي من عُمان إلى أوروبا وغيرها من الوجهات غير الآسيوية، يتوقع المعولي أن تستمر حكومة السلطنة في البحث عن مشترين من دول مختلفة ومن قارات مختلفة.
اكتشافات نفطية حديثة
ومن زاوية أخرى، يوضح الخبير الاقتصادي العُماني، حيدر اللواتي، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، أن الحكومة العُمانية تعمل منذ عدة سنوات على تنويع مصادر الدخل القومي، ويأتي قطاع النفط والغاز في المرتبة الأولى لخطتها منذ عدة عقود، مشيرا إلى أنها تمكنت، خلال السنوات القليلة الماضية، من زيادة حجم الانتاج النفطي لما يزيد على مليون برميل نفط يوميا بعدما كان في حدود 700 ألف برميل قبل 10 سنوات.
ومع استمرار الجهود في الاكتشافات النفطية والغازية الجديدة، أصبحت عُمان رائدة في المنطقة من حيث صادرات الطاقة إلى العالم، خاصة أن المؤشرات الحديثة تؤكد وجود كميات نفطية وغاز كبيرة في عدد من المناطق والبرية والبحرية للسلطنة، وهو ما أكدته تقارير صادرة عن شركات نفطية تعمل في عُمان، بحسب اللواتي.
وضرب الخبير الاقتصادي العُماني مثالا بشركة أوكسيدنتال عُمان، التي أوردت في بيانها مؤخراً أنها اكتشفت كميات نفطية كبيرة ستزيد من قيمة الصادرات العُمانية إلى دول العالم.
وينوه اللواتي إلى أهمية الاكتشافات النفطية الجديدة في منطقة عبري بمحافظة الظاهرة، والتي من شأنها أن تدعم إجمالي احتياطيات النفط بالسلطنة، التي بلغت عام 2022 نحو 4 مليارات و905 ملايين برميل.
وجاء الارتفاع التاريخي لصادرات النفط العُمانية إلى الدول الأوروبية بإجمالي يصل إلى 3 ملايين برميل خلال الشهور الأولى السبعة من العام الجاري، نتيجة توقف الصادرات النفطية الروسية إلى تلك الدول على خلفية الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، بحسب اللواتي.
زيادة الإيرادات
وتشير بيانات وزارة المالية العُمانية إلى ارتفاع صافي إيرادات الصادرات من النفط الخام خلال النصف الأول من العام الجاري 2023 لتصل إلى 8.4 مليارات دولار، مقابل 8.2 مليارات دولار خلال نفس الفترة من العام الماضي 2022، ما يعزز تمويل مشروعات التنمية وتخفيض الدين العام، بالإضافة إلى تعزيز أصول الصناديق السيادية في البلاد.
ويلفت اللواتي، إلى أن السلطنة تعزز جهودها في الاكتشافات النفطية والغاز على التوازي مع توقيع عقود لتعزيز مجالات التحول نحو الطاقة الخضراء، خاصة بإنتاج الهيدروجين الأخضر، في إطار سياسة التنويع الاقتصادي، بالإضافة إلى تنمية القطاعات غير النفطية في مجالات التصنيع، والأسماك، والتعدين، والسياحة.
وتهدف الرؤية الاقتصادية (عُمان 2040) إلى تعزيز مختلف الجوانب التي تدعم الاقتصاد المحلي وزيادة العوائد المالية من تلك القطاعات، وتوفير مزيد من فرص العمل للعُمانيين، بجانب العمل على الاستدامة المالية للبرامج التي تخططها الحكومة لإقامة المشروعات التنموية الجديدة في البلاد من خلال الحصول على مزيد من العوائد النفطية والغاز.
وشجع ذلك المزيد من شركات النفط العالمية للدخول باستثماراتها في مجالات الاستكشافات النفطية التي خصصتها الحكومة العُمانية في بعض مناطق الامتياز، ومن شأن ذلك توسيع حجم الاقتصاد الكلي للسلطنة وحصتها في الإنتاج النفطي العالمي خلال السنوات المقبلة، بحسب اللواتي.