قنبلة بطالة تهدّد 500 ألف لبناني بسبب الحرب

21 نوفمبر 2024
الغارات الإسرائيلية دمّرت 100 ألف وحدة سكنية جزئياً أو كلياً (إبراهيم عمرو/فرانس برس)
+ الخط -

 

مع تواصل العدوان الإسرائيلي على لبنان تزداد الخسائر الاقتصادية في مختلف المجالات، وما يفاقم الأوضاع عدم وجود خطط حكومية واضحة وغياب الإحصائيات الدقيقة. وفي الوقت الذي حذر فيه مراقبون من تفاقم البطالة وإضافة نصف مليون عاطل عن العمل، في حال استمرار الحرب لوقت أطول، أكد البنك الدولي في تقرير حديث أن الصراع أثر في الشعب اللبناني، حيث تشير التقديرات إلى فقدان نحو 166 ألف فرد وظائفهم بسبب الحرب، وهو ما يعادل انخفاضاً في المداخيل قدّرته المؤسسة الدولية بـ168 مليون دولار.
وصرّح الباحث في "الدولية للمعلومات"، محمد شمس الدين، في حديث خاص لـ"العربي الجديد"، أن المشكلة الأساسية في لبنان تعود إلى ما قبل الحرب، حيث يفتقر البلد إلى بيانات دقيقة وصحيحة، وأوضح أن جميع الخطط التي تُوضع، سواء لإنشاء مدارس أو مستشفيات أو طرقات أو حتى توفير القروض السكنية، لا تُبنى على أسس واضحة أو إحصاءات دقيقة.

لا إحصائيات دقيقة

وأشار شمس الدين إلى أن لبنان لا يمتلك حتى اليوم إحصاءً رسمياً لعدد السكان منذ أكثر من 30 عاماً، كما أن عدد اللاجئين السوريين والفلسطينيين غير معروف بدقة، حيث تبقى هذه الأرقام ضمن نطاق التخمين.

وأضاف أن الأساس في أي دولة هو وجود إحصاءات دقيقة، وهو ما يفتقر إليه لبنان، لافتاً إلى أنه حتى الناتج المحلي الإجمالي غير معروف بدقة، إذ تشير بعض التقديرات إلى أنه يبلغ 22 مليار دولار، بينما تصل تقديرات أخرى إلى 30 مليار دولار. وأكد أن غياب الأرقام الدقيقة يشكل العقبة الأساسية أمام وضع خطط فعّالة في لبنان.

وعن خسائر الحرب الحالية، أوضح شمس الدين أنه لا يوجد تقدير دقيق لهذه الخسائر، وبينما قدّر البنك الدولي الخسائر حتى أكتوبر/تشرين الأول بـ8.5 مليارات دولار، هناك من يقدّرها بـ 18 مليار دولار وآخرون بـ12 مليار دولار. أما التقديرات التي توصلت إليها "الدولية للمعلومات" حتى 15 نوفمبر/تشرين الثاني، فتشير إلى خسائر تصل إلى 11.2 مليار دولار، مع الإشارة إلى أن الحرب لم تنتهِ بعد، ولم يُجر مسح شامل للأضرار، في حين كانت هناك تقديرات رسمية بـ20 مليار دولار.

البطالة تتفاقم في لبنان

وحذر شمس الدين من التداعيات الخطيرة لاستمرار الحرب، وأبرزها ارتفاع معدل البطالة. وأوضح أن الحرب أدت حتى الآن إلى فقدان حوالي 250 ألف فرد وظائفهم، نتيجة تدمير المؤسسات، أو إغلاقها، أو نزوحهم إلى مناطق أخرى، ما تركهم دون أي مصدر دخل، مشيراً إلى أنه إذا استمرت الحرب على مدى خمسة أشهر يمكن أن تؤدي إلى وجود 500 ألف عاطل عن العمل يُضافون إلى الـ300 ألف عاطل الموجودين أصلاً، ما ينذر بكارثة اقتصادية واجتماعية قد تتسبب بمشاكل أمنية خطيرة. وأضاف شمس الدين أن تقديرات البنك الدولي للخسائر تستند إلى البيانات التي توفرها الأجهزة الحكومية اللبنانية، مما يبرز أهمية صدور تقرير دولي يحدد حجم الأضرار والخسائر بدقة لدعم موقف لبنان في طلب المساعدات لإعادة الإعمار.
وأشار إلى أن المجتمع الدولي والدول المانحة قد لا تثق بالحكومة اللبنانية، متسائلاً عن الجهة التي ستتولى إعادة الإعمار، سواء مجلس الجنوب، أو الهيئة العليا للإغاثة، أو وزارة المهجرين، وأكد أن هذه الجهات قد تكون محل شك.

ودعا إلى تأسيس هيئة وطنية لبنانية تعمل بالتعاون مع المؤسسات الدولية، مثل الأمم المتحدة والبنك الدولي والدول المانحة. وأكد أن هذه الهيئة يجب أن تتبع مجلس إدارة، يتولى وضع خطط ومعايير واضحة لإعادة الإعمار. وأضاف أن إعادة الإعمار تُعدّ أولوية بعد انتهاء الحرب، حيث ستساهم عودة النازحين إلى قراهم في تقليل المشكلات بين النازحين أنفسهم، وبينهم وبين المجتمعات المضيفة.

تقديرات البنك الدولي

في سياقٍ متصل، أشارت التقديرات الواردة في تقرير جديد صدر عن البنك الدولي يقيّم "الأثر الأولي للصراع على اقتصاد لبنان وقطاعاته الرئيسية"، إلى أن "تكلفة الأضرار المادية والخسائر الاقتصادية بلغت نحو 8.5 مليارات دولار، وخلص التقييم الأولي للأضرار والخسائر في لبنان إلى أن الأضرار المادية وحدها بلغت 3.4 مليارات دولار، والخسائر الاقتصادية بلغت 5.1 مليارات دولار.
وعلى صعيد النمو الاقتصادي، تشير التقديرات إلى أن الصراع أدى إلى خفض نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في لبنان بنسبة 6.6% على الأقل في عام 2024، مما يفاقم الانكماش الاقتصادي الحاد المستمر على مدى خمس سنوات، والذي تجاوز 34% من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي.
وتناول التقرير أيضاً أن الصراع أثر بالشعب في لبنان، حيث تشير التقديرات إلى وجود أكثر من 875 ألف نازح داخلياً، مع تعرّض النساء والأطفال والمسنين والأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة واللاجئين لأشد المخاطر. كما تشير التقديرات إلى فقدان نحو 166 ألف فرد وظائفهم، وهو ما يعادل انخفاضاً في المداخيل قدره 168 مليون دولار.
ووفق التقرير، فإن "قطاع الإسكان هو الأكثر تضرراً، حيث تضرر نحو 100 ألف وحدة سكنية جزئياً أو كلياً، وبلغت الخسائر في القطاع 3.2 مليارات دولار، إضافة إلى الاضطرابات في قطاع التجارة التي بلغت نحو ملياري دولار، مدفوعة جزئياً بنزوح الموظفين وأصحاب الأعمال، كما أدى تدمير المحاصيل والماشية وتشريد المزارعين إلى خسائر وأضرار في قطاع الزراعة، بلغت حوالي 1.2 مليار دولار.
ويعتمد التقييم الأولي للأضرار والخسائر في لبنان على "مصادر بيانات عن بعد، وتحليلات لتقييم الأضرار المادية والخسائر الاقتصادية في سبع قطاعات رئيسية. ويغطي تقييم الأضرار المحافظات الست الأكثر تأثراً، فيما جرى تقييم الخسائر الاقتصادية على نطاق البلد ككل.

المساهمون