كفر عقب بلا مياه بقرار إسرائيلي لمعاقبة الفلسطينيين: غزة ثانية

18 يوليو 2024
المياه تغمر كفر عقب، 13 إبريل 2023 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **نقص المياه في كفر عقب**: تعاني كفر عقب من نقص حاد في المياه، حيث يحصل السكان على بضع ساعات فقط أسبوعياً، مما يؤثر على حياتهم اليومية. السلطات الإسرائيلية تلقي باللوم على سلطة المياه الفلسطينية، بينما تؤكد الأخيرة أن السبب هو تقليص شركة ميكوروت الإسرائيلية لتزويد المياه.

- **تدهور البنية التحتية والخدمات**: تعاني المنطقة من إهمال شبه كامل، رغم دفع السكان للضرائب. الشوارع غير معبدة، وشبكات الصرف الصحي تنهار، ولا توجد خدمات أساسية. مستشفى القدس للولادة يواجه أزمة مياه حادة.

- **تفاقم الأوضاع بسبب الحرب**: تدهورت الظروف المعيشية منذ بداية الحرب في غزة. إغلاق معبر قلنديا عزل السكان عن القدس، مما أثر على المرضى والطلاب والعمال. الوضع الاقتصادي تدهور، ونقص المياه يبقى التحدي الأكبر.

كفر عقب التي تعتبر أكبر منطقة حضرية في القدس تفتقر إلى المياه الجارية، إذ لا يحصل الفلسطينيون في كفر عقب إلا على بضع ساعات من المياه في الأسبوع، ولا يمكنهم غسل الملابس أو غسل الأرضيات ويضطرون إلى التخلي عن الاستحمام، هكذا بدأ موقع "هآرتس" تقريره.

لا تزال منطقة كفر عقب، وهي منطقة مترامية الأطراف في شمال القدس المحتلة، ويفصلها عن القدس من حدها الشمالي جدار الفصل العنصري، تعاني من انقطاع المياه. ويعتبر المقيم الذي تصل المياه إلى منزله لأكثر من يوم واحد في الأسبوع محظوظاً، وفق الموقع الإسرائيلي. أما عشرات الآلاف من السكان الآخرين، فلا تصل إليهم المياه إلا لمدة أربع إلى تسع ساعات في الأسبوع.

وأصبحت كفر عقب مكانَ إقامة عشرات آلاف من الفلسطينيين المقدسيّين، الذين عليهم، بحسب قانون الاحتلال، دفع كامل الضرائب البلدية، لكنّهم لا يتمتّعون بالخدمات البلدية كما يتمتّع بها المستوطنون اليهود في مساكن قريبة منهم.

وتحاول الجهات الرسمية الإسرائيلية وضع اللوم على سلطة المياه الفلسطينية التي تُزوّد كفر عقب بالماء، ولكنّ الأخيرة تؤكد أنّ سبب نقص توفير المياه بكفر عقب، تقليص شركة ميكوروت الإسرائيلية، المُزوّدة الوحيدة للمياه، ما توفّره للجانب الفلسطيني. ووفقاً لمسؤولين في كفر عقب، توفر شركة ميكوروت بـ3500 متر مُكَعَّب من أصل 11 ألف متر مُكَعَّب التي يحقّ للسكان الحصول عليها ويحتاجونها.

كفر عقب معاقبة

ويلفت الموقع الإسرائيلي إلى أن الهيئات الإسرائيلية المختلفة تتبادل المسؤولية، وتشمل البلدية، وهيئة المياه، وهي الهيئة التنظيمية للحكومة الإسرائيلية، وشركة ميكوروت، وهي شركة المياه الوطنية، وشركة هاجيحون، وهي شركة المياه البلدية. ويشعر السكان باليأس على نحو متزايد. وتزداد الأمور سوءاً، حيث حذر أحد السكان، قائلاً: "سيتحول هذا المكان إلى غزة ثانية"، وفق هآرتس.

في العقدين الماضيين، أصبحت القرية والأحياء المحيطة بها أكبر منطقة في القدس. والواقع أن القرية أكبر من حيث عدد السكان من أغلب المدن في إسرائيل، حيث إن أقل من عشرين مدينة من بين أكثر من ثمانين مدينة في البلاد أكبر منها. ولا يوجد في أي من المدن الأخرى مستشفى تتوافر فيه المياه لمدة تقل عن يومين في الأسبوع.

رسمياً، كفر عقب جزء من القدس، ومعظم سكانها يحملون بطاقات هوية إسرائيلية. ومع ذلك، تهمل السلطات الإسرائيلية المنطقة بشكل شبه كامل. تظل العديد من الشوارع غير معبدة، وتنهار شبكات الصرف الصحي كل شتاء، فتغمر المياه المنازل والشوارع. ولا يوجد شرطة أو فنيون أو مقدمو خدمات. ولا يوجد ملعب واحد أو مساحة خضراء لعشرات الآلاف من الأطفال الذين يعيشون هناك، بحسب هآرتس.

ووفق الموقع الإسرائيلي، يواجه مستشفى القدس للولادة في منطقة كفر عقب بالقدس الشرقية، وفق مدير المستشفى، تقي قيسي، أزمة مياه: "المياه تشكل مشكلة خطيرة في المستشفى. نحصل الآن على المياه مرة أو مرتين في الأسبوع، ولكن حتى في هذه الحالة لا يكون هناك ضغط كافٍ في الأنابيب ولا يمكن للمياه أن تتدفق إلى الأعلى".

وبدون إمدادات منتظمة من المياه، يضطر المستشفى إلى إنفاق آلاف الشواكل أسبوعياً على صهاريج المياه لضمان قدرة الأمهات الجديدات على الاستحمام بعد الولادة. ويقول القيسي إن العديد من الهيئات الحكومية على علم بالأزمة، بما في ذلك وزارة الصحة الإسرائيلية وبلدية القدس، ولم تعرض أي منها المساعدة.

ويقول قيسي لـ "هآرتس" إن المستشفى انقطعت عنه خدمات الهاتف والإنترنت لمدة أسبوعين، ولم يتمكن الموظفون من العمل إلا باستخدام الهواتف المحمولة. وتجوب الكلاب الضالة المنطقة في مجموعات، ويواجه السكان بنية تحتية وظروفاً معيشية سيئة. وتعتمد سبل عيشهم على حاجز قلنديا، الذي يستخدمونه للسفر إلى العمل والدراسة في المدينة. والطريق إلى الحاجز مليء بالكتل الخرسانية المحروقة والقمامة والغبار.

تدهور الأوضاع

ولكن منذ بدأت الحرب في غزة تدهورت الظروف المعيشية بشكل خطير. فخلال الأسابيع القليلة الأولى بعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول أبقت إسرائيل معبر قلنديا مغلقاً. ووجد المرضى وتلاميذ المدارس وطلبة الجامعات والعمال أن بواباتهم إلى بقية أنحاء القدس مغلقة. وتدهور الوضع الاقتصادي المحلي. ويقول أعضاء اللجنة إن بعض الأسر وصلت إلى حد الافتقار إلى الطعام.

ولكن كل هذه التحديات لا تذكر مقارنة بنقص المياه. فمع مرور السنين اعتاد السكان حقيقة مفادها أن المياه لا تتدفق على مدار الساعة.

وللتغلب على هذا النقص، بدأ السكان بشراء المياه من صهاريج يديرها رجال أعمال مستقلون. وهم يشتبهون في أن المياه في الصهاريج تم شراؤها من المستوطنات القريبة، ولكن ليس لديهم أي دليل. وتكلف ثلاثة آلاف لتر تملأ حاويتين كبيرتين 300-350 شيكلاً (85-95 دولاراً)، اعتماداً على ارتفاع المبنى. وقال معظم السكان الذين تحدثوا إلى صحيفة هآرتس إنهم يعيدون ملء الحاويات مرة واحدة على الأقل في الأسبوع، وحتى في هذه الحالة، يتعين عليهم فرض قيود على أفراد الأسرة وفرض الانضباط في استخدام المياه.

وحسب هآرتس، قبل أسبوعين انفجر أنبوب مياه كبير في حيّ عين كارم اليهودي على الجانب الآخر من المدينة. وعمل عمال شركة جيحون على قدم وساق وأعادوا إمداد المنطقة بالمياه في غضون ساعات قليلة. وفي اليوم التالي، حدثت اضطرابات في إمداد المياه للمركز المجتمعي في المنطقة. وأصدر المتحدث باسم بلدية القدس أربعة إشعارات عامة في ذلك اليوم، ذهب فيها إلى حد طمأنة الجمهور المقدسي المعنيّ بأن "شركة جيحون تضمن توفير المياه بوسائل بديلة" لزوار المركز المجتمعي.

وعلى النقيض من ذلك، لم يتطرق رئيس بلدية القدس موشيه ليون أو البلدية علناً إلى أزمة المياه في كفر عقب، على الرغم من المناشدات المتكررة من السكان والمسؤولين المحليين والصحافيين. وعندما سئل ليون بشكل خاص، قال إن الأمر ليس من اختصاصه.