تأتي انتخابات العام الحالي في ظرف صعب على المواطن وعلى الإدارة الأميركية، بسبب ضبابية الموقف، وتحديداً ما يخص الاقتصاد، في وقتٍ استقر فيه معدل التضخم بالقرب من أعلى مستوياته في أكثر من أربعين عاماً، بينما تلوح في الأفق علامات ركود كبير.
وما زالت عمليات حصر الأصوات تجري على قدم وساق في أماكن التصويت في مختلف الولايات الأميركية، في انتظار النتيجة التي ترسم إلى حد كبير ملامح الاقتصاد الأميركي لمدة عامين قادمين، على أقل تقدير.
الضرائب
يعد الحزبان بإجراء تغييرات كبيرة على التشريعات الضريبية الحالية، وبينما يأمل الرئيس الأميركي جو بايدن استمرار سيطرة حزبه على الكونغرس، لإكمال تنفيذ أجندته الخاصة بفرض المزيد من الضرائب على الأثرياء وشركات التكنولوجيا والنفط الكبرى، فإن انتزاع الجمهوريين السيطرة سيعني بالتأكيد سعيهم لإكمال ما بدأه الرئيس السابق دونالد ترامب، واعتبر أكبر إعفاءات ضريبية تشهدها البلاد في عقود.
وفي لقاء مع قناة "فوكس بيزنس" الأميركية، قال جون جيميجليانو، مسؤول التشريعات لدى شركة KPMG إن "كل ما يخص التشريعات الضريبية في السنوات القليلة القادمة يتوقف على نتيجة هذه الانتخابات".
لكن الإقرار الكامل لإعفاءات ترامب لن يحدث مع صعوبة وصول الجمهوريين إلى سيطرة بنسبة 60% على مجلس الشيوخ، وهو ما يعني ضرورة حصولهم على تأييد بعض الأعضاء الديمقراطيين.
بنك الاحتياط الفيدرالي
رفع البنك الفيدرالي معدلات الفائدة بأعلى وتيرة تشهدها البلاد منذ مطلع الثمانينيات، وحذر جيروم باول، رئيسه، من "آلام قد تصيب الأميركيين" من جراء سياساته.
وقبل وقتٍ قصير، تقدمت عضوة مجلس الشيوخ الديمقراطية إليزابيث وارين، مرشحة الرئاسة المحتملة السابقة، باستجواب مكتوب لرئيس البنك، مبديةً قلقها من استمرار رفع الفائدة، وما يسببه من فقدان للوظائف.
ولم يكن الجمهوريون أرحم على البنك الفيدرالي، خلال فترة حكم ترامب، حيث سُجلت محاولات الرئيس السابق للتأثير في البنك المركزي الأكبر في العالم، ودفعه إلى خفض معدلات الفائدة، كما بعض الضغوط من أعضاء مجلس الشيوخ من الحزب الجمهوري ممن ساروا على درب رئيسهم، وهو ما جرى تجاهله تماماً وقتها.
وبالتأكيد، سيكون البنك الفيدرالي موضع مساءلة، في حالة دخول الاقتصاد الأميركي في ركود، أياً كان الحزب الفائز في هذه الانتخابات.
الركود
بعد رفع البنك الفيدرالي معدلات الفائدة إلى نطاق 3.75% - 4%، على مدار ستة اجتماعات متتالية، من مستوى قريب من صفر عند بداية العام، تراجعت احتمالات تجنب دخول الاقتصاد الأميركي في ركود العام القادم.
ويرى اقتصاديو بنك الاستثمار "غولدمان ساكس" أن استمرار سيطرة الديمقراطيين على الكونغرس ستزيد كثيراً احتمالات لجوء الإدارة الأميركية إلى ضخ مدفوعات تعويضية للأميركيين، من أجل تخفيف الآثار السلبية للركود المتوقع.
وقال اقتصاديو البنك، في المذكرة التي أرسلوها إلى عملائهم، إن احتمالات إقرار الجمهوريين حزم إنقاذ ضخمة، حال سيطرتهم على الكونغرس، تكاد تكون منعدمة.
الدَّين العام
تقترب الولايات المتحدة سريعاً من مستوى 31.4 تريليون دولار من الديون، وهو الحد الأقصى المسموح باقتراضه حالياً، الأمر الذي يعني أن الكونغرس القادم سيكون عليه الاتفاق على تعليق سقف الدين، أو رفعه، في 2023.
وعادة ما يتوصل الحزبان، أياً كان المسيطر على الكونغرس، إلى اتفاق على هذا الأمر، وإن تأخر قليلاً بسبب العناد، تجنباً لتخلف الولايات المتحدة عن سداد ديونها، أو الاضطرار إلى إغلاق الحكومة، على النحو الذي شهدناه، على مدار 35 يوماً، خلال فترة رئاسة ترامب.
الأسهم الأميركية
يفضل مستثمرو الأسهم عادة تقاسم الحزبين للسيطرة على الكونغرس، تفضيلاً لعدم إقرار أي من التشريعات "المتطرفة"، التي تؤثر في الأسواق وتزيد من تذبذبها، إلا أن الخبرات التاريخية، بصورة عامة، توضح أن فوز الجمهوريين في الانتخابات يكون بمثابة "برداً وسلاماً" على حاملي الأسهم.
وخلال الساعات الأولى من تعاملات يوم الأربعاء، وقبل إعلان النتائج الكاملة للانتخابات، ومع استبعاد حصول الجمهوريين على "موجة كاسحة"، تراجعت الأسهم الأميركية، بخسائر تدور حول 1% للمؤشرات الرئيسية الثلاثة.