شغلت الحروب التي شهدتها ليبيا في السنوات الأخيرة الحكومات المتعاقبة، عن عدم مقاومة ظاهرة التصحر، مع نقص التمويل المالي لمختلف المشاريع الزراعية، إذ يواجه الليبيون شحا كبيرا في الأمطار والمياه منذ سنوات، ما أدى إلى نقص المحاصيل الزراعية.
وقال رئيس اللجنة الوطنية للمكافحة التصحر في ليبيا عبد الغني عون في تصريحات لـ"العربي الجديد" إن مشكلة التصحر تهدد الأمن الغذائي في ليبيا وسط الحروب المتواصلة ونقص التمويل المالي مع تغيير المناخ الذي تسبب في زيادة التصحر بالبلاد.
وأوضح أن ليبيا تحتاج إلى ما يقرب من مليار دينار (250 مليون دولار) عبر خطة ثلاثية لإعادة إحياء المشاريع الزراعية وتنفيد خطط تنمية هذا القطاع المهم والحيوي. وأشار عون إلى أن بلاده تعاني منذ خمس سنوات من جفاف جزئي على المنطقة الغربية أثر سلبا على الإنتاج الزراعي والحيواني، بالإضافة إلى تفاقم ظاهرة الزحف العمراني على بعض المناطق الزراعية وسط تقاعس من السلطات في تطبيق القانون فضلا عن عمليات الاعتداء على عمليات الغطاء النباتي وسط غياب الدولة خلال السنوات الماضية مع الحروب المتواصلة منذ عام 2011.
ودعا عون إلى ضرورة وقف الزحف الصحراوي وسط مخاوف من حدوث جفاف عام في كافة ربوع البلاد وذلك لشح الأمطار، وأزمة تغير المناخ وتراجع مستوى نزول الغيث النافع وارتفاع درجات الحرارة.
من جانبه، رأى الباحث علي منصور أن مشكلة التصحر في ليبيا، خاصة بمنطقة الساحل الغربي، ترجع إلى زيادة الكتل الإسمنتية والهجرة من الريف إلى مدن الساحل، مشيرا إلى أن سهل جفارة الذي يشكل 60% من المساحة الزراعية في البلاد يتم الاعتداء عليه بالبناء العمراني العشوائي بالمنطقة.
وتعتبر ليبيا من البلدان الفقيرة في المساحات المغطاة بالغابات الطبيعية، بسبب المناخ الجاف الذي تتسم به معظم الأراضي الزراعية.
وأعلنت وزارة الموارد المائية بحكومة الوحدة الوطنية أن الجفاف الحاصل في بحيرة سد واد كعام كان بسبب قلة سقوط الأمطار خلال عامي 2020 و2021، وعدم وجود أي فيضان للوادي الذي كان يغذي بحيرة السد، وارتفاع درجات الحرارة هذا الصيف، مما أدى إلى زيادة نسبة التبخر في البحيرة وجفافها بالكامل.
وقال المحلل الاقتصادي محمد الشيباني في تصريحات لـ"العربي الجديد" إن مشكلة التمويلات المالية أضرت بالبلاد فكل المصروفات من عام 2011 توجه للإنفاق الاستهلاكي دون وضع رؤى وخطط تنموية للبلاد. وأعرب الشيباني عن حاجة ليبيا إلى إعادة دعم المشاريع الزراعية وتوفير قروض مالية للمزارعين.
وتبلغ مساحة ليبيا 1.67 مليون كيلومتر مربع، منها 2 % أراض صالحة للزراعة بما يعادل 3.6 ملايين هكتار، وتمثل الأراضي الرعوية نسبة 7.5% من إجمالي المساحة الكلية، وفقاً لتقديرات وزارة الزراعة.
وكانت ليبيا تدعم الفلاحين بـ6 ملايين دينار ليبي (4.3 ملايين دولار)، حسب تقارير رسمية. وتشير منظمة "الفاو" إلى أن حوالي 800 ألف شخص (10 في المائة من السكان) بحاجة إلى المساعدة الإنسانية العام الحالي، بعد أن كان 1.3 مليون في العام السابق.