ماذا بعد تجاوز الدين الأميركي 34 تريليون دولار

03 يناير 2024
هل يشهد الكونغرس الأميركي معركة جديدة بين الحزبين بسبب الدين العام (Getty)
+ الخط -

تجاوز الدين الأميركي العام 34 تريليون دولار للمرة الأولى، قبل أسابيع قليلة من الموعد النهائي للكونغرس للموافقة على خطط التمويل الفيدرالية الجديدة، الأمر الذي قد يسبّب إحياء معركة بين الحزبين، كان يفترض سكونها لبعض الوقت.

وأظهرت البيانات التي نشرتها وزارة الخزانة الأميركية أن "إجمالي الدين العام المستحق" على الولايات المتحدة ارتفع إلى 34.001 تريليون دولار في 29 ديسمبر/كانون الأول. وهذا الرقم، المعروف أيضاً باسم الدين الوطني، هو إجمالي مبلغ الاقتراض المستحق على الحكومة الفيدرالية الأميركية، الذي جرت مراكمته على مدار تاريخ البلاد.

وارتفع الدين العام الأميركي 1 تريليون دولار في فترة ثلاثة أشهر فقط، بالتزامن مع تضخم عجز الميزانية، الذي يمثل الفارق بين ما تنفقه الحكومة وما تحصل عليه من الضرائب.

ووصفت مايا ماكجينياس، رئيسة لجنة الميزانية الفيدرالية المسؤولة، وهي هيئة رقابية مالية، هذا الرقم القياسي بأنه "إنجاز محبط حقًا".

وقالت في بيان صدر أمس الثلاثاء: "على الرغم من أن مستوى ديوننا خطير على اقتصادنا وأمننا القومي، إلا أن أميركا لا تستطيع التوقف عن الاقتراض".

ويتزايد الدين الأميركي بصورة مطردة خلال فترة يُعَدّ فيها اقتصاد البلاد قويًا إلى حد ما، بينما لا تزال معدلات البطالة منخفضة، وهما مؤشران على أن الفترة الحالية تعتبر وقتًا مناسبًا لكبح جماح العجز الفيدرالي. وغالبًا ما تعزز الحكومة الإنفاق خلال فترات تباطؤ الاقتصاد وارتفاع معدلات البطالة، في محاولة لتحفيز النمو.

وأصبحت أعباء الديون الحكومية في الولايات المتحدة، كما في أماكن أخرى من العالم، سبباً متزايداً للقلق، بسبب الارتفاع السريع الذي شهدته أسعار الفائدة أخيراً، والذي رفع من تكلفة خدمة تلك الديون بصورة واضحة. وارتفع صافي تكاليف الفائدة بنسبة 39% في السنة المالية 2023، التي انتهت في 30 سبتمبر/أيلول، مقارنة بالعام السابق، وفقًا لوزارة الخزانة، ليصل إلى ما يقرب من ضعف ما كان عليه في السنة المالية 2020.

ويُموَّل الدين الوطني الأميركي من خلال مجموعة متنوعة من المصادر، غالباً ما تمثل أذون الخزانة الأميركية وسنداتها، التي يشتريها أميركيون وأجانب، أفراد ومؤسسات وحكومات، ما يزيد على 80% من قيمتها. واعتبرت سندات الخزانة الأميركية، على مدار عقود، أداة الاستثمار الأكثر أماناً في العالم.

ووفقاً لبيانات وزارة الخزانة الأميركية، كان رصيد إجمالي استثمارات الدول الأجنبية في أذون وسندات الخزانة الأميركية أكثر قليلاً من 7.5 تريليونات دولار، بنهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

أهم الدول المشترية للسندات الأميركية

وجاءت اليابان على رأس قائمة الدول المستثمرة في أوراق الدين التي أصدرتها الحكومة الأميركية، برصيد 1.098 تريليون دولار، وتلتها الصين، التي استقرت على رأس القائمة لسنوات، برصيد 770 مليار دولار، ثم المملكة المتحدة، برصيد 693 مليار دولار، وفقاً للوزارة الأميركية.

وأصبح الدين الوطني نقطة خلاف رئيسية بين الجمهوريين والديمقراطيين، وهو ما أدى إلى تفاقم المواجهات حول الميزانية الفيدرالية، التي هددت في أكثر من مناسبة سابقة بإغلاق الحكومة.

وعلى مدار ما يقرب من ربع قرن، ارتفعت الديون الأميركية في فترات رئاسة جورج بوش (الابن) ودونالد ترامب، من الحزب الجمهوري، وأيضاً في فترات رئاسة باراك أوباما وجو بايدن من الحزب الديمقراطي. وفي حين يرى الجمهوريون إن برامج الإنفاق الفيدرالية التي تدعمها إدارة بايدن مكلفة للغاية، يقول الديمقراطيون إن التخفيضات الضريبية التي اقترحها ترامب في عام 2017 أدت إلى تقليص الإيرادات.

أيضاً ساهمت حزم الإغاثة الفيدرالية التي أُقرَّت خلال الفترة من 2020 - 2022 لمواجهة فيروس كورونا، والتي مُرِّرَت خلال إدارتي ترامب وبايدن، في زيادة الديون.

وقال المتحدث باسم البيت الأبيض، مايكل كيكوكاوا إن ارتفاع الدين كان مدفوعاً بشكل كبير بالهبات الجمهورية المتكررة، التي أسيء استخدامها، ووجهت للشركات الكبرى والأثرياء، ما أدى إلى تخفيض مخصصات الضمان الاجتماعي، والرعاية الطبية، التي أضرت بالأميركيين العاديين.

وقال كيكوكاوا إن الرئيس جو بايدن لديه خطة لخفض العجز بمقدار 2.5 تريليون دولار، من خلال "جعل الشركات الغنية والكبيرة تدفع حصتها العادلة، بالإضافة إلى خفض الإنفاق المسرف على المصالح الخاصة بشركات الأدوية والنفط الكبيرة".

ويشير الواقع الأميركي حالياً إلى أن الديون المتصاعدة، وسياسة حافة الهاوية، أثرت بالفعل في التصنيف الائتماني لأميركا، حيث خفضت وكالة فيتش تصنيفها للديون السيادية الأميركية من AAA إلى AA+ في أغسطس/آب الماضي؛ وفي نوفمبر/تشرين الثاني، حذرت وكالة موديز أيضاً من تخفيض التصنيف الائتماني للاقتصاد الأكبر في العالم.

الدين الأميركي وإغلاق الحكومة

يواجه المشرعون في واشنطن مواعيد نهائية لإقرار ميزانيات الأقسام للسنة المالية 2024 خلال أول شهرين من العام، وذلك بعد أن أقرّ الكونغرس مشروعي قانونين مؤقتين للتمويل، لتجنب إغلاق الحكومة، قبل عدة أسابيع. وتبدأ السنة المالية الأميركية في الأول من أكتوبر/تشرين الأول من كل عام.

ومدد مشروع القانون الأخير، الذي أُقرّ في منتصف نوفمبر/تشرين الثاني، التمويل حتى 19 يناير/كانون الثاني لأولويات تشمل الزراعة والبناء العسكري وشؤون المحاربين القدامى والنقل والإسكان ووزارة الطاقة. ومُوِّلَت بقية الحكومة حتى 2 فبراير/شباط، دون إقرار مساعدات إضافية مخصصة لأوكرانيا أو إسرائيل.

ويسعى المشرعون الجمهوريون في مجلس النواب لخفض الإنفاق إلى ما دون المستويات المتفق عليها في اتفاق سقف الديون الذي جرى التوصل إليه في يونيو/حزيران، والذي مكن الحكومة الفيدرالية من الاستمرار في دفع فواتيرها بالكامل، وفي الوقت المحدد، وتجنب التخلف عن السداد لأول مرة على الإطلاق. وعلق الاتفاق سقف الدين حتى الأول من يناير/كانون الثاني 2025.

ومع ذلك، رفض مجلس الشيوخ الذي يقوده الديمقراطيون دعوات الحزب الجمهوري لإجراء تخفيضات. ويتفاوض قادة الكونغرس حاليًا على مستوى التمويل الرئيسي للسنة المالية 2024، حيث يلوح خطر الإغلاق مرة أخرى.

وعلى نحو متصل، يريد رئيس مجلس النواب مايك جونسون، إنشاء لجنة ديون من الحزبين، لمعالجة ما وصفه بـ "التهديد الأكبر لأمننا القومي".

وقال ماكغينياس: "ما زلنا نأمل أن يتخذ صناع السياسات المزيد من الإجراءات لتقليل اقتراضنا، إن كان من طريق زيادة الضرائب، أو خفض الإنفاق، أو إنشاء لجنة مالية، أو من الناحية المثالية، من طريق القيام بكل ما سبق".

المساهمون