وقعت شركة "قطر للطاقة" مع مجموعة "كونوكو فيليبس" الأميركية، أمس الثلاثاء، أول عقد لتوريد ما يصل إلى مليوني طن من الغاز الطبيعي المسال سنويا إلى ألمانيا، اعتبارا من 2026 على مدى 15 عاما.
فماذا يعني الاتفاق بالنسبة لاقتصاد ألمانيا؟
تناولت شبكة "أن تي في" الإخبارية، مساء أمس الثلاثاء، الصفقة مشيرة إلى أنها ستصل من حقول الغاز في الشمال الشرقي والحقل الشمالي الجنوبي والتي لم يتم تطويرها بعد، علما أن الشركة الأميركية تمتلك حصصا في كلا الحقلين.
ولفتت إلى أن الغاز الذي ستنتجه "قطر للطاقة" خلال السنوات القليلة القادمة من الحقول المطورة محجوز بالفعل لعملاء آخرين بموجب عقود طويلة الأجل، علما أنه يتم تداول العقود الآجلة لعام 2026 حاليا بما يزيد قليلا عن 40 يورو لكل ميغاواط/ساعة مقارنة بما يزيد عن 130 يورو للأشهر القادمة.
وبيّنت الشبكة أن "قطر للطاقة" وعدت بالسعي لتوصيل الغاز إلى أوروبا قبل عام 2026، لكن ليس من الحقول القطرية في الخليج إنما من تكساس، حيث تقوم الشركة حاليا ببناء واحدة من أكبر محطات الغاز الطبيعي المسال في العالم مع شركة "إكسون موبيل" الأميركية.
وبخصوص مدة العقد المحددة بـ15 عاما حتى عام 2041، فتكمن أهميته بأن ألمانيا تريد التخلص تدريجا من جميع أنواع الوقود الأحفوري، وتعول مستقبلا على الانتقال نحو مصادر الطاقة المتجددة، فيما البلاد تسعى لتكون في عام 2045 محايدة بيئيا تماما، ما يعني تخفيض استهلاك الغاز إلى ما يقرب من الصفر، وأن الغاز سيلعب دورا جوهريا في المرحلة الانتقالية.
وبخصوص اعتماد شركة أميركية لتزويد ألمانيا بالغاز، فإنه وفقا لأفكار الحكومة الفيدرالية الألمانية، النية منذ البداية كانت الاعتماد على الشركات الخاصة لإبرام عقود التوريد الفردية.
ومن المعروف أن "كونوكو فيليبس" كانت مهتمة بالأمر، وقبل أشهر حجزت المجموعة الأميركية النشطة دوليا سعة لها من خلال مشغل محطة "برونسبوتل" للغاز الطبيعي المسال، والتي لا تزال قيد الإنشاء على مصب نهر "ألبه" شمال ألمانيا.
رئيس "اتحاد مستقبل الغاز" تيم كيلر قال لـ"زود دويتشه تسايتونغ" إن الخطوة مهمة من ضمن مسار طويل، ولا ينبغي المبالغة في تقديرها لأنه في النهاية لا يمكن بهذا العقد سوى تغطية 3% فقط من احتياجات الغاز الألمانية، وهي كميات متواضعة.
وأوضح أن مليوني طن سنويا من الغاز الطبيعي المسال تعادل ما يقل عن 2.8 مليار متر مكعب من الغاز، فيما الاستهلاك الألماني بلغ العام الماضي 94 مليار متر مكعب، وكان خط أنابيب الغاز الروسي "نورد ستريم1" وحده يغطي حوالي 55 مليار متر مكعب.
ترحيب سياسي بنقل "قطر" الغاز إلى ألمانيا
وفيما خص ردود الفعل السياسية حول صفقة الغاز مع قطر، أعرب المستشار الألماني أولاف شولتز أمس من برلين، عن سعادته بتوقيع العقد، معتبرا أنه يساهم في إمدادات الطاقة مستقبلا، فيما عبر وزير الاقتصاد روبرت هابيك عن رضاه إزاء مدة الاتفاق المبرم، واصفا إياه بأنه "رائع".
لكن زعيم الحزب المسيحي الديمقراطي فريدريش ميرز، أكبر أحزاب المعارضة في البوندستاغ، أبدى تحفظه على جزء من الصفقة، معتبرا أنه كان ينبغي أن تكون عقود التوريد بكميات أكبر بكثير، وبرأيه أن التعاقد على شحنات تصل بعد سنوات لن يحل المشكلات الراهنة الناتجة من أزمة نقص الغاز واهتزاز أمن الطاقة.
وكان وزير الطاقة القطري والرئيس التنفيذي لـ"قطر للطاقة" سعد بن شريدة الكعبي شرح في حديث لصحيفة "بيلد" نُشرت مقتطفات منه ليل أمس، أسباب تسليم قطر مليوني طن سنويا فقط وانتظار التسليم حتى عام 2026، مبينا أن السبب عند السلطات الألمانية، مشيرا إلى أنه "لا توجد محطات في ألمانيا، ويتم حاليا بناء محطات جديدة، ولا يمكن لقطر أن تقدم أكثر من ذلك بهذه بسرعة".
من جهة ثانية، قال الكعبي إن قطر تعمل على العديد من الصفقات حول العالم ولفترات طويلة جدا، وتنتج حاليا 77 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال، وستزيد الإنتاج إلى 126 مليون طن سنويا.
وأوضح أن قطر بصدد بناء أكبر أسطول سفن في العالم لتصدير الغاز الطبيعي المسال، واستثمرت لهذه الغاية 20 مليار يورو في الأسطول الذي يتم بناؤه حاليا في الصين وكوريا الجنوبية، والأمر يتعلق بـ"مئات السفن" التي يجب أن تجعل قطر قوة غاز عالمية.
وعن حقيقة عدم حضور أي ممثل للحكومة الألمانية أثناء التوقيع على العقد أمس الثلاثاء، أشار الكعبي إلى أن الدول غالبا "ليس لديها آلية لشراء الغاز بنفسها، والشركات هي من تقوم بعمليات الشراء، بينها مثلا آر دبليو اي ويونيبر".