ادعت حكومة بشار الأسد في دمشق أن آثار الزلزال الذي ضرب جنوبي تركيا وشمال وغربي سورية في السادس من فبراير/ شباط الماضي طاولت قطاع النفط والثروة والمعدنية، وأن الخسائر بلغت 34 مليون دولار، الأمر الذي نفاه المختص بالطاقة عبد القادر عبد الحميد بقوله: "إن ادعاء نظام الأسد أن مصفاة بانياس تضررت غير صحيح، لأن حكومة الأسد أعلنت عن وصول شحنات نفط إلى المصفاة نفسها من إيران، وجرى تكريرها من دون الإشارة إلى الضرر أو تأذي المصفاة، في نفس تاريخ الزلزال وبعده مباشرة".
ويضيف عبد الحميد لـ"العربي الجديد" أنه "لو حدث ضرر بالأنابيب، كما تشير رواية النظام، لتأخر الإصلاح لفترة طويلة، لأن صناعة النفط مشمولة بالعقوبات ولا بدائل أو كفاءات محلية للتصنيع والإصلاحات"، مرجحاً أن النظام يعظّم من خسائر الزلزال لتزداد المساعدات الدولية، "ويتاجر بأوجاع المتضررين ليحصد المال والمنافع السياسية".
حكومة الأسد قدرت قيمة الخسائر التي ضربت قطاع النفط بسبب الزلزال بنحو 34 مليون دولار
وكان معاون وزير النفط والثروة المعدنية في حكومة الأسد، خالد العليج، قد قدر قيمة الخسائر التي ضربت قطاع النفط بسبب الزلزال بنحو 34 مليون دولار، موضحاً أن أكثر الأضرار وقعت في مصفاة بانياس التي تعرّضت إلى تصدعات وتشققات في البيتون الخارجي، مع تصدّع المستودعات والسكن وانهيار الطبقة العليا من القرميد الخارجي لمدخنة القوى، حيث تبلغ قيمة الأضرار المباشرة لذلك نحو21 مليون دولار.
ويضيف العليج، لصحيفة "الوطن" المقربة من نظام الأسد، أن الأضرار في المحافظات الأخرى كانت أقل، حيث تبين وجود تشققات في سور محطة محروقات النواعير في حماة، إضافة إلى خزانات الغاز الكروية وانهدام في السور الفاصل بين قسم الغاز وقسم الزيوت.
وتقدر الأضرار المباشرة لذلك بـ10 ملايين دولار، إضافة إلى وجود أضرار في مبنى الشركة السورية للنفط في فروعها بدمشق وحمص واللاذقية وحلب بتكلفة تقديرية بلغت 70 ألف دولار، مع وجود تشققات كبيرة في الطريق الإسفلتي عند مدخل مديرية غاز جنوب المنطقة الوسطى في الشركة السورية للغاز بتكلفة تقديرية للإصلاح بلغت 25 مليون ليرة.
وتفقد وزير النفط لدى نظام الأسد، بسام طعمة، أمس السبت، أعمال إصلاح الأضرار في مصفاة بانياس، واطلع على الجهود الكبيرة التي بذلتها طواقم المصفاة لمعالجة آثار الزلزال ومتابعة إصلاح الأضرار التي تكشفت في الأنابيب، والتشققات الكبيرة التي حصلت نتيجة الإجهاد والاهتزازات بفعل الزلزال، والتي جرى استبدالها بنجاح وإعادة المصفاة للعمل.
ويعقّب عبد القادر عبد الحميد بأن بعض الأضرار التي ظهرت على المباني الخارجية هي "تشققات بسيطة"، ولكن "لا تصل إلى ملايين الدولارات"، واصفاً جولة وزير النفط أمس بأنها "لإكمال المسرحية" وزيادة استعطاف العالم واستمرار غض النظر عن شحنات النفط الإيرانية التي عادت بكثرة إلى ميناء بانياس، خلال الشهرين الأخيرين.
البنك الدولي قدر الأضرار المباشرة بسورية جراء الزلزال بنحو 5.1 مليارات دولار
ويرى مراقبون أن نظام بشار الأسد "يبالغ كثيراً بأضرار الزلزال"، ففي حين قدر أستاذ التنمية في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق، أيمن ديوب، الخسائر الحاصلة في سورية بفعل الزلزال بحوالي 15 مليار دولار تقريباً، من بنى تحتية وأبنية وغيرها، وهذه تحتاج، برأيه، إلى 30 مليار دولار حتى تعود المناطق لما كانت عليه. مضيفاً خلال تصريحات صحافية أن "إعادة المناطق المنكوبة ستحتاج لسنوات، لأننا دولة معرضة بالأصل لكثير من الدمار نتيجة الحرب ونحتاج لخمس سنوات تقريباً على الأقل".
من جانبها، ذهبت وزيرة الاقتصاد السابقة في حكومة الأسد، لمياء عاصي، وخلال تصريح نقلته صحيفة "تشرين" الحكومية بدمشق، إلى أن الزلزال الذي ضرب محافظات حماة وحلب واللاذقية ومدينة جبلة، تسبب بخسائر تقدّر بـ 44.535 مليار دولار، بقيمة تصل إلى 9 أضعاف الناتج المحلي السوري لعام 2022 الذي بلغ 5.5 مليارات دولار.
لكن البنك الدولي، وخلال تقرير أول من أمس الجمعة ، قدر الأضرار المباشرة بسورية جراء الزلزال بنحو 5.1 مليارات دولار، مشيراً إلى أن القيمة الحالية للمباني والبنية التحتية التي لحقتها أضرار أو دمار تقدر بنحو 10 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي لسورية.
ويصف مراقبون أن ما يعرضه نظام الأسد حول خسائر القطاعات الاقتصادية خلال سنين الثورة بالمبالغ فيها، لأن جميع الأرقام تقديرية ولا تستند برأيهم إلى أي مصدر علمي أو مسح على أرض الواقع، خاصة أن معظم المناطق المتضررة خارج سيطرة النظام، وخصوصا مناطق إنتاج النفط التي تقع شمال شرقي سورية وتخضع لسيطرة قوات سورية الديمقراطية.
وكانت وزارة الخارجية السورية قد قدرت قيمة الخسائر المباشرة لاعتداءات القوات الأميركية على الأراضي السورية، في يناير/كانون الثاني الماضي، بنحو 25.9 مليار دولار، وأن الخسائر المباشرة الناجمة عن سرقة النفط والغاز والثروات المعدنية بنحو 19.8 مليار دولار، بينما تصل خسائر تخريب وسرقة المنشآت، بحسب وزارة الخارجية السورية، إلى نحو 3.2 مليارات دولار، إضافة إلى الأضرار الناجمة عن قصف طيران التحالف الدولي للمنشآت النفطية والغازية، والتي تُقدَّر بـ2.9 مليار دولار.
يصف مراقبون أن ما يعرضه نظام الأسد حول خسائر القطاعات الاقتصادية خلال سنين الثورة بالمبالغ فيها
وقالت وزارة خارجية نظام الأسد إن الخسائر غير المباشرة تتجاوز 86 مليار دولار، وتمثّل قيمة تراجع الإنتاج في قطاعات (النفط الخام، الغاز الطبيعي، الغاز المنزلي، ومشتقات نفطية وثروات معدنية) عن المعدلات المخططة في ظروف العمل الطبيعية، وهو ما رفع إجمالي قيمة خسائر القطاع النفطي السوري إلى 111.9 مليار دولار منذ بدء الحرب.