تتجه مبيعات المنازل الأميركية نحو أكبر تباطؤ منذ العام 2011، وفقاً لشركة "فاني ماي" الأميركية، كبرى شركات التمويل العقاري في الولايات المتحدة.
وتوقعت شركة تمويل الرهن العقاري التي ترعاها الحكومة الأميركية، أن ينخفض إجمالي مبيعات المنازل إلى 4.8 ملايين فقط هذا العام، مما يمثل أبطأ حجم مبيعات منذ العام 2011.
وهناك توقعات أن يتحسن هذا الرقم بشكل طفيف في العام المقبل 2024، حيث من المتوقع أن يرتفع إجمالي مبيعات المنازل الأميركية بنحو 100 ألف منزل إلى 4.9 ملايين منزل، وفقًا لخبراء الاقتصاد في شركة "فاني ماي".
وحسب تقرير نشره اليوم الأربعاء، موقع "بيزنس إنسايدر" الأميركي، فإن تراجع المبيعات يتأثر جزئيًاً بارتفاع معدلات الرهن العقاري، حيث ارتفع متوسط سعر الرهن الثابت لمدة 30 عاماً إلى 7.18% خلال الأسبوع الماضي، وفقًا لبيانات شركة "فريدي ماك" العقارية الأميركية.
وهذا يعني أن مشتري المنازل المحتملين يواجهون أعلى تكلفة للاقتراض منذ العام 2001، الأمر الذي أعاق الطلب بشدة خلال العام الماضي.
ارتفاع الطلب على الرهن العقاري
وعلى مستوى طلبات قروض الرهن العقاري المنزلي، فوفق أحدث الأرقام ارتفعت طلبات قروض الرهن العقاري المنزلي في الولايات المتحدة الأسبوع الماضي، بدعم من زيادة طلبات إعادة التمويل رغم ارتفاع الفائدة.
وأوضحت بيانات رابطة مصرفيي الرهن العقاري الأميركية الأربعاء، زيادة طلبات الحصول على الرهن العقاري لغرض شراء المنازل بنسبة 2% على أساس أسبوعي، بينما تراجعت بنسبة 26% عن الأسبوع المناظر من العام السابق.
وارتفعت طلبات إعادة تمويل قروض شراء المنازل الأسبوع الماضي بنسبة 13%، بينما تراجع عدد الطلبات 29% على أساس سنوي.
وترتبط عادة طلبات إعادة التمويل بعلاقة طردية مع أسعار الفائدة على الرهن العقاري، لكن سعر الفائدة التعاقدي على القروض ذات المعدل الثابت لأجل 30 عاماً دون 726.2 ألف دولار؛ ارتفع من 7.27% إلى 7.31% خلال الأسبوع الماضي.
ويرجح أن هذا الخروج عن القاعدة جاء نتيجة مخاوف المقترضين من احتمال ارتفاع الفائدة في المستقبل، أو تراجع أعداد المقرضين في الوقت الراهن للحد الذي يؤدي إلى ارتفاع معدل الفائدة كثيراً نتيجة أي تغير بسيط في الطلب على القروض، وفق ما نقلته وكالة "سي إن بي سي".
ضعف الاقتصاد الأميركي
وتتشكل هذه الديناميكيات أيضاً على خلفية ضعف الاقتصاد الأميركي، الذي يستعد للدخول في تباطؤ خلال النصف الأول من العام المقبل 2024، كما توقع الاقتصاديون في مؤسسة "فاني ماي".
ورفع بنك الاحتياط الفيدرالي "البنك المركزي الأميركي"، أسعار الفائدة بقوة خلال العام الماضي لخفض معدل التضخم، وهي خطوة حذر الخبراء من أنها قد تدفع الاقتصاد الأميركي إلى الركود. ويسبب الانكماش الاقتصادي مشكلة لسوق الإسكان في الولايات المتحدة بشكل عام.
وقالت فاني ماي في مذكرة، إنه على الرغم من أن محافظي البنوك المركزية من المرجح أن يخفضوا أسعار الفائدة في حالة حدوث تراجع، الأمر الذي قد يؤثر على انخفاض أسعار الرهن العقاري، لكن من المرجح كذلك أن يؤدي ضعف سوق العمل إلى أزمة في سوق الائتمان، ويؤدي تلقائياً إلى انخفاض الطلب على الإسكان.
ورغم أن الاقتصاد الأميركي متماسك حتى الآن، إلا أنه يظهر بعض العلامات على التباطؤ. ويقول متفائلون، إن الولايات المتحدة تسير على الطريق الصحيح لتجنب الركود بسبب الإنفاق الاستهلاكي القوي، لكن الاتجاهات الحالية تبدو غير مستدامة عند النظر في دخول الأفراد.
وقفزت نفقات الاستهلاك الشخصي الحقيقية بنسبة 0.6% في شهر يوليو/تموز الماضي، على الرغم من انخفاض الدخل الشخصي الحقيقي المتاح بنسبة 0.2%.
ولكن على الرغم من هذا التفاؤل، تظهر أحدث بيانات معاملات بطاقات الائتمان وبيانات مبيعات السيارات بعض الضعف وانخفاض مبيعات السيارات بنسبة 4.6% الشهر الماضي.
كما انخفض كذلك معدل الادخار الشخصي إلى 3.5% في يوليو/تموز، بينما تباطأ نمو الأجور، وهي علامة على أن الاستهلاك الذي يدعم الاقتصاد على وشك التباطؤ.
وتظهر الإحصاءات الاقتصادية أيضاً بعض الضعف في مجالات النمو، إذ تم تعديل توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي خلال الربع الأخير من العام الجاري إلى 2.1%، وفقًاً لمكتب التحليل الاقتصادي، بانخفاض 0.3 نقطة مئوية عن التقدير السابق.
لكن يقول خبراء إنه حتى لو تجنبت الولايات المتحدة الركود في العام المقبل، فمن المرجح أن يعاني سوق الإسكان "لفترة طويلة".
وقال اقتصاديون بشركة "فاني ماي" في وقت سابق، إنه من المرجح أن يبقي بنك الاحتياط الفيدرالي أسعار الفائدة مرتفعة لإبقاء التضخم تحت السيطرة، مما سيؤثر على أسعار الرهن العقاري خلال الشهور المقبلة.
ووفق هؤلاء الخبراء فإن القدرة على تحمل تكاليف السكن والمبيعات، من غير المرجح أن تتحسن حتى تتراجع معدلات الرهن العقاري إلى نحو 5%.