استبعد محافظ البنك المركزي التركي الجديد فاتح قره خان رفع أسعار الفائدة حالياً، لكنه قال إن المزيد من التشديد يبقى ممكناً إذا ساءت توقعات التضخم.
وخلال فعالية لتقديم أحدث توقعات البنك بشأن التضخم في أنقرة اليوم الخميس، قال قره خان: "ستُشدّد السياسة النقدية إذا أدت توقعات التضخم وسلوك التسعير والإنفاق الحكومي والسياسة الضريبية والأجور والاستهلاك الخاص إلى انحراف كبير عن تقديراتنا لتوقعات التضخم".
وفي أول ظهور علني له منذ الاستقالة المفاجئة لسلفه حفيظة غاية أركان أواخر الأسبوع الماضي، قال قره خان إنه ليست هناك حاجة لمزيد من رفع أسعار الفائدة "في الوقت الحالي"، حسب ما نقلت شبكة "بلومبيرغ" الأميركية.
وكان نائبا المحافظ جودت أكجاي وخديجة قره خان على المنصة أيضاً للإجابة عن أسئلة الصحافيين والاقتصاديين.
وقد أيد أكجاي تعليقات قره خان، وقال: "نحن نحاول تنفيذ نظام تشديد نقدي حيث يكون سعر الفائدة بنسبة 45% كافيا".
وأبقى البنك المركزي على تقديراته بأن التضخم على أساس سنوي سيتباطأ إلى 36% بحلول نهاية عام 2024، وهو ما وصفه أجاي بأنه "هدف طموح ولكن يمكن تحقيقه".
ووفقاً للعرض الذي قدمه قره خان، فإن التضخم الرئيسي سيرتفع خلال النصف الأول من العام، ثم "سينخفض بشكل مطرد" في النصف الثاني. ويتوقع البنك أن يبلغ التضخم 14% في 2025 و9% بنهاية العام التالي.
واستقرت الليرة التركية اليوم، حيث جرى تداولها عند حوالي 30.6 ليرة للدولار الواحد حتى الساعة 12:55 ظهراً في أنقرة، فيما واصل مؤشر الأسهم الرئيسي في تركيا مكاسبه ليرتفع 1.2%.
في هذا الصدد، تقول الخبيرة الاقتصادية في خدمة "بلومبيرغ إيكونوميكس" سيلفا بهار بازيكي: "نعزو قرار البنك المركزي بالإبقاء على توقعاته من دون تغيير إلى محاولة للإشارة إلى استمرارية السياسة بعد رحيل حفيظة غاية أركان. وهذه ليست نتيجة مفاجئة، إذ كان قره خان نائباً للمحافظ عندما صدرت توقعات نوفمبر/تشرين الثاني. ربما كانت الانتخابات المحلية المقرر إجراؤها في مارس/آذار عاملاً آخر وراء القرار".
وبلغ التضخم في الاقتصاد البالغ حجمه 1.1 تريليون دولار 65% الشهر الماضي، بعد أن ارتفع بشكل كبير بسبب السياسة النقدية التي وصفتها "بلومبيرغ" بأنها "فضفاضة"، والتي يؤيدها الرئيس رجب طيب أردوغان، على الأقل حتى التحول الذي أعقب فوزه في إعادة انتخابه في مايو/أيار.
ومنذ ذلك الحين، رفعت تركيا سعر الفائدة الرئيسي من 8.5% إلى 45%، منهية بذلك دورة التشديد الطويلة، التي دامت 8 أشهر، في يناير/كانون الثاني تحت قيادة فريق يناصر المزيد من السياسات التقليدية.
واستقالت المحافظة السابقة غاية أركان فجأة الأسبوع الماضي، لما قال مسؤولون حكوميون إنها أسباب شخصية. وسارع وزير المالية التركي محمد شيمشك إلى تأكيد أن الحكومة تحافظ على ثقتها في البنك المركزي، مستبعداً حدوث تحول جذري في السياسة.
وقد طمأن تأييد شيمشك لقره خان الأسواق، لأن أردوغان عزل 3 حكام في السنوات الأخيرة لكونهم متشددين للغاية بما لا يروق له. وبدأ قره خان تعليقاته، اليوم الخميس، بتوجيه الشكر إلى أركان على جهودها التي لاقت إشادة واسعة النطاق من قبل المستثمرين.
توجهات السياسة النقدية التركية الجديدة
وبالنسبة للمحافظ الذي عُيّن حديثاً، والذي عمل سابقاً في بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك وخبيراً اقتصادياً رئيسياً في "أمازون دوت كوم" Amazon.com، كان الحدث بمثابة فرصة ليقول أين يخطط لتوجيه السياسة النقدية.
في هذا السياق، قال قره خان: "سيُحافَظ على سعر الفائدة عند مستواه الحالي ما دامت هناك حاجة لذلك"، مضيفاً أنه سيركز على شرطين رئيسيين: "تباطؤ واضح" في الاتجاه الرئيسي للتضخم الشهري وتقارب توقعات التضخم مع تقديرات البنك المركزي.
وأصبح المسار المتوقع للتضخم هو المقياس المفضل لدى المسؤولين الأتراك لقياس مدى ضيق السياسة. لا تزال أسعار الفائدة في تركيا أقل بكثير من الصفر عند تعديلها وفقا للأسعار الحالية.
وقد عادت العروض التقديمية ربع السنوية إلى أهميتها خلال فترة ولاية إركان بعد فترة طويلة، عندما قدمت القيادة السابقة توقعات متفائلة للغاية، ما أثار استياء المستثمرين والمحللين.
وتسارع معدل التضخم الشهري في تركيا إلى 6.7% في يناير/كانون الثاني، بعد 5 أشهر متتالية من التباطؤ، لكن البنك المركزي قال إن الزيادة مؤقتة.
وانتهى قره خان إلى القول: "بعد الارتفاع في يناير، نتوقع أن يضعف الاتجاه الرئيسي للتضخم"، مضيفاً أن البنك سيتابع عن كثب تأثير زيادة الأجور كجزء من المخاطر على التضخم.