أطلق محافظ البنك المركزي المصري، طارق عامر، حزمة من التصريحات المثيرة للجدال، والقلق كذلك، قبل يوم واحد من اجتماع لجنة السياسة النقدية بالبنك، غداً الخميس، لإعلان رفع سعر الفائدة للمرة الثانية بنسبة تراوح بين 1% و2%، في مواجهة الضغوط التضخمية الناتجة من ارتفاع أسعار واردات السلع الأساسية بفعل الحرب في أوكرانيا.
وقال عامر، في كلمته بمؤتمر اتحاد المصارف العربية الذي عُقد في القاهرة، الأربعاء، إن احتياطي بلاده من النقد الأجنبي ليس "مقدساً"، ومن الوارد أن يتراجع عن معدلاته الحالية، مستطرداً بأن الهدف من الاحتياطيات الدولية "استخدامها لمصلحة المواطن، وضمان تسديد الديون الخارجية".
تعهد طارق عامر بأن يكون الجنيه المصري أكثر ربحية مقارنة بالعملات الأخرى على المدى المتوسط
وأضاف أن "البنوك وفرت تمويلات ضخمة للاقتصاد المصري خلال أزمة جائحة كورونا، فضلاً عن تدخل البنك المركزي بقوة خلال الأزمة بضخ سيولة من الاحتياطي النقدي، بغرض الحفاظ على استقرار أسعار الصرف لكي لا يصاب الاقتصاد بأزمة سعرية، ما ساهم في الحفاظ على مستويات مناسبة للأسعار خلال عام 2020"، على حد قوله.
وتابع عامر: "البنك المركزي لن يتردد في اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لكبح جماح التضخم، وتحقيق الاستقرار للنقد الأجنبي"، مدعياً أن تصحيح سعر الصرف (خفض قيمة الجنيه مقابل الدولار بنسبة 18%) في مارس/آذار الماضي "نتجت منه زيادة في تدفقات النقد الأجنبي، بنسبة بلغت 30% خلال الشهر ذاته".
مواجهة التضخم
وأكمل بقوله إن "رفع أسعار الفائدة في توقيتات محددة لمواجهة التضخم كان ضرورياً، لأن مهمة البنوك المركزية معالجة آثار التضخم، وتحمل تداعياتها السلبية المؤقتة"، مضيفاً أن "البنك المركزي حافظ على استقرار سعر الصرف بعد جائحة كورونا، رغم خروج أكثر من 15 مليار دولار من استثمارات الأجانب (الأموال الساخنة) خلال تلك الفترة".
وتعهد عامر بأن يكون الجنيه أكثر ربحية مقارنة بالعملات الأخرى على المدى المتوسط، قائلاً: "البنك المركزي وافق على إصدار شهادة ادخار بعائد 18% سنوياً لدعم المواطن المصري، والاستثمار في الجنيه هو الأفضل في الوقت الراهن. وليس لديه شك في قدرة الاقتصاد على تجاوز الأزمة، بفضل القرارات الاستباقية التي اتخذناها بناءً على تنبؤات الأسواق، حماية للاقتصاد من التقلبات العالمية"، حسبما زعم.
وزاد: "لدينا 38 مليون مواطن يتعاملون مع البنوك المصرية، ونسبة السيولة في العملة المحلية ارتفعت إلى 45%، وفي العملة الأجنبية إلى 67%. فيما بلغت نسبة القروض للودائع 48%، وهو ما يعكس قدرة الدولة المصرية على تعزيز تمويل مشروعاتها".
وواصل عامر قائلاً: "مصر ستتجاوز الأزمة الحالية بما لديها من خبرات متراكمة مع الأزمات العالمية، لكون الأزمة التضخمية مستوردة من الخارج، نتيجة ارتفاع الأسعار عالمياً من جراء أزمة أوكرانيا.
وعام 2020 شهد تضاعف أعمال الشركات المصرية العامة والخاصة مقارنة بعام 2019، إلا أن الأزمات العالمية أثرت بالسلب في معدلات النمو المستهدفة قبل جائحة كورونا".
وعزا محافظ البنك المركزي ارتفاع مستويات التضخم إلى "الصدمة في أسعار الطاقة والغذاء عالمياً"، خاتماً بأن "الحكومة المصرية دعمت أسعار بيع الطاقة للمصانع والمواطنين (على خلاف الحقيقة)، ولم ترفعها بذات المعدلات الدولية".
توقع خفض الجنيه
وكان مصدر مطلع في البنك الأهلي المصري، أكبر البنوك الحكومية في البلاد، قد قال لـ"العربي الجديد"، إن "البنك سيطرح شهادة ادخار مرتفعة العائد لمدة عام بنسبة 20%، في حال اتخاذ البنك المركزي قراراً برفع سعر الفائدة مجدداً". وتوقع أن يصاحب قرار البنك "خفضاً في قيمة الجنيه مقابل العملات الأجنبية، ولكن بنسبة أقل مما كان الحال عليه في 21 مارس/آذار الماضي، حين قرر البنك رفع الفائدة بنسبة 1%".
وتراجع الجنيه المصري أمام الدولار إثر رفع سعر الفائدة إلى 9.25% على الإيداع، و10.25% على الإقراض، وذلك من 15.70 جنيهاً إلى 18.55 جنيهاً، قبل أن يتراجع السعر الرسمي لصرف الدولار إلى 18.30 جنيهاً خلال الأيام القليلة الماضية، وسط ندرة في حجم المعروض من الدولار في السوق المصري.
وأفاد المصدر بأن "الموظفين في البنك لديهم تعليمات مشددة من البنك المركزي بعدم إتاحة الدولار للعملاء في الفترة الحالية، ويسري ذلك على حسابات الأفراد والشركات على حد سواء. وقصر عمليات الصرف على الجنيه المصري، وبحدود قصوى لعمليات السحب والإيداع اليومي داخل الفروع في جميع المحافظات".
وارتفع الدين الخارجي لمصر إلى نحو 145.529 مليار دولار بنهاية ديسمبر/كانون الأول 2021، مقابل 137.42 مليار دولار بنهاية سبتمبر/أيلول من العام نفسه.
فيما تجري القاهرة محادثات مع صندوق النقد الدولي بشأن برنامج دعم جديد يمكن أن يندرج تحت "خط احترازي"، وقد يصل إلى 3.5 مليارات دولار.