كشف الأمين العام لديوان الضرائب في السودان محمد علي مصطفى شرف الدين، في حوار مع "العربي الجديد" عن ملفات تهرب ضريبي تقدر بنحو 20 مليار جنيه، وتحدث عن ملامح خطة توسعة المظلة الضريبية وغيرها من الموضوعات.
وفيما يلي نص الحوار:
ــ هل ستفرض الحكومة زيادات جديدة على الفئات الضريبية؟
لا لن تفرض ضرائب جديدة وكافة الفئات ثابتة هذا العام دون تعديل كضريبة الدخل الشخصي والقيمة المضافة 17% وغيرها، وسنركز أكثر على توسعة المظلة الضريبية لتشمل أكبر عدد من الفئات والممولين.
ــ ماذا فعلت إدارتكم لمنع التهرب الضريبي؟
التهرب الضريبي مشكلة تلازم التحصيل ونحن نحذر المتهربين من أن الجزاء المالي الذي يفرض عليهم من التهرب سيكون أكبر من الضرائب التي تهربوا بسببها.
وقد قام الديوان بإجراءات عديدة لمنع التهرب من خلال سن التشريعات التي تحد من الظاهرة وعملنا على توسعة مكتب متابعة التهرب الضريبي ومقره الخرطوم ـ غير إيرادي ـ وهو يضم نيابة الضرائب والمباحث الضريبية والأمن الاقتصادي وإدارات المكافحة والرقابة والفاتورة، وزودناه بكوادر ذات خبرات عالية لمنع التهرب الضريبي، وقد نجح في تحويل عدد مقدر من المتهربين للمراكز المختصة للبت في شأنهم.
ـ هل هذه الخطوات كافية في بلد يعاني شحاً إيرادياً كبيراً؟
لم نكتف بمكتب المتابعة فقط، وإنما لدينا تنسيق مستمر مع الجهات التي ذكرت لتفادي التهرب الضريبي كذلك عبر المستندات بتقليل الإيرادات وزيادة المصروفات، وهذه تحتاج لخبرة في المراجعة المستندية لذلك قمنا بالتركيز أكثر على التدريب الداخلي والخارجي للكوادر على كيفية المكافحة والفحص والمراجعة، وقد ساندتنا في ذلك منظمة الأمم المتحدة لشمال أفريقيا ما أعطى دفعة كبرى لتقليل الفاقد الضريبي.
ـ وماذا عن حجم الفاقد الضريبي في 2022؟
ليس هناك إحصائية دقيقة، ونحن لدينا ملفات لمتهربين عن سداد الضرائب بلغ التهرب فيها قرابة الـ20 مليار جنيه سوداني (الدولار = نحو 585 جنيهاً)، تم تحويل هذه الملفات للمكافحة ويجري التحقيق حوله، كما تمكنا من تحصيل جزء من هذا المبلغ.
ـ تتحدثون عن توسيع المظلة وتضغطون أكثرعلى الشرائح الملتزمة أصلاً.. لماذا؟
لا هذا ليس صحيحاً، والشاهد على ذلك أن التقدير الضريبي في 2021 كان 150 مليار جنيه، وبتوسيع المظلة الضريبية نجحنا في تحقيق ربط بلغ تريليوناً و217 ملياراً و665 مليون جنيه، بينما كان مقدراً بتريليون و165 مليار جنيه في العام المنصرم 2022 وهذا العام مستهدف تريليونا جنيه.
ـ ولكن هنالك استثناءات حكومية ضخمة لقطاعات إيرادية؟
تقصدين الإعفاءات والاستثناءات لقطاع النفط، فهذه تمت بموجب اتفاقيات سابقة مع شركات منتجة وقد انتهت مدتها، والآن وزارة المالية تتشدد أكثر في منع الإعفاءات، وتم إلزام كل شركات النفط الداخلية والخارجية بسداد الضرائب حسب إنتاجها، وتحصيل ضريبة القيمة المضافة من وقودها وأرباح الأعمال من إنتاجها، هذا بالنسبة للشركات الأجنبية، أما شركات النفط المحلية فنحن نقوم بتحصيل القيمة المضافة من مبيعاتها ولا يتم إعفاؤها من أرباح الأعمال.
ــ هل هناك إحصائية بعدد دافعي الضرائب؟
عدد التجارالمسجلين بالديوان أكثر من 192 ألف تاجر، عدد دافعي الضرائب منهم 115,585 تاجراً بولاية الخرطوم و76,745 في الولايات وأكثر من 52% من إيرادات الولايات تتمركز في الخرطوم.
ــ ما هي خطواتكم لمحاصرة ظاهرة إيجار السجلات؟
مشكلة إيجار السجلات تزيد الفاقد الضريبي والتهرب، ونحن لدينا تنسيق كامل مع هيئة الجمارك السودانية والمخلصين بالموانئ للسيطرة على هذه المشكلة الخطيرة، والتي يمارس فيها الأشخاص نشاطهم الاقتصادي في الخفاء، وهي لا تقل خطورة عن مشكلة الاقتصاد غير الرسمي وكلها في النهاية مشاكل تؤدي لتدني التحصيل الضريبي.
ـ لماذا السودان الدولة الأضعف تحصيلاً في القارة الأفريقية؟
لارتباط الضرائب في ذهن المواطن السوداني بالثقافة الاستعمارية، ولذلك فهو يحتاج للتوعية والإرشاد بأهمية سدادها وتفعيل القوانين ذات الصلة لزيادة التحصيل.
والسودان يعتبر الأقل فرضاً للضرائب في المحيط الإقليمي والدولي، حيث تبلغ نسبة الإيرادات الضريبية للناتج الإجمالي فيه 6,8% فقط في العام المنصرم 2022، وكانت 3,5% في 2021 بينما في الدول ذات الدخل المرتفع تتراوح ما بين 35 ـ 40% والدول ذات الدخل المتوسط 22 ـ 25% وذات الدخل المنخفض 13 ـ 15%.
ــ ولكن الحكومة تفرض ضرائب بلا خدمات؟
ديوان الضرائب ليس الجهة المسؤولة عن تقديم الخدمات للمواطنين، نحن ملزمون بتوفير ربط إيرادي سنوي محدد ولا نتدخل في كيفية وأوجه الصرف، هذه مسؤولية وزارة المالية والحكومة.
ــ أصدرت قراراً بنقل 84 موظفاً في الديوان لمطالبتهم بزيادة الأجور بدلاً عن حل قضيتهم، هل القرار سليم؟
نحن موظفون بموجب قانون الخدمة المدنية لعام 2007 والذي يحدد حجم المرتب والدرجة الوظيفية، وهذه الرواتب تتساوى في الإدارات كافة، وحتى تكون هنالك شروط خدمة خاصة لا بد من أن يكون لدى المؤسسة أو الوحدة المعنية قانون خاص.
وقد طالبت لجنة مطالب العاملين قبل تقديم الطلب بزيادة الأجور وتحسين شروط الخدمة بالرجوع لنقابتهم وتقديم مطالبهم عبرها للديوان لكونها الجسم المعني بالتفاوض لحل مشاكل العاملين، ولكن اللجنة رفضت القيام بالخطوة وقامت بإرسال خطاب لوزير المالية بالمطالب، وشاءت الأقدار صدور قرار من رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان بإعادة حل النقابات العمالية ومن ضمنها نقابة الضرائب.
وقدمت إدارة الديوان مقترحا لوزارة المالية لإجازته في الموازنة بزيادة حافز دعم العمل الميداني إلى 90 ألف جنيه لكل عامل، وعلاوة دعم اجتماعي بدون درجات وظيفية للعاملين الذين لديهم أبناء بالمدارس والجامعات، ودعم شهر رمضان براتب شهرين، ودعم مرتب 3 أشهر لعيد الأضحى، ودعم الزي براتب شهرين، وقد وافق وزير المالية على هذه الزيادات كافة.
ويسعى الديوان إلى إجراء تنقلات للعاملين للولايات المختلفة لمنع التجاوزات التي تحدث بسبب البقاء لفترة طويلة في منصب واحد، ولتبادل الخبرات وسد النقص في الوظائف ومنع الترهل الوظيفي.
ــ لجنة المطالب تتهمك باستهدافهم شخصيا؟ والموظف في الديوان يتقاضى راتباً حكومياً ضعيفاً وهو يتعامل مع ممولين كبار ألا يفتح ذلك باباً للفساد؟
لم نستهدف أحداً.. وأعضاء اللجنة ليسوا من النقابة ولا يمثلون العاملين. وقد أبلغت وزارة المالية عن الضغوط المعيشية التي يعانيها العاملون بالديوان، والديوان يقوم بتوفير الاحتياجات المعيشية الأساسية للعاملين لتوفير حد الكفاف لهم ومنحهم حوافز ثلاثة أضعاف الراتب الإجمالي، وذلك لتمييزهم عن العاملين الآخرين ولإغلاق باب الفساد.
ـ كيف تحسمون تواطؤ الكادر مع الممولين؟
الديوان يثق في كوادره التي تتكون من 4 آلاف عامل ويشهد لهم بالكفاءة المهنية والنزاهة، ويحرص على إجراء مراجعة وتفتيش دقيق للملفات، ولو ثبت وجود فارق كبير في التقديرات تتم إعادة تقدير الممول من جديد ويساءل الموظف عن مسببات الفارق حال ثبوته.
ــ هل أصبحت الضرائب أهم مورد للخزانة العامة؟ وكم تمثل الضرائب من الإيرادات العامة؟
أكبر إيراد للمالية العامة هو الضرائب ونسبة الإيرادات الضريبية للناتج الإجمالي في السودان 6,8% فقط كما ذكرت لك.
ــ هل هناك خطة لخفض أو إلغاء بعض أنواع الضرائب أسوة بما يحدث في الدول لتخفيف حدة الغلاء والتضخم؟
في ميزانية 2023 لن يحدث أي تخفيض ولا زيادة ولا إلغاء لأي رسم ضريبي.
ـ ما هي الخطوات التي تمت في إطار الإصلاح الضريبي حتى الآن؟نظمنا العديد من
الورش حول الإصلاح الضريبي والتشريع، وماضون في مشروع الفوترة الإلكترونية وإعداد قانون لها، ولدينا كذلك مقترح قانون للإجراءات الضريبية وتسجيل العقود التوثيقية.
ـ يرتب الديوان للقفز فوق قانون الخدمة المدنية في التوظيف.. ما خطتكم؟
نحن لا نريد أن يسري قانون الخدمة المدنية وهيكل أجورها على موظفي الضرائب، ونسعى لأن تكون لدينا سلطة الإيرادات الضريبية لمنع تأثر العاملين بابتزاز الممولين بحكم تعاملهم معهم، وهذا يتطلب تفكيراً خارج الصندوق وهيكلة خاصة للأجور وسنستعين في ذلك بتجارب الدول الأخرى.
أين تذهب المتحصلات الضريبية من مورد المعدن الأصفر (الذهب) وبكم تقدر؟
متحصلات الذهب من الضرائب يتم توريدها في الخزينة العامة، ونحن نتحصل فقط على ضريبة أرباح الأعمال، وقيمتها مؤجلة في الوقت الراهن لأنها تؤثر على أسعار الذهب، أما العوائد الجليلة 7% والأسهم المجانية 14% والزكاة 2,5% فهذه العائدات كلها تقوم بتحصيلها الشركة السودانية للموارد المعدنية وديوان الضرائب غير معني بها.
ـ تشكو المصانع المحلية من فرض 46 رسماً وضريبة ما أدى لتوقف أغلبها؟ ألا تؤثر الخطوة في تقليل الإيرادات الضريبية المتحصلة منها؟
نحن ملزمون بالضريبة التي نتحصلها عن أرباح الأعمال فقط 15%، ولا دخل لنا بالضرائب الأخرى الولائية التي تفرض على المصانع.