لا يخفي مزارعو تونس مخاوفهم على موسم الحصاد من مخاطر عديدة، وفي المغرب تهاوى الإنتاج المحلي بنسبة 69 في المائة.
وحرّك مزارعو تونس آلات الحصاد في اتجاه حقولهم وسط توقعات بجمع نحو مليوني طن من الحبوب هذا العام في ظل أزمة عالمية لأسعار الغذاء تزيد من ثقل واردات القمح على الدول التي تشكو قصورا في الإنتاج.
وحصاد الحبوب هو الموسم الأكبر في جني المحاصيل الزراعية في تونس الذي يوليه العاملون في قطاع الزراعة قدرا كبيرا من العناية نظرا لأهميته الاقتصادية وقدرته التشغيلية.
مخاوف مزارعي تونس
ينشغل التونسيون عموما هذه السنة بموسم حصاد الحبوب نتيجة الظرف الاستثنائي العالمي والخوف من تأثير شح الإمدادات العالمية من القمح على أمنهم الغذائي، بينما توصي المنظمات الزراعية بضرورة تجميع أكبر قدر ممكن من محصول هذه السنة لتوفير ما لا يقل عن ثلثي الاستهلاك السنوي من الحبوب والأعلاف.
يبلغ استهلاك تونس من الحبوب 3.4 ملايين طن، وفق بيانات رسمية لديوان الحبوب الحكومي ويتم تعديل واردات الحبوب على ضوء معدلات الإنتاج سنويا.
وتأتي نصف واردات البلاد من الحبوب عبر روسيا وأوكرانيا حيث تصنّف تونس في المرتبة الثانية عربيا للدول المستوردة للقمح من منطقة النزاع الحالي بين الدولتين.
ولا يخفي مزارعون مخاوفهم هذا العام من المخاطر المحدقة بمحصول الحبوب الذي انطلق منذ أسبوع بحصاد أعلاف الشعير والكولزا، حيث تمثل الحرائق التهديد الأول لحقول القمح بينما يظل القصور في التجميع وضعف طاقة التخزين من المشاكل الهيكلية التي تتكرر كل سنة.
يقول المتحدث باسم التنسيقية المدنية "فلاحون غاضبون" هيثم الشواشي، إن موسم الحصاد محفوف بعدة مخاطر من بينها الحرائق وعدم قدرة الفلاحين على التجميع الجيّد للمحصول فضلا عن ضعف طاقة التخزين لدى مستودعات الشركات المكلفة بقبول القمح.
وأكد الشواشي في تصريح لـ"العربي الجديد" أن ضعف مقدرات المزارعين وعدم الإحاطة الفنية اللازمة بهم يتسبب سنويا في ضياع كميات كبيرة من القمح التي تتراكم في الحقول، ما يزيد من أعباء توريد الغذاء، مشيرا إلى أن تحدّي هذه السنة يجب أن يكون تجميع أكبر قدر ممكن من القمح وتأمينها في المخازن في ظروف جيدة.
وبالإضافة إلى الصعوبات الهيكلية المتكررة سنويا، يقول الشواشي إن رفض السلطات الزيادة في أسعار الألبان مقابل ارتفاع أسعار العلف سيدفع المربين إلى الامتناع عن تسليم محاصيلهم وتوجيهها نحو الاستهلاك الذاتي لتوفير الأمن الغذائي لقطعان الماشية أو بيعها بأسعار أكبر في السوق السوداء.
تأتي نصف واردات البلاد من الحبوب عبر روسيا وأوكرانيا حيث تصنّف تونس في المرتبة الثانية عربيا للدول المستوردة للقمح من منطقة النزاع الحالي بين الدولتين
وتؤكد تقديرات لمنظمة المزارعين (اتحاد الفلاحة والصيد البحري) أن 30 في المائة من المحاصيل يتم إتلافها لغياب منشآت التخزين ما يشكل خسارة للمزارعين وللاقتصاد بشكل عام.
وتقول وزارة الزراعة إنه من المرجح أن يبلغ إنتاج الحبوب لتونس هذا العام في حدود مليوني طن مقابل 1.6 مليون طن خلال الموسم الماضي، مؤكدة وضع برنامج لتحديث أكبر ما يمكن من آلات الحصاد وتدريب السائقين من أجل ضمان جمع جيد للإنتاج.
وتضررت تونس التي تعاني من أزمة مالية كبيرة بشدة من ارتفاع أسعار القمح العالمية من جراء الحرب في أوكرانيا حيث بلغت واردات الدولة من الحبوب العام الحالي نحو مليار دولار.
وفي بداية إبريل/ نسيان الماضي أعلنت حكومة تونس، زيادة أسعار الحبوب المحلية لمحصول 2022 بنسبة 30 بالمائة، بهدف زيادة الإنتاج وتجميع كميات كبيرة من الحبوب لتقليص الموارد المخصصة للاستيراد، وتعزيز الأمن الغذائي للبلاد.
تهاوي محصول المغرب
في المغرب فإن هناك تقديرات بارتفاع واردات الحبوب خلال العام الحالي في ظل توقع الحكومة تراجع محصول القمح اللين والصلب والشعير في العام الحالي بنسبة 69 في المائة، ليصل إلى 32 مليون قنطار، بعدما بلغ 103 ملايين قنطار في العام الماضي. ويأتي تهاوي الإنتاج المحلي بسبب موجة جفاف واسعة ضربت موسم زراعة المحصول.
وكشف المكتب الوطني للحبوب والقطاني، عن نتيجة طلبي عروض من أجل شراء القمح اللين، حيث استهدفت وزارة الفلاحة تأمين 3 ملايين قنطار، غير أن العروض المعبر عنها من قبل المستوردين لم تتعد 765800 قنطار.
وأكدت الحكومة، الخميس الماضي، على لسان الناطق الرسمي، مصطفى بايتاس، أن مخزون القمح الحالي سيلبي حاجات أربعة أشهر من الاستهلاك، مؤكدا أن جهودا بذلت من أجل تأمين المخزون من القمح اللين.
وأكد بايتاس أن دعم القنطار الواحد من القمح اللين من أجل الحفاظ على عليه ضمن السعر المحدد من قبل الدولة، تجاوز عشرة دولارات، بل إنه يتم الاقتراب من سقف 20 دولارا برسم الدعم.
وأشار وزير الميزانية، فوزي لقجع، إلى أنه بالإضافة لتعليق استيفاء رسم استيراد القمح اللين والصلب في نوفمبر/ تشرين الماضي، ارتفعت تكلفة دعم استيراد القمح اللين بين يناير/ كانون الثاني وإبريل/ نيسان حيث بلغت 255 مليون دولار بمتوسط دعم في حدود 11.5 دولار للقنطار.
وأكد أن تكلفة الدعم المتوقعة للقمح اللين من أجل الحفاظ على سعر الخبز في حدود 1.2 درهم، ستصل في العام الحالي إلى حوالي 750 مليون دولار، علما أن الدعم المخصص للقمح والسكر وغاز البوتان قفز في الأشهر الأربعة الأولى من العام الحالي من 650 مليون دولار إلى 1.2 مليون دولار.
وينتظر أن يرتفع الدعم عبر موازنة الدولة في العام الحالي في ظل ترقب انهيار محصول الحبوب بسبب الجفاف الذي ضرب المغرب وبسبب ارتفاع الأسعار في السوق الدولية جراء تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا.
وفي إطار تهاوي الإنتاج المحلي اتجهت الحكومة نحو تغطية الاحتياجات عبر الاستيراد. ولم يثن القرار الهندي بعدم تصدير القمح المغاربة عن السعي لدى تلك السوق بهدف ضمان مخزون في سياق متسم بارتفاع الأسعار وتراجع العرض.
وأفاد مصدر مطلع لـ"العربي الجديد" أن مساعي تبذل لدى سلطات البلد الآسيوي من أجل استيراد القمح وتأمين مخزون منه في الفترة المقبلة.
أكدت الحكومة، الخميس الماضي، على لسان الناطق الرسمي، مصطفى بايتاس، أن مخزون القمح الحالي سيلبي حاجات أربعة أشهر من الاستهلاك
وكانت الهند ثاني أكبر منتج للقمح في العالم، أعلنت في الفترة الأخيرة عن منع تصدير القمح، بدون ترخيص حكومي خاص.
واتخذ القرار الهندي الذي برر بالرغبة في ضمان الأمن الغذائي لسكان البلد الأسيوي، بعدما كانت أعلنت عن التوجه نحو تصدير 10 ملايين طن هذا العام الحالي.
وأكد المصدر ذاته، الذي رفض ذكر اسمه، أن المهنيين في مجال استيراد القمح يجرون اتصالات مع الجانب الهندي من أجل استيراد القمح، بل إن لقاء سيعقد قريبا من أجل ذلك، ضمن الرؤية الهادفة إلى تنويع مصادر استيراد القمح.
ويعتبر رئيس الجمعية المغربية لمكثري البذور، خالد بنسليمان، أن اللجوء إلى الهند يأتي في ظل سعي المغرب لتنويع مصادر وارداته، حيث يعول على المشتريات من بلدان مثل فرنسا وكندا وأستراليا.
ويرجح أن تفضي المفاوضات مع الجانب الهندي إلى تأمين مشتريات من ذلك البلد الآسيوي، بالنظر للعلاقات بين البلدين على المستوى الزراعي، حيث يعد المغرب أول مزود للهند بالأسمدة.