مخاوف الحرب التجارية مع ترامب تضع علاقات أوروبا وواشنطن على المحك

09 نوفمبر 2024
قادة الاتحاد الأوروبي يخشون الحرب التجارية مع وصول ترامب، بودابست 8 نوفمبر 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تصاعد التوترات التجارية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بعد فوز ترامب، مع تعهده بفرض ضرائب إضافية على الواردات الأوروبية، مما يثير مخاوف من حرب تجارية.
- قادة الاتحاد الأوروبي يركزون على تعزيز النمو وتقليل البيروقراطية وزيادة الاستثمار في الابتكار لمواجهة السياسات الأمريكية.
- مخاوف من تأثير سياسات ترامب على حلف الناتو، مع احتمالية تقليص الدعم الأمريكي، مما يثير تساؤلات حول مستقبل التحالف ودور الولايات المتحدة.

التقط قادة الاتحاد الأوروبي إشارة من فرضية اندلاع حرب تجارية مع الولايات المتحدة، بعد إعلان المرشح الجمهوري دونالد ترامب، فوزه بانتخابات الرئاسة الأميركية ضد منافسته الديمقراطية كامالا هاريس. وتعهد ترامب بفرض ضرائب وتعريفات جمركية إضافية تصل إلى 10% على الواردات الأميركية من الاتحاد الأوروبي، والضغط على الأخير لاستيراد المزيد من الصادرات الأميركية.

والجمعة، توصل اجتماع عقد في العاصمة المجرية بودابست إلى إجماع قادة دول الاتحاد الأوروبي على الحاجة إلى زيادة النمو والإنتاجية مع اقتراب سياسة الحماية التجارية "أميركا أولاً". ووقّع زعماء الاتحاد الأوروبي المجتمعون في بودابست على إعلان يهدف إلى تعزيز القدرة التنافسية المتدهورة للتكتل، وهي مهمة أصبحت أكثر إلحاحا بسبب تهديد سياسات الحماية التجارية "أميركا أولاً" التي وعد بها الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب.

عودة ترامب وشيكة

وأكدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، أمام الصحافيين الجمعة، أن التكتل لديه الكثير من الحواجز أمام الابتكار ويجب أن يقلل بشكل كبير من البيروقراطية، خاصة بالنسبة للشركات الناشئة، وزيادة الاستثمار، وتسهيل الوصول إلى رأس المال، وزيادة الإنتاجية. يأتي ذلك، بينما يشعر المسؤولون الأوروبيون بالفزع إزاء عودة ترامب الوشيكة، ليس فقط بسبب خلافاته مع حلف شمال الأطلسي وتناقضه بشأن أوكرانيا، ولكن أيضا العواقب الاقتصادية لتهديده بجعل الاتحاد الأوروبي "يدفع ثمنا باهظا" لعدم شراء ما يكفي من الواردات الأميركية.

وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية إنها اقترحت على ترامب أن تقوم الولايات المتحدة بتزويد الاتحاد الأوروبي بمزيد من الغاز الطبيعي المسال ليحل محل الغاز الروسي. وأكدت رئيسة المفوضية عندما سُئلت عن الكيفية التي تنوي فيها إدارة العلاقة التجارية مع دونالد ترامب الذي أجرت معه أول اتصال هاتفي الخميس "هناك مصالح مشتركة لدينا ومن ثم (يجب) الدخول في مفاوضات". وأضافت أن "المصالح المشتركة هي، على سبيل المثال، أحد المواضيع التي تطرّقنا إليها، ولن أقول ناقشناها (موضوع الغاز الطبيعي المسال بأكمله)".

وأوردت فون دير لايين أن أوروبا لا تزال تتلقى "الكثير من الغاز الطبيعي المسال عبر روسيا"، مضيفة "لماذا لا نستبدله بالغاز الطبيعي المسال الأميركي، وهو أرخص بالنسبة إلينا ويخفض أسعار الطاقة لدينا". وأشارت إلى إمكان بحث ما يتعلق بالعجز التجاري للاتحاد الأوروبي مع الولايات المتحدة. وزاد الاتحاد الأوروبي مشترياته من الغاز الطبيعي المسال الأميركي بشكل كبير منذ الغزو الروسي لأوكرانيا في شباط/فبراير 2022، لكنه فشل في قطع رابط الطاقة مع موسكو بشكل كامل. 

كما أصر المستشار الألماني أولاف شولتز على إمكان إيجاد مجالات للتسوية مع واشنطن. وقال "في النهاية، يعتمد نمو وقوة الولايات المتحدة أيضا على حقيقة أنها تمارس التجارة مع العالم أجمع، وفي كلا الاتجاهين". وأضاف "من وجهة النظر هذه، أعتقد أن الأسس موجودة لتطوير سياسة مشتركة". 

مخاوف الحرب التجارية تتزايد

كما تكشف تصريحات، الجمعة، لرئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، مدى الخشية التي تنتاب اقتصادات أوروبا من عودة ترامب إلى البيت الأبيض، واحتمالية تنفيذ تهديداته بفرض رسوم جمركية تبلغ 10% على الواردات القادمة من أوروبا. وقالت ميلوني: "لا تسألوا ماذا تستطيع الولايات المتحدة أن تفعل من أجلكم، بل اسألوا ماذا ينبغي لأوروبا أن تفعل من أجل نفسها. يجب على أوروبا أن تجد التوازن. نحن نعلم ما يتعين علينا القيام به".

في تقرير لها الجمعة، أوردت صحيفة "ذا غارديان" البريطانية، أن أساس مناقشات الزعماء كان مبنيا على تقرير لرئيس الوزراء الإيطالي السابق ورئيس البنك المركزي الأوروبي، ماريو دراغي، الذي حذر من أن التكتل يواجه "انحدارا بطيئا ومؤلما" ما لم تتحرك لإنهاء سنوات من الركود. وقال دراغي إن جائحة كورونا وحرب أوكرانيا غيّرتا قواعد التجارة الدولية، ودعا إلى استثمار إضافي يصل إلى 800 مليار يورو سنويا، في اقتصاد التكتل، أي ما يعادل حوالي 5% من الناتج الاقتصادي السنوي للاتحاد الأوروبي.

وأقر قادة الاتحاد الأوروبي، الجمعة، بأن هناك "حاجة ملحة إلى اتخاذ إجراء حاسم"، وذلك في بيان مشترك تناول مجالات العمل الرئيسية التي طرحها ماريو دراغي، ومن بينها تعزيز السوق الموحدة، واتحاد أسواق رأس المال، وتنفيذ سياسة تجارية تدافع عن المصالح الأوروبية، وتسهيل تطبيق القوانين. لكنهم أبقوا على غموض بالنسبة إلى قضايا الموازنة. وأقر القادة الأوروبيون بأنه سيكون من الضروري حشد "تمويل عام وخاص على السواء"، وأكدوا أنهم يريدون "استكشاف كل الأدوات والوسائل"، وهي عبارة مثيرة للجدل أثارت محادثات طويلة.

في المقابل، يخشى الأوروبيون إلى جانب الحرب التجارية واحتمالية تراجع تمويل واشنطن لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، من احتمالية زيادة تمويل أوكرانيا في حربها ضدّ روسيا، مع احتمالية انسحاب ترامب من تمويل الحرب. هذه التخوّفات قالها صراحة رئيس الوزراء المجري، فيكتور أوربان، الجمعة.. وزاد: "لا تستطيع أوروبا تمويل هذه الحرب بمفردها. ما يزال البعض يريد الاستمرار في إرسال مبالغ هائلة من المال إلى هذه الحرب الخاسرة، لكن عدد أولئك الذين يجادلون بحذر بأننا يجب أن نتكيف مع الوضع الجديد آخذ في الازدياد".

التجارة بالأرقام

تظهر بيانات وزارة التجارة الأميركية، أن إجمالي تجارة السلع والخدمات مع الاتحاد الأوروبي بلغ 1.36 تريليون دولار في 2023، بواقع صادرات أميركية بقيمة 620 مليار دولار، وواردات بـ743.3 مليار دولار. وبلغ العجز التجاري الأميركي في السلع والخدمات مع الاتحاد الأوروبي 124 مليار دولار في 2024، وهو ما يسعى ترامب إلى إطفائه من خلال التوصل إلى صيغة تجارية تنهي العجز.

ويطمح ترامب إلى تحويل جزء من مصانع الشركات الأوروبية إلى السوق الأميركية في عديد القطاعات الحيوية، ضمن خطة للوصول إلى أدنى نسبة بطالة على الإطلاق، وهو الجانب الآخر الذي يخشاه الأوروبيون. وحتى 2022، بلغ الاستثمار الأجنبي المباشر الأميركي في الاتحاد الأوروبي 2.7 تريليون دولار، بزيادة 5.5% عن 2021. ويقود الاستثمار المباشر الأميركي في الاتحاد الأوروبي شركات قابضة غير مصرفية، والتصنيع، والتمويل والتأمين.

بينما بلغ الاستثمار الأجنبي المباشر للاتحاد الأوروبي في الولايات المتحدة 2.4 تريليون دولار في 2022، بزيادة 4% عن 2021. ويقود الاستثمار المباشر للاتحاد الأوروبي في الولايات المتحدة التصنيع، والتمويل والتأمين، وتجارة الجملة.

اقتصاد دولي
التحديثات الحية

حلف الناتو

ويبدو أن حلف شمال الأطلسي (الناتو)، قد يكون هو الضحية المقبلة للرئيس ترامب، إذ دعا في أكثر من مناسبة إلى ضرورة دعم أكبر من الأعضاء للتحالف، وعدم الاعتماد على الولايات المتحدة. في فبراير/شباط الماضي، ألمح ترامب إلى أن الولايات المتحدة لن تدافع عن الدول أعضاء حلف شمال الأطلسي "ناتو" التي لا تفي بالتزاماتها المالية للحلف، إذا ما تعرضت لهجوم روسي.

وأشار ترامب في كلمته إلى أنه وقع في "صدام" مع أحد حلفاء الولايات المتحدة تحت مظلة الناتو (لم يذكر أي دولة) خلال فترته الرئاسية السابقة من 2017 إلى 2021، على خلفية تهديده بعدم الدفاع عن أعضاء الناتو الذين لا يحققون أهداف الإنفاق الدفاعي. وأضاف ترامب أنه قال للحليف الذي لم يذكر اسمه حينها، بأنه "سيدعم" روسيا لتفعل ما تشاء.

وقال ترامب: "لماذا لا تدفعون؟ لم أكن لأحميكم، في الواقع سأدعمها (روسيا) في فعل ما تريد بكم. عليكم أن تدفعوا".

(الأناضول، فرانس برس، العربي الجديد)

المساهمون