تشهد القاهرة نشاطاً كبيراً على صعيد محاولات جذب الاستثمارات الأجنبية للبلاد، حيث أكد مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء المصري، أن الدولة (الحكومة) جادة في طرح عدد من الشركات التابعة للقوات المسلحة، بينما خصص الرئيس عبد الفتاح السيسي قطعة الأرض المطلوبة لإنشاء مدينة رأس الحكمة الجديدة على البحر المتوسط، خصماً من الأراضي المملوكة للقوات المسلحة المصرية.
وعقد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، مساء الثلاثاء، اجتماعاً مع وزير البترول طارق الملا، ووزيرة التخطيط هالة السعيد، وبعض المسؤولين في الوزارتين، والصندوق السيادي، لاستعراض العروض المقدمة بشأن الشركة الوطنية لبيع وتوزيع المنتجات البترولية (وطنية)، التي سبق أن أعلنت الحكومة عن طرحها أمام المستثمرين، ضمن خطة طرح عدد من الشركات الحكومية.
وقال مجلس الوزراء، في بيان، إن الاجتماع استعرض العروض المقدمة من بعض الشركات العالمية والمصرية، وسرد مميزات كل عرض، فيما أكد مدبولي استمرار الحكومة في تنفيذ برنامج الطروحات تنفيذاً لوثيقة سياسة ملكية الدولة، الهادفة إلى تمكين القطاع الخاص وزيادة مساهمته في الأنشطة الاقتصادية.
وأشار مدبولي إلى وجود شركات أجنبية، وصفها بـ"الكبرى"، ضمن العروض المقدمة لشركة "وطنية"، بما يؤكد الثقة في الاقتصاد المصري، ووجود سوق جاذبة لمختلف الاستثمارات، على حسب البيان.
وتراجعت شركة بترول أبو ظبي الوطنية (أدنوك) الإماراتية عن استكمال المنافسة على صفقة بيع حصة في شركة "وطنية" المملوكة للجيش المصري، بسبب عدم كفاية أوراق الملكية الخاصة بالشركة، أو توافر وثائق تثبت انتظامها في سداد الضرائب، وكذلك عدم إعادة هيكلتها بشكل ملائم بما يجعلها جاهزة للبيع.
وعينت الحكومة المصرية مستشاراً لطرح شركة "وطنية" لبيع وتوزيع المنتجات البترولية، وتولي عرض الأصول والموقف المالي والتفاوض مع المستثمرين، نيابة عن الصندوق السيادي الذي آلت إليه الأصول المقرر طرحها أمام المستثمرين أو الاكتتاب العام.
ويشير خبراء إلى صعوبة فصل ملكية أصول الشركة عن مؤسسات الجيش، بسبب وجود مواقع تشغيل تابعة لها داخل مؤسسات عسكرية، واعتماد توزيع المنتجات في الأغلب على المؤسسات الأمنية والسيادية، وهو ما يحرم المستثمرين من قدرتهم على المشاركة في الإدارة، أو المطالبة برفع نسبة المشاركة في الملكية لأكثر من 50%، حتى يتولوا المسؤولية عن الإدارة والتشغيل.
وأوردت وثيقة سياسة ملكية الدولة، التي أطلقتها مصر نهاية العام الماضي، خطة الحكومة والجيش للتخارج من بعض المشاريع، بغرض إفساح المجال أمام القطاع الخاص، وزيادة حجم استثماراته إلى نسبة 65% من إجمالي الاستثمارات خلال 3 سنوات. وحددت مصر مجموعة واسعة من الأصول الحكومية التي ستطرحها لمستثمري القطاع الخاص، ضمن خطة حكومية للانسحاب الكامل من قطاعات اقتصادية محددة، والاستفادة من الاستثمارات الأجنبية، بغرض الحد من ارتفاع عجز الموازنة، وسداد الديون الخارجية المستحقة عليها.
وفي نفس السياق، أصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الثلاثاء، قراراً جمهورياً بتخصيص مساحة 170 مليوناً و800 ألف متر مربع لإنشاء مدينة رأس الحكمة الجديدة على البحر المتوسط، شرقي محافظة مرسى مطروح، وذلك نقلاً من الأراضي المملوكة للقوات المسلحة (الجيش)، ولصالح هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة التابعة لوزارة الإسكان والمرافق.
ونص القرار على استخدام هذه المساحة من الأرض في إقامة مشروع رأس الحكمة السياحي السكني المتكامل، الذي تتشارك فيه الحكومة، ممثلة في هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، مع دولة الإمارات، ممثلة في شركة أبو ظبي للتنمية القابضة (ADQ)، باستثمارات تصل قيمتها الإجمالية إلى نحو 150 مليار دولار خلال فترة تنفيذ المشروع.
ومن المقرر تأسيس شركة جديدة باسم "رأس الحكمة" لتولي تطوير المشروع، الذي سيضم أحياء سكنية فاخرة، وفنادق عالمية، ومنتجعات سياحية، ومشاريع ترفيهية عملاقة، إلى جانب مدارس وجامعات ومستشفيات ومبان إدارية وخدمية، ومنطقة مركزية للمال والأعمال، ومارينا دولية كبيرة لليخوت والسفن السياحية.
وتتسلم مصر من الإمارات 35 مليار دولار على دفعتين خلال الشهرين القادمين، منها 24 مليار دولار تأتي في صورة سيولة جديدة، فيما يتم تحويل 11 مليار دولار من ودائع الإمارات لدى البنك المركزي المصري إلى استثمارات في مشروعات صندوق أبوظبي الأخرى في مصر، بما يساهم في حلحلة أزمة نقص النقد الأجنبي التي تواجهها مصر منذ عامين.
وتقع رأس الحكمة داخل البحر المتوسط على هضبة كاشفة ما حولها من شواطئ جميلة، عند الكيلو 170 بين محافظتي الإسكندرية ومرسى مطروح، وهي ممتدة على مسافة 50 كيلومتراً بطريق الساحل الشمالي، ضمن المساحات الصغيرة التي ما زالت في حيازة الدولة، على ساحل ممتد لنحو 550 كيلومتراً.