تنطلق في العاصمة الشمالية الروسية سانت بطرسبرغ، غداً الأربعاء، فعاليات منتدى بطرسبرغ الاقتصادي الدولي، في ظل الالتزام بإجراءات منع انتشار فيروس كورونا.
ومن المقرر أن يستمر المنتدى حتى 5 يونيو/حزيران الجاري، وتشارك فيه دولة قطر بصفتها بلداً ضيفاً بأحد أكبر الوفود الذي يضم أكثر من 500 شخص يمثلون نحو 50 شركة.
ويضم برنامج منتدى بطرسبرغ في دورته الحالية مجموعة واسعة من الفعاليات القطرية من شأنها تعريف المشاركين بقطاع الأعمال القطري، والابتكارات في مجال الصحة والتكنولوجيا، وقطاع الرياضة على ضوء استعدادات قطر لاستضافة كأس العالم لكرة القدم في عام 2022 مستلمة راية المونديال من روسيا في عام 2018، وبرنامج رؤية قطر الوطنية 2030، كما يشمل برنامج المشاركة القطرية في المنتدى مجموعة من الفعاليات الثقافية والشبابية.
وتندرج المشاركة القطرية في منتدى بطرسبرغ ضمن الزخم الذي تشهده العلاقات الروسية القطرية، لاسيما في مجال التعاون الاستثماري، إذ تقدر الاستثمارات القطرية في الاقتصاد الروسي في السنوات الأخيرة بما يصل إلى نحو 15 مليار دولار مركزة في قطاعات الصيرفة والطاقة والطيران.
ومع ذلك، يعتبر نائب رئيس اتحاد الدبلوماسيين الروس، الأستاذ بالمدرسة العليا للاقتصاد بموسكو، أندريه باكلانوف، أنّ العلاقات الاستثمارية بين روسيا وقطر تحتاج إلى مزيد من التطوير وزيادة تنوعها وتوسيعها جغرافياً.
ويقول باكلانوف، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنّ "قطر هي شريك حيوي لنا في مجال الاستثمارات التي تضمنها روسيا بصرف النظر عن أي متغيرات سياسية، ونتوقع أن تكون المشاركة القطرية في منتدى بطرسبرغ مثالاً لشركاء آخرين يظهر نطاق هذا التعاون".
ومع ذلك، يشير إلى أنّ التعاون الروسي القطري يجب ألا يقتصر على مجالين أو ثلاثة، مضيفاً: "ينبغي تطوير الاستثمارات القطرية في مجالات التكنولوجيا المتقدمة وألا تقتصر على الشطر الأوروبي من روسيا، بل يمكن الانتباه إلى المشاريع مثل المدينة الأكاديمية في نوفوسيبيرسك التي تعد مركزاً للتكنولوجيا في سيبيريا، ومشاريع أخرى في الشرق الأقصى الروسي. كما أنّ روسيا التي تملك مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية، يمكنها أن تتعاون مع قطر في مجال الزراعة، مما سيساعد قطر في زيادة أمنها الغذائي بمنتجات زراعية آمنة ونظيفة بيئياً".
ومن بين أبرز الاستثمارات القطرية في روسيا مشاركة جهاز قطر للاستثمار في إصدار أسهم إضافية لمصرف "في تي بي" الحكومي (ثاني أكبر مصرف في روسيا) بقيمة 500 مليون دولار في عام 2013، وكذلك استحواذه على حصة قدرها 25% في مطار "بولكوفو" في سانت بطرسبرغ.
أما أكبر صفقة في التعاون الروسي القطري على الإطلاق، فهي شراء جهاز قطر للاستثمار وشركة "غلينكور" السويسرية لتجارة النفط 19.5% من أسهم أكبر شركة نفط روسية "روس نفط" بقيمة 10.5 مليارات يورو في نهاية عام 2016.
وشكلت هذه الصفقة دعماً كبيراً للموازنة الروسية التي تعاني منذ عام 2014 من تدني أسعار النفط، مجنبة إياها اللجوء إلى الاحتياطات لتغطية النفقات الحكومية.
وفي عام 2018، وقعت الخطوط الجوية القطرية ومطار "فنوكوفو" على مذكرة التفاهم التي تقتضي منح شركة الطيران الحق في شراء حصة قدرها 25% في المطار، مما سيزيد من الاستثمارات القطرية في قطاع الطيران الروسي.
وقبل بدء جائحة كورونا، كانت الخطوط الجوية القطرية من بين شركات الطيران الرائدة في نقل السياح الروس إلى الوجهات السياحية في جنوب شرق آسيا عبر مطار حمد الدولي، منفذة ثلاث رحلات يوميا إلى موسكو ورحلة إلى سانت بطرسبرغ.
كما زاد إعفاء المواطنين الروس من تأشيرات الدخول إلى قطر في عام 2017 من اهتمامهم باستكشاف معالم الدوحة، بينما أعفت روسيا هي الأخرى الرعايا القطريين في العام الماضي من استخراج تأشيرة مسبقة، سعياً منها للترويج لمنتجها السياحي بالسوق الخليجية.
وخلال السنوات الماضية، قام أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، بمجموعة من الزيارات إلى روسيا في يناير/كانون الثاني 2016، وفي مارس/آذار 2018، وكذلك لحضور نهائي المونديال في يوليو/تموز من العام نفسه، مما مهد الطريق للدفع بالتعاون الاقتصادي والاستثماري، بعيداً عن الخلافات السياسية حول القضايا الشائكة مثل الملف السوري.
وكان من المقرر أصلاً أن يقام منتدى بطرسبرغ بالشراكة بين روسيا ودولة قطر في العام الماضي، ولكنه ألغي لأول مرة في تاريخه بسبب تمدد جائحة كورونا وسط حالة الذعر وإجراءات الإغلاق الكلي التي أصابت العالم أجمع.
يذكر أنّ منتدى بطرسبرغ الاقتصادي يقام في العاصمة الشمالية الروسية منذ عام 1997، ومنذ منتصف العقد الأول من القرن الـ21، بات الرئيس الروسي يشارك في كل دورة له، مما زاد من الأهمية السياسية للحدث وجعله ساحة لعقد لقاءات على أعلى مستوى.