تواجه المصانع الغذائية في قطاع غزة أزمات مالية وتشغيلية تنذر بتوقفها عن العمل في الوقت الذي يشهد القطاع المحاصر من الاحتلال الإسرائيلي منذ نحو 16 عاماً صعوبات معيشية كبيرة.
وتتفاقم الضغوط على صناعات غزة بفعل حالة الغلاء العالمية، والتي أدت إلى تضاعف أسعار بعض السلع الأولية، إلى جانب تفاقم أزمة الكهرباء، والتي وصلت إلى 6 ساعات وصْل أو أقل، ما يرفع من تكاليفها التشيغيلية ويدفعها إلى رفع أسعار منتجاتها، بينما تشهد القدرة الشرائية للكثيرين في غزة تراجعاً ملموسا في ظل انعدام فرص العمل وتدني الأجور، وعدم استقرار دفع الرواتب والمستحقات المالية.
يقول المدير التنفيذي لشركة فياض أبو حميد لتجارة المكسرات، عليان أبو حميد، إن الحصار الإسرائيلي المتواصل لقطاع غزة أدى إلى تفاقم التأثيرات على الصناعات الفلسطينية بشكل مباشر من خلال تأثر دخول المواد الخام اللازمة والانقطاع المتواصل للتيار الكهربائي، فضلا عن التأثير الناجم عن إغراق الأسواق بالمنتجات الجاهزة ورخيصة الثمن.
ويشير أبو حميد في حديث مع "العربي الجديد" إلى أن حالة الغلاء العالمية، وما تبعها من حالة غلاء محلية أثرت كذلك على العديد من المنتجات، وفي مقدمتها المنتجات مرتفعة السعر، ما دفع المواطن صاحب الدخل المحدود للتوجه لشراء المنتجات رخيصة الثمن، مضيفًا، "رغم كل الظروف القاسية والتي أدت إلى تأثر عملنا بنسبة 60%، إلا أننا سنستمر في المواجهة ومعاندة الظروف الصعبة".
أزمات متلاحقة
بدوره، يؤكد رئيس مجلس إدارة مجموعة مصانع سرايو الوادية للصناعات الغذائية وائل الوادية، ومقرها في المنطقة الصناعية باديكو شرقي مدينة غزة، على تأثير الأزمات المتلاحقة على القطاع الصناعي، وفي مقدمتها أزمة منع دخول قطع الغيار، وبعض المواد الخام بحجة "الاستخدام المزدوج".
يقول الوادية لـ"العربي الجديد" إن مجموعته تضم 12 خطاً لإنتاج البسكويت والشتوي (كريمة مغطاة بالشوكولاتة) والمسليات، وفي معظمها سلع تستهدف الأطفال، إلا أن الأوضاع الاقتصادية المتردية، تؤثر على رب الأسرة، وعلى مصروف الأطفال، ما ينعكس سلباً على القدرة الشرائية، ومن ثم على العجلة الاقتصادية.
ويشير الوادية إلى أن الغلاء الحاصل عالمياً يحتكم إلى نسب وضوابط مُحددة، يتم فيها رفع أسعار السلع بالتوازي مع ارتفاع أسعار المواد الخام والتكلفة التشغيلية، فيما يُمنع في قطاع غزة رفع أسعار بعض أصناف المُسليات والبسكويت.
ويفسر ذلك بالقول "بفعل حالة الغلاء التي طاولت المواد الخام، بنسبة وصلت إلى ما يزيد على 50% رفعنا سعر بعض المسليات بنسبة 3%، إلا أننا فوجئنا برفض الحكومة في قطاع غزة لهذه الزيادة البسيطة".
انقطاع الكهرباء
وتزيد أزمة الكهرباء حدة التحديات التي تواجهها مصانع قطاع غزة، بفعل ساعات القطع الطويلة، إلى جانب الخطورة المتمثلة بقطع الكهرباء عن خطوط الإنتاج خلال العمل، وفق تعبير الوادية الذي يشدد على أنّ "لا أرباح في المصانع، بل يتعرض عدد منها لخسائر".
من ناحيته، يقول مدير عام الإدارة العامة للصناعة في وزارة الاقتصاد رائد الجزار، إنّ الاقتصاد الفلسطيني تأثر كما تأثر الاقتصاد العالمي بفعل الحرب الروسية الأوكرانية، خصوصاً صناعة السلع الغذائية، إلّا أنّ الأوضاع الصعبة التي مرّ بها القطاع جعلت الأمور أكثر تأثراً، مقارنة بمناطق أخرى.