مصانع غزة على وشك الإغلاق لنقص المواد الخام
أحد المصانع قلص عدد العاملين من حوالى 200 قبل العدوان إلى أقل من 20 الآن (العربي الجديد)
يستعد عماد البواب، مالك أحد المصانع العاملة في مجال صناعة الملابس الجاهزة، لإيقاف المصنع كلياً عن العمل في المدينة الصناعية شرقي مدينة غزة، والسبب هو نقص المواد الخام نتيجة إغلاق معبر كرم أبو سالم، المنفذ التجاري الوحيد للقطاع، للشهر الثاني على التوالي ضمن القيود الإسرائيلية المفروضة.
وقبيل العدوان الإسرائيلي على غزة في 11 مايو/ أيار الماضي، أقدمت سلطات الاحتلال على إغلاق معبر كرم أبو سالم التجاري وتقليص مساحة الصيد واتخاذ إجراءات عقابية أخرى قبل أن تخفف بعضها وتبقي على قيود تمس بجوهر الاقتصاد الفلسطيني.
وانعكس إغلاق المعبر التجاري الواقع أقصى جنوب شرقي القطاع بالسلب على الحركة الاقتصادية والصناعية، ما تسبب في تدهور حاد في أسعار سلع كالخضروات والتي كان جزء منها يصدر للخارج، فضلاً عن ارتفاع أسعار مواد أخرى مثل الإسمنت والأخشاب والحديد نظراً لعدم توفرها بكميات كافية في الأسواق المحلية.
قبل العدوان، كان الاحتلال يسمح بإدخال قرابة 400 إلى 500 شاحنة لمختلف القطاعات، وكانت تتراوح الشاحنات في بعض السنوات بين 600 و800 شاحنة، إلا أن إجمالي عدد الشاحنات الواردة حالياً لا يتجاوز 100 شاحنة يومياً.
يقول البواب لـ"العربي الجديد" إن إجمالي عدد العاملين في مصنعه عادة ما يناهز 200 عامل وعاملة ينشطون في عدد من المجالات والأقسام الخاصة بالملابس، فيما لا يزيد عددهم حالياً عن مجموعة بسيطة لا تتجاوز 20 عاملاً في أحسن الظروف.
صاحب المصنع الذي يعمل منذ سنوات في المدينة الصناعية شرق مدينة غزة، لجأ إلى المداورة بين العمال والعاملات من أجل مساعدتهم على توفير الحد الأدنى من الدخل بما يساهم في تلبية احتياجات عوائلهم وأسرهم اليومية في ظل الظروف الاقتصادية الحالية.
ويوضح التاجر الفلسطيني أن إجمالي البضائع المحتجزة في مصنعه، الذي كان يصدّر للخارج الملابس المخصصة للسيدات والأطفال، تجاوز سابقا 50 ألف قطعة، بعضها كان موجها إلى أسواق الضفة الغربية المحتلة، والبقية إلى الدول العربية وحتى خارج الوطن العربي.
كما كان مقرراً تصدير كمية كبيرة من البضائع إلى الأسواق الخارجية، بيد أن استمرار إغلاق "معبر كرم أبو سالم" حال دون خروج هذه الكميات التي تقدر بحمولة 6 شاحنات تجارية، فيما يخشى أصحاب المصنع استمرار إغلاق المعبر لفترة أطول.
وبحسب إحصاءات "الاتحاد العام للصناعات الفلسطينية في غزة"، فإن 3 آلاف عامل تم تسريحهم نتيجة قصف المنشآت الاقتصادية وتوقفها عن العمل، إضافة إلى إغلاق معبر كرم أبو سالم الذي لا يلبي احتياجات القطاع ومصانعه بشكل كامل.
الأغذية والبلاستيك الأكثر تضرراً
في موازاة ذلك، يؤكد رئيس "الاتحاد العام للصناعات الفلسطينية" في القطاع، علي الحايك، أن أكثر القطاعات الصناعية تضرراً نتيجة إغلاق "معبر كرم أبو سالم" هي الصناعات الغذائية والبلاستيكية بسبب شح المواد الخام المتوافرة في الأسواق المحلية.
ويوضح الحايك لـ "العربي الجديد" أن صناعات القطاع تواجه شبح التوقف الكامل نتيجة استمرار سلطات الاحتلال في وضع القيود لمنع إدخال المواد وقصر عمل المعبر على تمرير السلع الأساسية وبعض الأدوية فقط، وهو ما سيحرم 30 ألف شخص من مصدر دخلهم الوحيد. ويلفت إلى أن المعبر التجاري يشكل النافذة الوحيدة للصناعة والتجارة الفلسطينيتين في القطاع، نظراً لحجم الواردات اليومية التي كانت تصل إلى القطاع قبل العدوان، فضلاً عن عدم وجود معابر أخرى بديلة يمكن من خلالها استيراد احتياجات السكان والتجار وأصحاب المصانع.
ولا يلتزم الاحتلال بإدخال كامل الاحتياجات الخاصة بالقطاع من المنفذ التجاري، إذ يضع عشرات القوائم التي تندرج فيها مئات أصناف السلع والمواد الأخرى على قائمة "الاستخدام المزدوج"، ما يعني منع مرور هذه المواد إلى غزة بحجة إمكان استخدامها في الصناعات العسكرية للمقاومة.
وتشكل نسبة الشاحنات الواردة عبر منفذ كرم أبو سالم التجاري نحو 83% من إجمالي البضائع والسلع الواردة إلى القطاع، فيما يدخل بعض السلع الأخرى عبر بوابة صلاح الدين المرتبطة بالأراضي المصرية، إلا أنها لا تلبي الاحتياجات الكاملة لسكان غزة.
التهديد بشلل كامل
في السياق، يقول المدير العام في "هيئة المدن الصناعية" لدى وزارة الاقتصاد في غزة، عماد الحوارني، إن الكثير من المصانع في المنطقة الصناعية الواقعة شرق المدينة قلصت أعداد العاملين فيها بشكل كبير، فيما أوشك بعضها على التوقف خلال مدة لن تتجاوز أسبوعاً.
ويوضح الحوارني لـ"العربي الجديد" أن المصانع التي لا تزال تعمل كانت تتوافر لديها كميات من المواد الخام، إلا أن طول فترة الإغلاق سيؤدي إلى تعطلها تماما في نهاية المطاف، نظراً لاستمرار القيود المفروضة على عمل المعبر وعدم وجود هذه المواد في السوق المحلي.
وبنتيجة استهداف المنطقة الصناعية، فإن 18 مصنعاً تضررت إلى حد كبير، بينها 10 مصانع تم تدميرها كليا، بما في ذلك خطوط الإنتاج والمواد الخام الموجودة في المخازن، فيما تضررت 8 مصانع على نحو متوسّط وبالغ، علما أن إجمالي هذه المصانع المتضررة يعادل ثلث المنطقة الصناعية.