وجّه مصرف ليبيا المركزي، اليوم الخميس، كتاباً رسمياً إلى مدير إدارة الخزانة في وزارة المالية، مطالباً بتغطية رواتب أكتوبر/ تشرين الأول 2024، علماً أن هذا الكتاب أتى استناداً إلى قرار مجلس الوزراء رقم 828 لسنة 2023، والذي يسمح بفتح اعتمادات مالية مؤقتة، وفق آلية 12/1 من الإنفاق الفعلي لعام 2023. وحذّر مصرف ليبيا المركزي في كتابه من أن إدارة العمليات المصرفية لم تستلم حتى الآن أذونات التمويل الخاصة بتغطية رواتب أكتوبر لجميع الوزارات والهيئات والمؤسسات الممولة جزئياً أو كلياً من الخزانة العامة. وأكد في بيان أن الأرصدة المالية الحالية لا تغطي قيمة رواتب هذه الجهات، مشيراً إلى أن الرسائل والأذونات التمويلية التي يجري استلامها تخصّ فقط الأبواب الثانية والرابعة.
وفي السياق، شدد المصرف على ضرورة إعطاء أولوية قصوى لدفع مرتبات القطاع العام لشهر أكتوبر 2024، مطالباً باتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان توافر التغطية المالية لتتمكن إدارة العمليات المصرفية من تنفيذ هذه الإجراءات في أسرع وقت. وجرت الإشارة إلى أن نسخة من الكتاب قد جرى إرسالها إلى مدير مكتب محافظ المصرف المركزي، ومدير إدارة الميزانية، إضافةً إلى مكاتب وزير المالية ورئيس ديوان المحاسبة، لضمان التنسيق بين جميع الأطراف المعنية.
ويأتي هذا في وقتٍ يعاني فيه أكثر من 2.5 مليون موظف حكومي من تأخير صرف رواتبهم لشهر أكتوبر 2024، ويزداد الاستياء الشعبي بسبب تأخر صرف الرواتب وسط الأزمة الاقتصادية المستمرة. وفقاً لبيانات مصرف ليبيا المركزي، بلغ إجمالي مصروفات الباب الأول المخصصة للمرتبات حتى نهاية سبتمبر 43.1 مليار دينار، فيما يواجه القطاع الحكومي عجزاً في الوفاء بالتزاماته المالية ويبلغ عدد العاملين في القطاع العام 2.5 مليون موظف، أو ما يشكل 31% من سكان ليبيا. ويبلغ الحد الأدنى للأجور 900 دينار، أو ما يعادل 187 دولاراً.
وعبّر العديد من الموظفين الحكوميين في ليبيا عن استيائهم جراء تأخير صرف رواتبهم لشهر أكتوبر 2024، مطالبين الحكومة والمصرف المركزي باتخاذ إجراءات سريعة لحل الأزمة المالية التي أثرت سلباً في حياتهم اليومية. وفي تصريحاتٍ لـ"العربي الجديد"، قال عبد الله القنطراري، أحد الموظفين الحكوميين، إنه رغم وجود السيولة النقدية في المصارف التجارية، فإن راتبه لشهر أكتوبر لم يُصرف بعد، متسائلاً عن سبب التأخير.
من جانبها، أكدت مسعودة حميدة، طبيبة حكومية، أن الرواتب تأخرت مرة أخرى عن الصرف، مشيرةً إلى أن الوضع قد تغير مقارنةً بالأشهر السابقة، حيث كانت الرواتب تُصرف رغم غياب السيولة النقدية، أما الآن، فإن الرواتب مفقودة والسيولة "الكاش" موجودة في العديد من المصارف التجارية.
وصرّح المحلل المالي محمود سالم لـ"العربي الجديد" بأن الرواتب ستُصرف في النهاية، لكن مع ضرورة التزام مصرف ليبيا المركزي بنظام الصرف "واحد على اثني عشر"، كما جرى العمل به في السنة الماضية، دون تضمين زيادات جديدة لبعض الفئات، مضيفاً أن المشكلة فنية بحتة، ولا بد من سرعة حلها لتخفيف معاناة الموظفين.
الإيرادات والنفقات الليبية حتى نهاية أكتوبر 2024
على صعيد آخر، نشر مصرف ليبيا المركزي، اليوم الخميس، بياناً عن آخر التطورات المتعلقة بإيرادات واستخدامات النقد الأجنبي في البلاد. وأوضح المصرف أن إيرادات النقد الأجنبي الموردة إلى مصرف ليبيا المركزي بلغت 16.5 مليار دولار، منها 2.4 مليار دولار إتاوات. كما وصل إجمالي استخدامات النقد الأجنبي حتى نهاية أكتوبر 2024 إلى 20.3 مليار دولار، فيما أكد المركزي التزامه بتحقيق أعلى مستويات الشفافية والإفصاح استجابة للمطالب المحلية والدولية، مشيراً إلى أنه يواصل جهوده لتطوير آليات الإفصاح بالتعاون مع بقية مؤسسات الدولة.
ووفقاً للبيان، بلغت الإيرادات حتى نهاية أكتوبر 81.9 مليار دينار ليبي (بسعر الصرف 4.8 دنانير للدولار)، في حين بلغ إجمالي الإنفاق العام 77.3 مليار دينار. واشتملت الإيرادات على مبيعات النفط التي بلغت 67.8 مليار دينار، وإيرادات إتاوات النفط 11.6 مليار دينار، بالإضافة إلى إيرادات الضرائب التي بلغت 131 مليون دينار، وإيرادات الاتصالات التي بلغت 125 مليون دينار، بالإضافة إلى إيرادات أخرى.
أما فيما يتعلق بالإنفاق العام، فقد بلغ 77.3 مليار دينار، منها 48.7 مليار دينار للمرتبات (دون احتساب رواتب شهر أكتوبر)، و6.6 مليارات دينار للنفقات الجارية، و325 مليون دينار لباب المصروفات الثالث، و12 مليار دينار لباب المصروفات الرابع. كما شمل الإنفاق أيضاً الميزانية الاستثنائية للمؤسسة الوطنية للنفط، والتي بلغت 6.7 مليارات دينار، بالإضافة إلى الميزانية الاستثنائية لشركة الكهرباء التي بلغت 3.1 مليارات دينار.
وأشار البيان أيضاً إلى أن إيرادات الرسم المفروض على مبيعات النقد الأجنبي بلغت 21.3 مليار دينار ليبي، وشهدت إيرادات السوق المحلي من المشتقات النفطية تراجعاً ملحوظاً، حيث جرى توريد 61.6 مليون دينار فقط خلال الفترة المحددة. ولفت إلى تخصيص مبلغ 950 مليون دولار لمشاريع التنمية في المنطقة الشرقية، إضافةً إلى توزيع سيولة نقدية قدرها 52.8 مليار دينار لفروع المصارف التجارية في مختلف المدن الليبية.