عادت أزمة "تابلت المدارس المصرية" من جديد، بالتزامن مع امتحانات الفصل الدراسي الأول لطلاب مرحلتي "الأول والثاني الثانوي العام" نتيجة تعدد مشاكل الطلاب بعدم القدرة على الدخول إلى المنصة، وفشل تحميل "السيستم"، وأعطال بشبكة الإنترنت داخل المدارس، وهو الأمر الذي أصاب الطلاب وأولياء أمورهم بحالة من الخوف من تكرار السيناريو نفسه في الاختبارات المقبلة.
وتأتي تلك التطورات وسط مطالبة بضرورة إلغاء هذا النظام، وخاصة أن البعض يرى أن النظام التكنولوجي المطبق بمدارس الثانوي العام حالياً يعد إهدارا للمال العام وضياعا للمليارات على الخزانة العامة للدولة.
1.8 مليون تابلت
يبلغ عدد طلاب مرحلتي الأول والثاني الثانوي في مصر نحو 1.2 مليون طالب، وطلاب الصف الثالث الثانوي حوالي 625 ألف طالب، وهى المرحلة التي طبق عليها نظام "التابلت" داخل البلاد منذ ثلاث سنوات بدون طباعة كتب، الأمر الذي دفع الحكومة إلى توفير ما يقرب من 1.8 مليون جهاز للطلاب، بالإضافة للمعلمين ومديري المديريات.
وتصل كلفة الجهاز الواحد، حسب تصريحات سابقة لوزير التربية والتعليم المصري طارق شوقي، ما بين 4500 و5000 جنيه (الدولار = 15.65 جنيها)، بقيمة إجمالية تقدر بـ3.6 مليارات جنيه، وهو ما يراه مراقبون إهداراً للمال العام بسبب فشل التجربة.
ويأتي ذلك وسط تحذيرات متخصصين من البداية بعدم تطبيقه، إضافة إلى عدم جاهزية ما يقرب من 60% من المدارس بالمحافظات، خاصة الموجودة بالقرى والأرياف بشبكات الإنترنت.
انتقادات برلمانية
وفي سياق متصل، وصلت الأزمة إلى قبة البرلمان المصري، حيث تقدم النائب هشام حسين ببيانات عاجلة وطلبات إحاطة لرئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي، ووزير التربية والتعليم طارق شوقي، للرد على فشل "امتحانات التابلت"، مطالباً بإعادة النظر في هذا النظام، وضرورة التأكد من البنية الأساسية للمدارس وتوفر الإنترنت بشكل جيد قبل تطبيقه، واصفاً أزمة سقوط "السيستم" المتكررة مع الطلاب في كل امتحان بـ"الكارثة" وضياع مستقبلهم التعليمي.
إهدار للأموال
ورفض مسؤول التعليم بحزب المؤتمر حسين لبن أن يكون الطلاب "معمل تجارب" لسياسية وزير التربية والتعليم الفاشلة، مؤكداً أن إهدار المليارات من الجنيهات في منظومة تعليمية فاشلة يجب أن تُسأل عنه الحكومة بكاملها.
وأضاف: كان يجب تسخير تلك الأموال التي هي قوت الشعب في تطوير وتحديث البنية التحتية للمدارس التي تعاني من عشرات المشكلات، موضحاً أن العودة إلى النظام القديم (الكتاب) مطلوب، ويجب على الوزير المسؤول عدم المكابرة والاستمرار في سياسة لا أساس لها على أرض الواقع، بشهادة الجميع من الطلاب وأولياء الأمور والمسؤولين عن التعليم والمتخصصين. وشدّد لبن على ضرورة التحقيق في إهدار المليارات من الجنيهات من قبل البرلمان.
ويرى الخبير التربوي كمال مغيث، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن الدولة المصرية أضاعت الكثير من المليارات على "التابلت" وسط تحذيرات من البداية لكون مدارس الثانوية العامة التي طبقت عليها هذه المنظومة، غير جاهزة لاستقبال مثل هذا النظام التكنولوجي الحديث، وبالتالي ما حدث يعد إهداراً للأموال.
وأضاف أن نسبة الفشل أعلى من النجاح المرجو من التجربة، موضحا أن الجميع مع التطور التكنولوجي، ولكن "يجب تأسيس منظومة قوية يقوم عليها هذا التطور، ومعالجة البنية التحتية للتعليم أولاً، وبعدها نفكر في أدوات تطويره"، مشيراً إلى أن عدم نجاح الامتحانات الإلكترونية خلال الفصل الدراسي الأول دليل على فشل المنظومة الجديدة التي تبنتها الحكومة.