يتأرجح سعر الذهب والدولار، بين صعود وهبوط، مستمر منذ يومين، ويتجهان نحو صعود متوقع، مع تدهور قيمة الجنيه المصري وهبوطه نحو هاوية جديدة.
شهدت أسواق العملات الأجنبية، استقراراً مداراً من البنك المركزي المصري، منذ منتصف إبريل/ نيسان الماضي، عند سعر للدولار 30.83 جنيهاً للشراء.
وواجه الدولار انخفاضاً، في سعره بالسوق الموازية، من مستوى أعلى من 41 جنيهاً، بنهاية الأسبوع ليصل اليوم الثلاثاء، إلى 38.2 للشراء و39.05 للبيع.
وأدى ارتفاع الطلب على الريال السعودي، إلى زيادة سعره بالسوق الموازية من 10 إلى 11 جنيهاً، مع اقتراب موسم الحج وسماح السلطات السعودية، بدخول حاملي تأشيرات الزيارة مكة والمدينة، حتى 5 من ذي الحجة، واعتماد شركات الطيران المحلية تأشيرات الزيارة لحجز الرحلات.
ودفع نقص الريال وعدم توفير الدولار للمسافرين وشركات السياحة إلى زيادة الطلب على الريال بالسوق السوداء، بعد أن قررت أغلب شركات الصرافة بالأراضي المقدسة، وقف التعامل بالجنيه، لتعرض أسعاره للتذبذب الشديد.
استقرار الذهب والدولار
وشهدت أسعار الذهب تراجعاً بالأسواق العالمية، بينما ظلت التراجعات طفيفة بالسوق المحلية، لتهبط من 2300 جنيه للغرام عيار 21 إلى 2290 جنيهاً.
وسجل سعر الجنيه الذهب 19 ألف جنيه، والغرام عيار 24 نحو 2617 جنيهاً، وعيار 18 بيع بـ 1962.8 جنيهاً، وعيار 14 بـ 1526جنيهاً.
يعكس الاستقرار النسبي لسعري الذهب والدولار في الأسواق، زيادة توجه المستثمرين والأفراد إلى حيازة المعدن الأصفر والورقة الخضراء، باعتبارهما الوسيلة الآمنة لحفظ قيمة ثرواتهم، في ظل شح الدولار بالبنوك.
ودفعت النتائج السيئة التي منيت بها شركات صناعية وإنتاجية كبرى، جراء خسائر التشغيل، وتراجع الجنيه، إلى توجه مستثمرين إلى الاحتفاظ بما لديهم من دولارات أو شراء الدولار، تحسباً لتعويم رابع متوقع نهاية يونيو/ حزيران المقبل.
ويعكس التوجه رغبة الشركات في التحوط لمواجهة خسائر إضافية متوقعة، مع التراجع الجديد في قيمة الجنيه، أو استثماره، رغم تخفيض حجم الأعمال، مع عدم قدرتهم على شراء مستلزمات الإنتاج من الخارج، أو الحصول على الدولار عبر الطرق الرسمية.
ويكشف محللون فشل الحكومة في الضغط على السوق ناحية الهبوط السريع في سعر الدولار الذي تجاوز لأول مرة 40 جنيهاً، ودفع الطلب على الذهب، عبر نظام "إيزي غولد" الذي طرحته البورصة المصرية، الأحد الماضي، لشراء سندات ورقية موازية لقيمة ذهبية، بعد تصريح صادم، لرئيس هيئة الرقابة المالية محمد فريد، بأنّ امتلاك السند لا يمنح صاحبة ذهباً حقيقياً أو سلطة المضاربة به.
ووصف محللون تصريحات المسؤول الحكومي بأنها مرتبكة، وتظهر وجود اتفاق بين جهات حكومية وكبار تجار الذهب على عودة تسعير الذهب عند دولار يوازي سعر العقود الآجلة، الذي وصل إلى 44 جنيهاً بالسوق الدولية، بعد أن تجاوز 50 جنيهاً، لمدة 3 أسابيع متصلة.
وقد فقد الدولار بسوق الذهب زخمه عند 44 جنيهاً، متأثراً بقرار الحكومة السماح للمصريين العاملين بالخارج بحمل الذهب بأي كميات بشرط دفع قيمة الضريبة المضافة التي تبلغ 14%، على المصنعية من قيمة الفواتير الرسمية المصاحبة للمسافر.
ويؤكد محللون سعي الحكومة إلى جذب التعامل على الدولار، عند مستوى 40 جنيهاً في السوق السوداء والذهب، لتهيئ التوجه نحو خفض جديد للجنيه، نهاية يونيو/ حزيران المقبل، عند سقف سعري للدولار يتراوح ما بين 38 إلى 40 جنيهاً رسمياً.
تأجيل تعويم الجنيه
ورجحت مؤسسة سيتي غروب، في تقرير لها، نهاية الأسبوع الماضي، توجه الحكومة إلى تأجيل خفض قيمة الجنيه، حتى 30 يونيو المقبل، وهو موعد الانتهاء من ميزانية العام الحالي 2022-2022، لتحافظ على المستوى القياسي الحالي في عجز الموازنة، وقيمة ثابتة للجنيه، لا تتخطي 31 جنيهاً للدولار.
وأشار كبير المحللين بالمجموعة لويس كوستا، إلى أنّ انخفاضاً حاداً آخر في الجنيه، قبل نهاية السنة المالية، يمكن أن يخرج الحكومة عن هدفها، في بقاء العجز بالموازنة عند مستوى 6.5%، وتثبيت ديون الموازنة العامة، مقابل الناتج الإجمالي.
وتتوقع "سيتي غروب" أن توظف الحكومة الزيادة المتوقعة في عوائد السياحة وبيع الأصول العامة، في دعم قدرتها على تدبير الدولار بالبنوك مع حركة التعويم المتوقعة.
ويراهن المستثمرون على سعر الدولار عند 33 جنيهاً، في السوق الآجلة، لمدة شهر فقط، و43.3 جنيهاً لمدة 12 شهراً، بما يبين أن توقعات الانخفاضات الحادة بقيمة الجنيه، تستمر حتى نهاية العام المالي 2023-2024، بما يرفع الفقد في قيمة الجنيه من 50% بنهاية عام 2022، إلى ما يزيد عن 60% العام الحالي.
وتسعى الحكومة إلى بيع أصول عامة، بقيمة ملياري دولار، للتمكّن من الوفاء بسداد الأقساط الدورية للجهات الدائنة، للحد من مخاطر تراجع جديد بالتصنيف الائتماني للدولة، الذي تحول من B موجب إلى سالب وغير مستقر، بينما تظهر عجزاً واضحاً في توفير طلبات الدولار من للمصنعين والموردين ما يؤثر بشدة على انكماش قطاعات إنتاجية، بعضها يشارك بنسب عالية في الصادرات السلعية للخارج، وخاصة الصناعات النسيجية والأدوية والهندسية والبتروكيماوية.
وتحاول الحكومة زيادة الصادرات من الغاز التي تعرّضت للتراجع بنسبة 11%، مطلع العام الحالي، بسبب ضعف الإنتاج. وحصلت الحكومة على 835 مليون دولار من مبادرة استيراد المصريين سيارات معفاة من الجمارك، مقابل وديعة دولارية بحساب وزارة المالية.