حصل "العربي الجديد" على نسخة من مشروع القانون المقدم من الحكومة المصرية بشأن تعديل قانون الأراضي الصحراوية رقم 143 لسنة 1981، المقرر أن يناقشه مجلس النواب في جلساته هذا الأسبوع، ويسمح بتمليك الأراضي في مصر للمستثمرين الأجانب من دون قيد، تحت ذريعة زيادة حجم الاستثمارات الأجنبية في البلاد، واستغلال وتعمير الأراضي الصحراوية.
وتعاني مصر من شح شديد في السيولة الدولارية منذ اندلاع الحرب الروسية في أوكرانيا، وتخارج نحو 22 مليار دولار من الأموال الساخنة، ما دفعها إلى تسهيل إجراءات شراء الأجانب للعقارات والأراضي من دون التقيد بعدد محدد منها، بهدف جذب المزيد من العملة الصعبة. (الدولار= 30.85 جنيهاً).
وأفاد تقرير برلماني بأنه خلال ستينيات القرن الماضي صدر العديد من القوانين التي تحظر التملك للأجانب، ومن أهمها القانون رقم 15 لسنة 1963 بحظر تملك الأجانب للأراضي الزراعية وما في حكمها (الأراضي البور والصحراوية)، غير أن الحظر المطلق تم تخفيف وطأته بصدور القانون رقم 143 لسنة 1981، الذي أقر ضوابط واشتراطات محددة لتنظيم ملكية الأجانب للأراضي الصحراوية، وكذلك القانون رقم 56 لسنة 1988 بتنظيم تملك غير المصريين للعقارات المبنية والأراضي الفضاء.
وأضاف التقرير أنه في العام 1985 صدر القانون رقم 104 الذي ألغى حظر تملك الأجانب للأراضي الزراعية، مع تقييد ملكية الأجانب للأراضي الصحراوية باشتراطات وضوابط محددة، مشيراً إلى أن قانون الاستثمار الصادر في العام 2017 أتاح للمستثمر المصري والأجنبي، على حد سواء، الحق في الحصول على العقارات اللازمة لمباشرة النشاط أو التوسع فيه، أياً كانت نسبة مشاركة المستثمر أو مساهمته في رأس المال، ما يصطدم بالاشتراطات والضوابط المنصوص عليها في المادتين 11 و12 من القانون 143 لسنة 1981.
وتابع التقرير أنه بات ضرورياً إجراء توافق بين القانونين، بحيث يستثنى المستثمر من شروط وضوابط تملك الأجانب للأراضي الصحراوية، بشرط أن يكون الحصول على تلك الأراضي بغرض مزاولة النشاط الاستثماري أو التوسع فيه.
وجاء مشروع القانون في مادة واحدة، بخلاف مادة النشر، وتضمن استبدال نصي الفقرتين الثانيتين من المادتين 11 و12 من قانون الأراضي الصحراوية، وذلك بالنص على أنه في غير أحوال حصول المستثمر على الأراضي اللازمة لمزاولة نشاطه، يجب ألا تقل ملكية المصريين عن 51% من رأس مال الشركة، وألا تزيد ملكية الفرد على 20% من رأس مالها، مع عدم جواز أيلولة أراضي الجمعيات التعاونية والشركات عند انقضائها إلى غير المصريين.
وأورد المشروع حكماً مفاده أنه في غير أحوال حصول المستثمر على الأراضي اللازمة لمزاولة نشاطه أو التوسع فيه، تجوز بقرار من رئيس الجمهورية -لأسباب يقدرها- وبعد موافقة مجلس الوزراء، معاملة من يتمتع بجنسية إحدى الدول العربية المعاملة المقررة للمصريين بموجب القانون.
وأوصت لجنة برلمانية مشتركة، وفق التقرير، بالموافقة على مشروع القانون وإصداره، بدعوى أنه يحقق سياسة الدولة نحو جذب الاستثمار الأجنبي المباشر، وتطوير القطاعات الاقتصادية المختلفة، الأمر الذي سينعكس على زيادة حركة الاستثمار، بما يؤتي ثماره من دفع عجلة الإنتاج، وزيادة الناتج المحلي الإجمالي، وخلق فرص عمل جديدة.
وأطلقت مصر العديد من المبادرات أخيراً بسبب أزمة نقص الدولار، ومنها التوسع في الاقتراض من الخارج، وبيع بعض الأصول الهامة المملوكة للدولة، بالإضافة إلى تيسير إجراءات استيراد السيارات من الخارج للمغتربين، وتسوية الموقف التجنيدي لهم مقابل سداد خمسة آلاف دولار أو يورو، إلى جانب طرح أكبر بنكين حكوميين شهادات دولارية بفوائد عالية.
وفقد الجنيه المصري أكثر من نصف قيمته منذ مارس/ آذار 2022، إذ تراجع أمام الدولار من 15.70 جنيهاً إلى 30.95 جنيهاً في البنوك الرسمية، وإلى ما يناهز 53 جنيهاً للدولار في السوق الموازية حالياً.
وارتفع الدين الخارجي لمصر إلى 164.7 مليار دولار بنهاية يونيو/ حزيران الماضي، مقارنة بنحو 43.2 مليار دولار في يونيو/ حزيران 2013. ويتوقع مستثمرون دوليون، بحسب تقرير حديث لوكالة بلومبيرغ، انخفاض قيمة الجنيه خلال الأشهر المقبلة، مع الإشارة إلى أن "الحصول على أموال من شركاء أجانب من شأنه أن يقطع شوطاً طويلاً لضمان تجنب مصر التخلف عن السداد".
وأظهرت بيانات لصندوق النقد الدولي أن مصر ستسدد للصندوق 261 مليون دولار في يناير/ كانون الثاني الجاري، ضمن 6.7 مليارات دولار مديونيات يتعين عليها سدادها للصندوق خلال 2024.
وحصلت مصر خلال جائحة كورونا على حزمة مساعدات من الصندوق تقدر بنحو 8 مليارات دولار، إضافة إلى 12 مليار دولار قيمة قرضها في العام 2016، الذي نفذت من خلاله برنامج الإصلاح الاقتصادي.