واصل سعر صرف الجنيه المصري تراجعه مقابل الدولار الأميركي في السوق الموازية، حيث انخفض إلى نحو 33 جنيها للدولار، وسط ترقب في السوق لتعويم جديد للعملة المحلية، ورفع البنك المركزي مجددا أسعار الفائدة في مواجهة التضخم المرتفع.
وقفز معدل التضخم السنوي في مصر إلى 19.2 بالمائة خلال نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، من 16.3 بالمائة في أكتوبر/تشرين الأول السابق. وأظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء في مصر، الخميس، أن التضخم الشهري في البلاد سجل 2.5 بالمائة في نوفمبر.
وعزا الجهاز الزيادة السنوية في معدل التضخم لإجمالي الجمهورية إلى زيادة الأسعار في قطاعات جاء في مقدمتها الطعام والمشروبات التي زادت 30.9 بالمئة والرعاية الصحية بواقع 12.4 والنقل والمواصلات 16.6 بالمئة وقطاع الثقافة والترفيه 32.2 بالمئة وقطاع المطاعم والفنادق 30.1 بالمئة.
ومن شأن ارتفاع التضخم أن يضغط على البنك المركزي لرفع أسعار الفائدة في اجتماعه المقبل في 22 ديسمبر/كانون الأول، إلا أن خبراء يتوقعون أن يعقد البنك اجتماعا استثنائيا قبل اجتماع الصندوق.
ومن المنتظر أن ينظر صندوق النقد في 16 ديسمبر/ كانون الأول في طلب مصر الحصول على تسهيل الصندوق الممدد بقيمة ثلاثة مليارات دولار لمساعدتها في دعم أوضاع ماليتها العامة. وأعلنت مصر والصندوق عن الاتفاق على حزمة التمويل في 27 أكتوبر / تشرين الأول على مستوى الخبراء.
قرارات مرتقبة
ويتوقع كثير من المراقبين استنادا لتصريحات رسمية وإعلاميين مقربين من السلطة، أن تتخذ مصر قرارات جديدة تتعلق برفع سعر الفائدة لمواجهة معدلات التضخم المرتفعة، وكذلك المضي قدما في تحرير جديد للعملة يعد الثالث هذا العام والرابع منذ 2016.
وفي بيان أصدره مجلس الوزراء، أمس الجمعة، أكد مساعد وزير المالية أحمد كجوك أن الاتفاق مع صندوق النقد يهدف لتحقيق سعر صرف مرن.
كما توقع كجوك في تصريحات سابقة أن تحصل مصر على دفعة أولى من اتفاقية القرض البالغة مدتها 46 شهرا، بنحو 750 مليون دولار خلال هذا الشهر.
بينما قال رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب فخري الفقي، إن مصر قد تتسلم مليار دولار من صندوق الاستدامة التابع لصندوق النقد الدولي خلال الشهر الجاري، إضافة للدفعة المتوقعة من قرض الصندوق.
وأشار الفقي في تصريحات إعلامية سابقة، إلى أن صندوق النقد الدولي سيجري ثماني مراجعات بشكل نصف سنوي على مدار الـ 4 سنوات.
بينما قال الإعلامي المقرب من السلطة عمرو أديب في برنامجه مساء الجمعة، إن الحكومة المصرية ستتخذ قرارات خلال الأيام المقبلة وقبل اجتماع المجلس التنفيذي لصندوق النقد. وتوقع أن يكون أحد السيناريوهات القوية رفع سعر الفائدة ومزيد من خفض سعر صرف الجنيه أمام الدولار.
وقرر البنك المركزي في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي رفع سعر الفائدة بنسبة 2%، ليصل إلى 13.5% و14.25% و13.75%، على الترتيب. ورفع البنك سعر الائتمان والخصم، بواقع 2%، ليصل إلى 13.75%، بينما يتوقع محللون أن يرفع البنك المركزي أسعار الفائدة بنسبة 2% في اجتماعه المقبل.
تعويم جديد للجنيه
وقال جاب ميجر من "أرقام كابيتال" لوكالة "رويترز": "نعتقد أننا سنشهد خفضًا أو تعديلًا آخر، لكننا لا نتوقع خفضًا إلى مستوى 32-34 مثلما توحي بورصة لندن أو السوق السوداء".
وقال غوردون باورز المحلل الاقتصادي في " Columbia Threadneedle Investments" ، وفقًا لوكالة "بلومبيرغ" إن هناك مؤشرات على أن العملة "لا تزال تدار إلى حد ما"، وأن صندوق النقد الدولي قد يحتاج إلى مزيد من الإثبات على أن مصر اعتمدت سعر صرف مرنًا حقًّا. إنه يتوقع إما تخفيض قيمة العملة مرة أخرى أو تسارع وتيرة الاستهلاك قبل الاجتماع.
ويتوقع تجار وفقًا للوكالة ذاتها، انخفاضًا حادًّا للجنيه في سوق العقود الآجلة الخارجي، حيث انخفض العقد لمدة شهر واحد على الجنيه بنسبة 6% هذا الشهر إلى 26.6 مقابل الدولار، بينما انخفض العقد لمدة 12 شهرًا إلى 30.9. ويشير الرهان الأخير إلى انخفاض بنسبة 20% في العملة عن المستوى الحالي، البالغة نحو 24.6 جنيهًا للدولار.
ووفقًا لـ "جي بي مورغان تشيس JPMorgan Chase & Co "، فإن الظروف العالمية جنبًا إلى جنب مع الاحتياجات التمويلية الإجمالية المرتفعة لمصر، وتدفقات السوق المحدودة، يمكن أن توسع فجوة التمويل في البلاد وتؤثر على احتياطيات النقد الأجنبي لديها، وسيكون هناك المزيد من الضغط على الجنيه مقابل تراجع الاستثمارات.
وعندما أعلنت مصر عن الاتفاق على مستوى الخبراء، قالت إنها انتقلت إلى "نظام صرف مرن على نحو دائم، الأمر الذي يترك لعوامل العرض والطلب تحديد قيمة الجنيه المصري مقابل العملات الأجنبية الأخرى".
لكن الفجوة اتسعت بين سعر الصرف الرسمي للجنيه المصري مقابل الدولار وسعره في السوق الموازية، حيث يبيع التجار الدولار في السوق السوداء مقابل 32 و33 جنيهًا مقارنة بسعر الصرف الرسمي البالغ نحو 24.6 للدولار.