عبر عدد من المحللين الاقتصاديين والمصرفيين المصريين عن تخوفهم من تحوّل بطاقات الرواتب الحكومية إلى بطاقات تقدم خدمات ائتمان استهلاكية، والمعروفة إعلاميًا بـ "كارت ميزة"، إلى آلية لإغراق الملايين من المواطنين بالديون الاستهلاكية. فيما رأى آخرون، أنها خطوة للأمام لزيادة الإنتاج عبر تحريك المبيعات، إذا كانت هناك ضوابط للاستخدام.
وأكد محمد معيط وزير المالية المصري، في بيان اليوم إنه بنهاية 2021، سيتم الانتهاء من تحويل كل البطاقات الحكومية الإلكترونية لصرف مستحقات العاملين بالدولة إلى بطاقات الدفع الوطنية المطورة المعروفة إعلامياً بـ "كروت ميزة" المؤمنة ذات الشرائح الذكية اللاتلامسية.
وذكر أن بطاقات "ميزة" ستتيح خدمة "الراتب المقدم" لبطاقات المرتبات الحكومية مجاناً لمدة 6 أشهر اعتباراً من بدء تشغيل هذه البطاقات، بما يُعادل 30 بالمائة من قيمة الراتب، لافتًا إلى أنه سيتم خصم المبلغ المستخدم من خدمة "الراتب المقدم" في عملية الشراء من راتب الشهر التالي مباشرة.
وقال الخبير الاقتصادي الدكتور أحمد ذكر الله، إن فكرة إصدار بطاقات الرواتب الحكومية تتيح تقديم خدمات ائتمانية تُعنى بتسهيلات في السداد لتنشيط السوق الاستهلاكي، فكرة جيدة، ولكن مرهون نجاحها بوجود دخول مرتفعة للموظفين، وهذا ما لا يتوافر في سلم الأجور الحالي.
وأضاف: "النتيجة ستكون تحقيق نشاط مؤقت للأسواق، ما يؤدي لزيادة الطلب الوهمي ورفع الأسعار، سرعان ما تتراجع هذه الحالة، لعدم مقدرة الموظفين على الاستمرار في الاستدانة بضمان المرتب، نتيجة ضعف الدخول، وبالتالي تحدث فقاعة في الأسواق تؤثر حتمًا على كل من المنتج والتاجر والمستهلك".
وأشار ذكر الله إلى أنه إذا كانت الحكومة جادة في تنشيط السوق الاستهلاكي، عليها أن تعطي للموظفين قروضا طويلة الأجل على مدار 5 سنوات مثلًا وبدون فوائد.
بدوره، رأى الدكتور عبد النبي عبد المطلب، الباحث في الشؤون الاقتصادية، أنها مجرد خطوة في طريق الشمول المالي، ستساهم في زيادة قيمة الأموال المتاحة للاستهلاك، لكنها تحتاج إلى كم كبير من التوعية، وضوابط للاستخدام، كأن يكون هناك سقفًا أعلى لقبول الدفع المؤجل باستخدام هذه البطاقة سنويًا، حتى لا تتكرر ظاهرة الغرامات والغارمين في السوق المصري.
ولفت عبد المطلب إلى أن تأثير هذه الخطوة على الاقتصاد المصري يتوقف على أن يكون الاستهلاك من المنتج المصري، وبالتالي زيادة الإنتاج المحلي، ودخول استثمارات جديدة، أما إذا تم توجيه هذا الإنفاق نحو سلع مستوردة فسوف يكون التأثير سلبيًا على الاقتصاد المصري.
وفي تعليق مقتضب أوضح الدكتور أشرف دوابة، أستاذ الدراسات التمويلية، أن فتح المجال للتمويل الاستهلاكي وإن كان سيحرك الأسواق، سيحمل الناس المزيد من الديون.